طلب رئيس الوزراء اللبناني حسان دياب من الحكومة والقطاع المصرفي إعداد خطة لاستعادة الحد الأدنى من الثقة فيما تواجه البلاد أسوأ أزمة اقتصادية ومالية في عقود. وأكد دياب خلال اجتماع لمناقشة الوضع المالي والاقتصادي، الأربعاء، أن الانطباع الأول الذي حصل عليه من المصرف المركزي وجمعية المصارف أنه لا تزال هناك سبل للخروج من الأزمة. وقال في كلمة له في افتتاح الورشة المالية – الاقتصادية إن “الصورة السوداوية التي نسمعها، وطبعا التي يسمعها الناس، هي صورة غير صحيحة، أو غير دقيقة”. وأكد أن هذا لا يعني أن الحلول سهلة، لكن الانطباعات الموجودة في البلد أدت إلى فقدان الثقة بالدولة ومصرف لبنان وكل القطاع المصرفي. وورثت السلطات الجديدة، المدعومة من جماعة حزب الله المدرجة على لائحة الإرهاب الأميركية، اقتصادا تسوده الفوضى ويستشري فيه الفساد لأنه كان يخضع لنزوات بعض السياسيين ورجال الأعمال وإدارة فوضوية لموارد الدولة منذ ثلاثة عقود تقريبا. وحذرت الأوساط الاقتصادية مرارا من دخول القطاعات التجارية الحيوية في دائرة الركود الإجباري مع استمرار الضبابية التي تكتنف نشاط المصارف مع تواصل الاحتجاجات، في ظل تحميل مصرف لبنان المركزي رئيس الوزراء السابق سعد الحريري المسؤولية عما يحدث حاليا بسبب استقالته نهاية 2017. ويتعين على الحكومة الجديدة البت في سبل التعامل مع استحقاقات السندات السيادية التي تلوح في الأفق بما في ذلك سندات دولية بقيمة 1.2 مليار دولار تُستحق في مارس والتي وصفها وزير المالية بأنها “كرة نار”. وقال دياب “لقد طلبت إعداد خطة، بالتعاون بين الحكومة والبنك المركزي وجمعية المصارف، بهدف استعادة الحدّ الأدنى من الثقة التي هي حجر الزاوية في معالجة الأزمة”. وأوضح أن “الأرقام التي اطلعت عليها هي أرقام أستطيع القول عنها إنها تسمح بهامش واسع من المعالجات الجدية والتي تساعد على تبريد حرارة الأزمة، تمهيدا لإطفائها”. ومنذ أشهر، يواجه لبنان شحا في السيولة مع ارتفاع مستمر في أسعار المواد الأساسية وفرض المصارف إجراءات مشددة على العمليات النقدية وسحب الدولار. وتضاعفت نسبة التضخم بين شهري أكتوبر ونوفمبر الماضيين، وفق تقرير بنك بلوم للاستثمار، بالتزامن مع خسارة الليرة اللبنانية نحو ثلث قيمتها أمام الدولار في السوق الموازية. وكدليل على صعوبة الوضع، قدرت مؤسسة الدولة للمعلومات للأبحاث والإحصاءات أن عدد اللبنانيين الذين غادروا البلاد نهائيا بنهاية العام الماضي اقترب من حاجز الـ62 ألف مواطن مقارنة مع 41.7 ألفا قبل عام. ودأبت دول الخليج على تمويل اقتصاد لبنان الهش منذ فترة طويلة، غير أنها عازفة الآن، في ما يبدو، عن مد يد العون للمساعدة في التخفيف من حدة أسوأ أزمة مالية تواجه بيروت منذ العشرات من السنين وذلك لانزعاجها من تزايد نفوذ حزب الله. وحتى الآن، لم تعلق أي من دول المنطقة المتحالفة مع الولايات المتحدة رسميا على الحكومة اللبنانية الجديدة التي تشكلت بعد خلافات دامت أسابيع، كما أنها لم توجه دعوات علنية إلى دياب لزيارتها. وتعاني الموازنة اللبنانية من عجز متراكم يصل إلى نحو 6 مليارات دولار، إضافة إلى أعباء خدمة الدين العام الذي يزيد على 86 مليار دولار ويعادل نحو 150 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، وهي من أعلى المعدلات في العالم. وأقر البرلمان، الاثنين الماضي، موازنة 2020 رغم أن رئيس لجنة المال والموازنة إبراهيم كنعان أكد أن الإيرادات المتوقعة قد لا تكون واقعية لأن البلاد تواجه أزمة اقتصادية ومالية كبيرة. ونسبت وكالة رويترز لكنعان قوله إن “نسبة العجز المتوقعة في الموازنة هي 7 بالمئة من إجمالي الناتج المحلي وهي أكبر من المعدل المأمول به أصلا والذي بلغ 0.6 في المئة مع انكماش الاقتصاد وخنقه بسبب أزمة السيولة”.
مشاركة :