منذ نشوب الأزمة في سوريا، والشعب السوري في عيون دولة الإمارات وضميرها، قيادة وشعباً، وتسعى بكل الإمكانات إلى التخفيف من وطأة الظروف عليه، وتعمل جاهدة للتقليل من تداعيات وآثار الصراع الدائر منذ عام 2011 على حياة أبنائه ومستقبل أجياله، سواء في الداخل السوري، أو في مخيمات اللجوء التي توزع الكثير من أبنائه عليها في دول الجوار. والموقف الإماراتي في هذا الصدد ينطلق من العديد من الثوابت التي تقوم عليها سياسة الدولة ومواقفها في المجالات ذات الصلة، وفي مقدمتها أن الشعب السوري شعب شقيق يرتبط مع أهل الإمارات بوشائج الدين واللغة والتاريخ المشترك، وبروابط القربى وصلات التعاون الدائم، يلي ذلك التزامها الثابت بنهجها الإنساني الذي يتمثل في بذل المعونة والمساعدة، والوقوف إلى جانب الإخوة في الإنسانية على اختلاف معتقداتهم ولغاتهم وأعراقهم، والمبادرة الدائمة لإغاثة المنكوبين، والحضور في المناطق التي تتعرض للكوارث والأزمات، بهدف المساهمة في رفع المعاناة عن أبنائها. الإحصائية الحديثة التي أعلنت عنها وزارة الخارجية والتعاون الدولي، مؤخراً، أظهرت أن إجمالي المساعدات الإماراتية التي تم تقديمها إلى سوريا منذ عام 2012 وحتى الآن، بلغت 3.81 مليار درهم إماراتي، وأسهمت في تلبية الاحتياجات الضرورية، وتوفير الخدمات الأساسية في قطاعات التعليم والصحة والإسكان والكهرباء، وغيرها من الأنشطة، وهي جميعها قطاعات ترتبط بشكل مباشر بالحياة اليومية للناس، وبواقعهم المعيشي، وبمستقبل أبنائهم التعليمي، وهو أمر يؤكّد عمق الإدراك لاحتياجات الشريحة الغالبة من المجتمع السوري، والتماس المباشر والاطلاع عن كثب على همومهم وتطلعاتهم، وهي أمور لا تحدث إلا عندما يكون الاهتمام حقيقياً وصادقاً وأخوياً. مساعدات الإمارات للشعب السوري ذهبت أيضاً إلى ما هو أبعد من الأهداف الاعتيادية والتقليدية، من خلال شمولها العديد من برامج إعادة الاستقرار في سوريا التي تمّ دعمها بمبلغ 183.7 مليون درهم (50 مليون دولار أميركي)، بالتعاون مع الشركاء الدوليين، وشملت برامج زراعية ومشاريع إنتاجية، الهدف منها تعزيز ارتباط الإنسان بأرضه، وتشجيع اللاجئين على العودة ودعم استقرار الخدمات الأساسية وتحسين نوعيتها، بما ينعكس بشكل مباشر على نوعية حياة الناس، ويرتقي بها إلى المستوى المأمول. وتأتي الاتفاقية التي وقعتها الدولة مع الوكالة الفرنسية ACTED، لتقديم مساعدات إنسانية وإغاثية للسكان المتضررين من الصراع بقيمة تصل إلى 7.3 مليون درهم، بمنزلة البلسم الذي يداوي الجراح ويخفف الآلام، خصوصاً في هذا التوقيت الذي يعاني فيه اللاجئون السوريون في الكثير من المناطق قسوة الظروف الجوية، حيث تقيم الكثير من الأسر المحتاجة في العراء، وهي في أمس الحاجة إلى الخيم ومواد الإيواء. في عام 2018 كانت دولة الإمارات سباقة في منح رعايا دول الكوارث والحروب، ومن بينهم أبناء الشعب السوري الشقيق، إقامة لمدة عام مستثناة من الشروط المتبعة في إجراءات وتعليمات نظام إقامة الأجانب، وذلك بهدف إيواء من تقطعت بهم السبل، ورفع المعاناة عمن عانوا قسوة الصراعات ومرارة الحروب، وتوفير الفرصة لهم لإعادة تنظيم حياتهم وجمع شتاتهم عبر الإقامة والعمل داخل الدولة ليعيشوا حياة مستقرة وكريمة. هي مسيرة عطاء حافلة تمدّ دولة الإمارات يدها عبرها على مدار الأيام لتضمد جراح المنكوبين والمشردين من بيوتهم وأوطانهم والمحتاجين والمعوزين من الأشقاء والأصدقاء، وهو ما تشهد عليه بصماتها ومعالم إنجازاتها الإنسانية في مختلف بلدان العالم التي تشكل علامات تعبر عن كريم المقاصد ونبيل الأهداف والعطاء بلا حدود، والبذل من دون حساب، فيما يحفظ دماء الناس ويصون كرامتهم، وحين تمدّ دولة الإمارات يدها البيضاء لتقديم المعونة والمساعدة إلى الأشقاء في سوريا، فإنها تعمل باليد الأخرى، وبالتعاون مع كل الخيرين على تحقيق الأمن والأمان والاستقرار فيها، حتى يعود لشعبها سلامه وأمنه وحياته الطبيعية ليواصل مسيرته الحضارية، ويسهم في رفد مساعي النهضة والازدهار في المنطقة والعالم أجمع.
مشاركة :