رغم أن الأنباء الواردة من الصين خلال الأيام الماضية تتناول تطورات وضع الوباء الذي ضربها وبدأ يتمدد في أنحاء العالم، إلا أن أحد أهم الأخبار التي تم تداولها على نطاق واسع أيضاً هو شروع الصين ببناء مستشفى متكامل في مدينة ووهان واكتماله خلال أسبوع واحد فقط، بالإضافة إلى تشييد 4 مراكز طبية في فترة زمنية لا تتجاوز العشرة أيام لتطبيب ضحايا الفيروس. وسائل الإعلام الصينية حرصت على توثيق وقائع إنجاز هذا المشروع المعجزة من خلال تصوير وتيرة العمل بطائرات مسيرة، ونقله بشكل واسع على وسائل التواصل الاجتماعي ناهيك عن عدد كبير من وسائل الإعلام الدولية. رغم أن قصة الوباء الذي اجتاح الصين مأساوية إلا أنها لا تخلو من زوايا ومساحات قابلة للاستغلال بشكل إيجابي، فقد استعرضت الحكومة هناك قدرة هائلة في إدارة الأزمة، ولو لم تتحرك الصين بالسرعة التي تصرفت بها لكان عدد الضحايا أضعاف الأرقام التي نشاهدها الآن؛ خصوصاً في بلد بهذا الحجم الهائل من السكان. هذه القدرة الصينية لم تتمثل فقط في الجوانب الوقائية والاحترازية والعزل والتعقيم والعلاج، بل أيضاً في إدارة المشهد إعلامياً، وهنا درس مهم في كيفية عصر الأزمات والخروج منها ببعض المكاسب الإعلامية. وذلك بالمناسبة من أكثر الأمور التي تغفل عنها كثير من الدول في حالات الكوارث نظراً لانشغالها بما هو أهم، إلا أنها ممارسة فعالة جداً في تخفيف وقع الحدث، والأهم في استعراض القوة التي تتمتع بها البلد لمواجهة التحديات. أحد أهم الأمثلة لهذه الممارسة خلال العقد الماضي هي حادثة انهيار منجم كوبيابو واحتجاز 33 عاملاً لمدة 69 يوماً على عمق 700 متر تحت سطح الأرض، حيث قامت الحكومة التشيلية بعملية إنقاذ مذهلة استخدمت فيها كبسولة معدنية متصلة برافعة صممت خصيصاً لهذا الغرض، كما أدارت عملية الإنقاذ إعلامياً بشكل رائع، وذلك منذ تصاعد خبر الكارثة وحتى لحظة خروج المحتجزين الذين كان في انتظارهم الرئيس التشيلي. تلك الحادثة ساهمت كثيراً في لفت أنظار العالم لقوة جمهورية تشيلي وقدرتها الكبيرة على التعامل مع الكوارث، خصوصاً بعد توظيف هوليوود لتلك الواقعة في فيلم The 33. إدارة الأزمات هي من أكبر التحديات التي تواجه الدول بسبب عنصر المفاجأة، إلا أن التعامل معها إعلامياً والتقاط الزوايا غير المستغلة هو فن يحتاج للكثير من التدريب والممارسة والأهم هو استيعاب أهميته البالغة في دعم صورة الدولة عالمياً.
مشاركة :