فن إدارة الأزمات إعلامياً (2)

  • 2/11/2020
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

كتبتُ الأسبوع الماضي مقالا يتناول التعامل الإعلامي مع الأزمات، انطلاقا من النموذج الصيني في التعامل مع وباء كورونا، وقبلها بعدة سنوات تعامل جمهورية تشيلي مع احتجاز عدد من العمال في حادثة انهيار منجم كوبيابو. التعامل مع الأزمات إعلاميا هو أحد أهم التحركات الاستراتيجية التي يجب أن تتزامن مع اندلاعها، وهي ما يحجم الضرر ويخفف من تداعياته، وهنا أريد أيضا أن أسوق مثالين لإدارة الأزمات إعلاميا بطريقة احترافية لكن هذه المرة على مستوى المنظمات التجارية وليس الدول. المثال الأول هو لسلسلة مطاعم كنتاكي في المملكة المتحدة، حيث تفاجأ البريطانيون بإغلاق 870 فرعا بسبب نقص حاد في مخزونات الشركة بعد تغيير المورد، فريق العلاقات العامة والاتصال في الشركة واجه مشكلة حقيقية تمثلت في الحد من الشائعات، وتوفير شرح ملائم لما حدث، وبالفعل أظهر الفريق الإعلامي تعاملا احترافيا رائعا للخروج من الأزمة بأقل قدر من الخسائر، بل وببعض المكاسب التسويقية. حيث اختار الفريق انتهاج أسلوب فكاهي للتعامل مع الأزمة، لكن بأكبر قدر ممكن من الشفافية، فتحت تغريدة تقول: "هناك الكثير من الثرثرة والشائعات التي يتم تداولها في كوخ الدجاج، إليك الحقائق" وضع الفريق أبرز الأسئلة التي رصدها من قبل الجمهور: ما الذي حدث؟ لماذا فشلتم في التعامل مع الوضع؟ ولماذا لا تعطون الموظفين رواتبهم؟ وهل ستقومون بتصريف ما تكدس من مخزونكم على المستهلكين؟ ثم قام الفريق بالرد على جميع الأسئلة بمنتهى الشفافية، كما حرصوا على تمرير رسائل ذكية تخدم أهدافهم من خلال الإجابات، مما ساهم في ابتلاع الشارع للأزمة وتجاوزها بسلاسة. المثال الثاني أكثر تعقيدا وإثارة للجدل، حيث تفجرت أزمة في وسائل التواصل على خلفية تصرف عنصري قام به أحد موظفي ستاربكس بعد أن اتصل بالشرطة لأن شابين أسودين مكثا في المقهى دون أن يطلبا القهوة، كان تبرير الشابين هو أنهما ينتظران وصول أحد الأصدقاء ومن ثم الطلب معا، إلا أن تصوير حادثة وصول الشرطة وطردهما من المقهى بالفيديو أدى إلى تفجر الأزمة واتهام ستاربكس وموظفيها بالعنصرية ضد السود. لكن عملاق صناعة القهوة اختار التحرك سريعا لاحتواء الأزمة ودمدمة الخسائر، حيث نشر الرئيس التنفيذي تصريحا يقول فيه: "ما حدث هو خطأ، ودوري كرئيس أن أتعلم منه وأن أفهمه وأن أقوم بإصلاحه" بعد ذلك أعلنت الشركة إغلاقا مؤقتا لـ8 آلاف فرع من فروعها في الولايات المتحدة لسبب واحد، "تدريب موظفيها على احترام جميع الأعراق". ورغم خسارة الشركة التي بلغت 12 مليون دولار بسبب هذا الإغلاق، إلا أنها ضمنت عبورا آمنا لهذه الأزمة ودمدمتها بأسرع وقت ممكن.

مشاركة :