إن الصين، ستقوم بتوسيع عملياتها، كما ستغدو قوتها الجوية هجومية، إضافة إلى كونها دفاعية، للمرة الأولى، في تحوّل رئيسي في السياسة، من شأنه أن يعزز المخاوف من نشوب صراع غير مقصود. وقالت وثيقة سياسية صادرة عن مجلس الدولة، أي مجلس الوزراء، إن الصين تواجه مجموعة خطرة ومعقدة من التهديدات الأمنية، تبرّر التغيير. وذكرت الوثيقة الحكومية الرسمية، أن جيش التحرير الشعبي، بما فيه الأسطول والسلاح الجوي، سوف يُسمَح له بمزيد من استعراض القوة خارج الحدود، في البحر وعلى نحو أكثر حزماً في الجوّ، من أجل الحفاظ على ممتلكاته البحرية. وقالت الوثيقة، إن السلاح البحري سوف يضيف حماية البحار المفتوحة إلى اختصاصه التقليدي المتمثل في الدفاع عن المياه العميقة. ويخاطر هذا الموقف بتصعيد التوتر حول الجزر المتنازع عليها في بحر الصين الجنوبي، ومناطق أخرى في المحيط الهادئ، حيث تعقد الولايات المتحدة العزم على حماية مصالح حلفائها مثل تايوان والفلبين. ففي الأسبوع الماضي ، تجاهلت طائرة أمريكية تحذيرات متكررة من الجيش الصيني من التحليق في مهمة استطلاعية فوق الجزر. وقالت صحيفة غلوبال تايمز، وهي صحيفة شعبية يديرها الحزب الشيوعي، إن الصين قد تُضطر إلى التسليم بحتمية نشوب صراع مع الولايات المتحدة. وقالت الصحيفة، التي تُعتبر في كثير من الأحيان، ناطقة بلسان القوميين المتشددين في الحكومة في بكين: إذا كانت النقطة الأساسية بالنسبة إلى الولايات المتحدة هي أن على الصين أن توقف نشاطاتها، فإنّ حرباً بين الولايات المتحدة والصين، واقعة لا محالة في بحر الصين الجنوبي. وذكرت وسائل الإعلام الحكومية يوم الثلاثاء، 26/5، أن بكين شرعت في بناء منارتين على الشعاب المرجانية في جزر سبارتلي، وهي نتوءات متناثرة تطالب بملكيتها مجموعة من الدول لا تقتصر على الصين، بل تشمل فيتنام والفلبين أيضاً. وفي الشهر الماضي، كشفت صور الأقمار الصناعية أن الصينيين انتهوْا تقريباً من بناء مهبط للطائرات على شِعبٍ مرجاني آخر- هو المعروف باسم الصليب الناري- بينما يمضون في تحويل صخرة أخرى- تُعرف باسم شِعب الأذى- إلى جزيرة كاملة من خلال استصلاح الأراضي. وقد وصفت مقالة غلوبال تايمز، بناء مدارج لإقلاع الطائرات وهبوطها، ومرافق ومباني ميناء، على جزر سبارتلي المتنازع عليها، بأنه الهم الأساسي للدولة. وفي مؤتمر صحفي في بكين، رفض يانغ يوجيون الناطق باسم وزارة الدفاع، الانتقادات الدولية الموجهة إلى سياسات الصين في بحر الصين الجنوبي، مُدّعياً أن الأمر لا يختلف عن بناء الطرق والمنازل على البرّ الصيني الرئيسي، وأنه سيعود بالنفع على المجتمع الدولي برمّته. وقال، من منظور السيادة، لا فرْق على الإطلاق، وأضاف إن بعض الدول الخارجية منهمكة كذلك في التدخل في شؤون بحر الصين الجنوبي. ويقول المحللون، إنه لا واشنطن ولا بكين، تبدوان في مزاجٍ يسمح بالتراجع وأن ثمة خطراً حقيقياً من أن يقع حادث بسيط في المجال الجوي حول الجزر، ويتصاعد سريعاً. قال روبرت دوجاريك، مدير معهد الدراسات الآسيوية المعاصرة، في جامعة تمبل اليابانية، أعتقد أن الخشية يجب أن تكون من سوء تقدير الصين للموقف. وقال، إن أيّاً من الأطراف لا يريد الحرب إذا كان بالإمكان تجنبها، ولكنْ ثمة خطوط حمر لدى كلا الطرفين.. وأخشى أن تكون الصين تعتبِر الولايات المتحدة قوة عالمية آخذة بالتراجع، وتفترض أن واشنطن سوف تتراجع إذا أقدمت بكين على إسقاط طائرة مراقبة امريكية. وكانت واشنطن قد آثرت أن لا تصعِّد أزمة كبرى اندلعت بعد أن اصطدمت مقاتلة صينية بطائرة جمع معلومات استخبارية تابعة لسلاح البحرية الأمريكي قبالة جزيرة هاينان في إبريل/ نيسان عام 2001. ولكن، كما يقول البروفيسور دوجاريك، سيكون ثمة ردُّ فعل مختلف، إذا وقع حادث مماثل ضِمن ما تُصرّ واشنطن على أنه مجال جوّي دولي فوق بحر الصين الجنوبي. وقد أثارت التطورات الأخيرة مخاوف جديدة في المنطقة، مما حدا برئيس تايوان، ما يينغ- جيو، إلى دعوة الدول المختلفة التي لها مطالبات في بحر الصين الجنوبي، إلى وضع خلافاتها جانباً، والانخراط في تنمية مشتركة لموارده الطبيعية.
مشاركة :