قال رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام مكرم محمد أحمد، بالتزامن مع الذكرى الأولى لوثيقة الأخوة الإنسانية، إنها تلك الصيحة الشجاعة التى صدرت عن القطبين، الطيب وفرنسيس، أكدت للعالم أجمع أن كافة الأديان تُحرم سفك الدماء، حرمها نبى الله موسى من فوق جبل حوريب في سيناء، وحرمها المسيح عيسى في موعظته فوق جبل الجليل، وحرمها آخر الأنبياء محمد فوق جبل عرفات، عندما قال في خطبة الوداع، إن دمائكم وأموالكم وأعراضكم حرام كحُرمة يومكم هذا في بلدكم هذا، ألا فليبلغ الشاهد منكم الغائب.وتساءل مكرم خلال كلمته بملتقى "إعلاميون من أجل الأخوة الإنسانية"، المنعقد اليوم الاثنين، بالعاصمة الإماراتية ابوظبي، هل تُنقذ وثيقة الأخوة العالم من حرب ثالثة ؟!، لافتا إلى أن وثيقة الأخوة ولقاء الطيب وفرنسيس في أبو ظبي الفارق الضخم بين وثيقة الأخوة الإنسانية وإحياء الفكر التكفيري لسيد قطب.وأشار إلى أن وثيقة "الأخوة الإنسانية" التى وقعها القطبان الكبيران، الإمام الأكبر الشيخ أحمد الطيب شيخ الجامع الأزهر وقداسة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية، باعتبارهما الرؤساء الدينيين لأكبر ديانتين سماويتين في العالم أجمع، وأكدا التزامهما بإشهارها والعمل على تنفيذ بنودها في حدث تاريخى مهيب شهدته دولة الإمارات العربية المتحدة التى يعيش على أرضها 200 جنسية من مختلف الأعراق في محبة وسلام مع احتفالها بعام 2019 الذى أعلنته الإمارات عامًا للمحبة والتسامح، مستكملا تساؤلاته: هل يمكن لوثيقة "الأخوة الإنسانية" التى شهد توقيعها هذه الكوكبة الكبيرة من رموز العالم وقادة الأديان وعلماءها ورجال الكنائس والسياسة والفكر والأدب أن تكون المنقذ للإنسانية من دعاوى الكراهية والعنف والظلم والإرهاب التى تقض مضاجع العالم شرقًا وغربًا وتكاد تأخذ الجميع إلى حرب عالمية ثالثة لا تبقى ولا تذر.وشدد على أن هناك أسئلة مهمة طرحها القطبان الكبيران ربما للمرة الأولى الشيخ الطيب والبابا فرنسيس على الضمير العالمى وصناع السياسات ومهندسى النظم السياسية بعد أن دفع مليار ونصف المليار مسلم ثمنًا باهظًا لحادثة تفجير برجى التجارة في نيويورك، وأُخذ الإسلام والمسلمون بجريرة بضع أفراد لا يزيدون على أصابع اليدين، ليظهر الإسلام في صورة الدين المتعطش لسفك الدماء، ويظهر المسلمون في صورة برابرة متوحشين أصبحوا خطرًا داهمًا على الحضارة الإنسانية، مضيفا أن سمع العالم أخيرًا وربما أيضًا للمرة الأولى في وثيقة الأخوة الإنسانية الإجابة الشجاعة والصحيحة للقطبين الكبيرين، الشيخ الطيب والبابا فرنسيس من أن الإسلام برىء شأن كل الأديان السماوية من العنف والكراهية والإرهاب وكافة الحركات والجماعات المُسلحة كائنا من كان دينها أو عقيدتها، لأن هؤلاء كما قال الشيخ الطيب قتلة وسفاكون للدماء ومُعتدون على الله ورسالته، وعلى المسئولين شرقًا وغربًا أن يقوموا بواجبهم في تعقب المعتدين والتصدى لهم بكل قوة.وتابع، صدرت وثيقة "الأخوة الإنسانية" من أجل السلام العالمى والعيش المشترك بإسم الله الذى خلق البشر جميعًا متساويين في الحقوق والواجبات، وبإسم النفس البشرية التى حرم الله إرهاقها، وبإسم الفقراء والبؤساء والمحرومين والأيتام والأرامل، وباسم الشعوب التى فقدت الأمن والسلام والتعايش في ثلاثة نسخ وقعها الشيخ الطيب والبابا فرنسيس نسخة للأزهر الشريف ونسخة للمقر البابوى في الفاتيكان ونسخة ثالثة لدولة الإمارات، في هذا الإحتفال المهيب الذى أقيم في صرح الشيخ زايد رحمه الله، وفى حضور هذه الكوكبة المهمة من رموز الأديان والسياسة والفكر والرأى، ووسط جو مُفعم بالأمل والتفاؤل لتؤكد أن التعاليم الصحيحة للأديان تدعو إلى التمسك بقيم الإسلام والتعارف المتبادل والعيش المشترك والأخوة الإنسانية، وأن الحرية حق لكل إنسان إعتقادًا وفكرًا وتعبيرًا، وأن التعددية والإختلاف في الدين واللون والجنس والعرق واللغة حكمة لمشيئة إلهية خلق الله البشر عليها، وجعلها الله أصلًا ثابتًا تتفرع عنه حرية الاعتقاد وحق الاختلاف وعدم إكراه الناس على دين بعينه، وأن العدل القائم على الرحمة هو السبيل الواجب إتباعه، وأن الحوار والتفاهم ونشر ثقافة التسامح وقبول الآخر والتعايش بين الناس يسهم في إحتواء الكثير من المشكلات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، وأن حماية دور العبادة من معابد وكنائس ومساجد واجب تكفله كل الأديان واستهدافها بالإعتداء أو التفجير أو الهدم يمثل خروجًا صريحًا عن تعاليم الأديان، وأن الإرهاب البغيض الذى يلاحق بالفزع والرعب كل الناس ليس نتاجًا للدين حتى وإن رفع الإرهابيون لافتات الدين، ولذا يجب وقف كل صور دعم الحركات الإرهابية بالمال والسلاح أو التخطيط أو التبرير، وأن مفهوم المواطنة يقوم على المساواة الكاملة في الحقوق والواجبات التى ينعم في ظلالها الجميع بالعدل، وأن العلاقة بين الشرق والغرب ضرورة قصوى لكليهما لا يمكن الإستعاضة عنها أو تجاهلها لأن الله خلق الشعوب كي تتعاون وتتبادل المنافع والأفكار، كما أن الإعتراف بحق المرأة في التعليم والعمل وممارسة الحقوق السياسية والحفاظ على كرامتها ضرورة مُلحة للتقدم وكذلك حقوق الأطفال الأساسية في التنشئة الأسرية والتغذية والرعاية، وفى سبيل تحقيق هذه الغايات يتعهد الأزهر الشريف والكنيسة الكاثوليكية بالعمل على إيصال هذه الوثيقة إلى صُناع القرار العالمى والقيادات المؤثرة، ويطالبان بأن تصبح وثيقة "الأخوة الإنسانية" موضع بحث وتأمل في كافة المدارس والجامعات لتساعد على خلق أجيال جديدة تحمل الخير والسلام ولايزال هذا المطلب مشروعًا يلبي احتياجاتها.واختتم: ما يُثير الكثير من الأمل والتفاؤل بأن وثيقة "الأخوة الإنسانية" يمكن بالفعل أن تكون نقطة انطلاق جديدة لمستقبل البشرية تمنع الحروب والفتن وتحد من نزاعات البشر، هذا التطابق الذى يكاد يكون كاملًا بين المعانى التى عبر عنها الشيخ الطيب، والمعانى التى عبر عنها البابا فرنسيس عندما أكد أن "الأخوة الإنسانية" وحدها هى يمكن أن تكون سفينة نوح الجديدة التى تعبر بالبشرية بحار العالم العاصفة إلى عالم جديد أكثر أمنًا وعدلًا وسلامًا، ويترسخ الإعتراف لدى الجميع أن الله هو أصل العائلة البشرية، وأن جذور البشرية مشتركة، وأن الجميع لهم حق في الكرامة عينها، ولا أحد يمكن أن يكون سيدا للآخرين أو عبدًا لهم، لافتا إلى أن احتضان الإمارات لأول قداس تطور طبيعى لما يحدث في منطقة الخليج، وفى السعودية يعيش أكثر من مليون ونصف المليون مسيحى.
مشاركة :