هل يتعلم المحامون العودة إلى المنزل وأخذ قسط من النوم؟

  • 2/4/2020
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

يقول جيف بيرد، عالم في علم الأعصاب الإدراكي في جامعة أوكسفورد: "جميع شركات المحاماة تقول إن لديها مشكلة مع الإجهاد". بيرد زائر كثير التردد على مكاتب المحاماة، حيث يجري محادثات حول تأثير الحرمان من النوم في الصحة العقلية والرفاهية البدنية. تشمل حواراته حقائق حول الأثر في العمل والحياة الشخصية، تزعج المحامين الذين يفخرون بالعمل حتى ساعات الصباح الأولى. في الولايات المتحدة، وجد تقرير صادر في عام 2016 أن لدى مهنة المحاماة معدلات عالية من تعاطي الكحول، وأن الاكتئاب والقلق والإجهاد في مستويات عالية. تقول "لو كير" LawCare، مؤسسة خيرية قانونية في المملكة المتحدة، إن نحو 27 في المائة من المتصلين بخط المساعدة للمؤسسة في عام 2017 اشتكوا من الإجهاد، في حين تحدث 17 في المائة عن الاكتئاب. وجدت أبحاث نشرتها كلية الحقوق في جامعة نيوكاسل في المملكة المتحدة في حزيران (يونيو) الماضي أن العمل في مهنة المحاماة كان "محفزا للقلق" وأوصت بضرورة اعتبار "الرفاهية والصحة العقلية والقلق مسائل أساسية تخص العمل في الشركات القانونية". قالت مع وجود أدلة واضحة على الفوائد من حيث التكاليف والتوظيف، الرفاهية والصحة العقلية "يجب أخذهما على محمل الجد من قبل شركات المحاماة". المنافسة الشديدة وساعات العمل الطويلة والتكنولوجيا الجديدة والموظفون الطموحون للغاية، كل هذه الأمور تسهم في الضغط. المنافسة من الشركات الأمريكية دفعت شركات المحاماة في المملكة المتحدة إلى رفع رواتب المساعدين المبتدئين، لتصل إلى أكثر من 100 ألف جنيه استرليني. هذه المستويات المرتفعة من الأجور تجعل من الصعب مقاومة أعباء العمل الكبيرة. يقول البروفيسور بيرد إن الوضع في شركات المحاماة يزداد سوءا بسبب الافتقار إلى الدعم الاجتماعي، حيث يعتني الناس ببعضهم بعضا. أحد الأسباب هو طريقة تقاضي الشركات وكيفية إظهار المحامين الالتزام تجاه صاحب العمل. يقول: "إن الساعات مدفوعة الأجر تحفز الناس لمنافسة بعضهم بعضا، ما يولد ثقافة المنافسة". العامل الآخر الأقل وضوحا هو المكتب المفتوح. يقول البروفيسور بيرد: "كنت تظن أن الانتقال إلى المكاتب المفتوحة (من شأنه) بناء الدعم الاجتماعي، لكن في الواقع، إذا أزلت الجدران المادية فإنهم سيستخدمون ’جدرانا اجتماعية‘، مثل سماعات الرأس". من الصعب قياس ما إذا كانت ممارسات العمل قد أضافت إلى الإجهاد، أو ما إذا كان الوعي المتزايد بتأثير مشكلات الصحة العقلية قد زاد من الأشخاص المستعدين لمناقشتها. ومع ذلك، المحادثات حول النوم هي علامة على أن القطاع القانوني، المعروف بالساعات الطويلة وغير الاجتماعية، يواجه أسئلة تتعلق بالرفاهية العقلية. ريتشارد مارتن، مدير في شركة الاستشارات المتعلقة بمكان العمل "بيرن دين" Byrne Dean، لكنه أيضا محام سابق مختص في قضايا العمل يعاني مشكلات صحية عقلية شديدة. يقول إن مهنة المحاماة كانت أبطأ من القطاعات الأخرى في دعم مبادرات الصحة العقلية، لكنها تعمل على مدار العامين أو الثلاثة الماضية على اللحاق بالركب. إليزابيث ريمر، الرئيسة التنفيذية لمؤسسة لو كير الخيرية، لاحظت أيضا زيادة الاهتمام. بصرف النظر عن المحادثات، أطلقت بعض شركات المحاماة مبادرات بدءا من التطبيقات الذهنية والتدريب على الإسعافات الأولية في مجال الصحة العقلية إلى المعالجين النفسيين الميدانيين. تم تشجيع كبار الشركاء والمديرين الإداريين على مشاركة قصصهم الخاصة عن التوتر والقلق. يقول البروفيسور بيرد إن هذا يمكن أن يغير الثقافة التنظيمية. لكن هناك خطر أيضا، فهو يخشى أن تجعل هذه الأمثلة التي يحتذى بها الاكتئاب والقلق أمرين طبيعيين. شركة المحاماة "هوجان لوفيلز" Hogan Lovells استحدثت برنامج "بروجيكت ريسبيكت" Project Respect، الذي يتضمن ورش عمل ومحامين مدربين، لتشجيع الموظفين الذين يفضلون عدم نقل مشكلتهم إلى الموارد البشرية والحديث معها عن المضايقات والتنمر. مع ذلك، هناك خطر من أن تعتقد الشركات أن تنفيذ مبادرات الصحة العقلية يحل المشكلة. تقول ريمر: "الأمر يتعلق بإصلاح المنظمة بدلا من الناس. غالبا ما يكون الأشخاص الذين يقودون فرقا محامين جيدين، لكنهم قد لا يجيدون قيادة الأفراد". "كما يمكنك الحصول على الثقافات الصغيرة في شركات المحاماة. قد تكون لديك سياسة جيدة في العمل في المنزل، ولكن إذا لم يوافق مديرك عليها، فلا يمكنك (الاستفادة منها)". في تشرين الأول (أكتوبر) 2018، شركتا المحاماة "بينسينت ماسونز" Pinsent Masons و"أدليشاو جودارد" Addleshaw Goddard ومحامون في "باركليز" كشفوا عن ميثاق "مايندفول بيزنس تشارتير" Mindful Business Charter، وهو مجموعة من 22 قاعدة تهدف إلى معالجة مسألة ساعات العمل الطويلة وتخفف التوتر. ومنذ ذلك الحين، وقعت على الميثاق منظمات أخرى، بما في ذلك مكاتب المحاماة والعملاء. تقول كيت دود، مستشارة التنوع والإدماج في شركة المحاماة بينسينت ماسونز، التي ساعدت على وضع الميثاق، إن الخطوة أطلقت نقاشا بين الفرق حول ساعات العمل ومتى يتوقع أن يعمل الموظفون. تقول "كان هذا يعني التحدث عما يعنيه أن تكون ’محترما‘ لحياة الناس - تحديد بعض الأمور غير القابلة للتفاوض، مثل أخذ طفل من المدرسة يوما في الأسبوع أو الذهاب إلى المنزل للاستحمام أو حضور دروس اليوجا". "لقد تحولنا إلى ثقافة حيث يجب على المحامين الاستجابة (لمطالب العملاء والزملاء)". بعد بضعة أشهر من ظهور الميثاق، تحدثت الشركة إلى المساعدين الشخصيين والمحامين المبتدئين حول الممارسة اليومية. تقول دود: "لقد اعتدنا على التفكير في أن كل شيء مستعجل. لا يوجد هناك شخص عمله مستعجل دائما". تقول بيكا لبيب، محامية مساعدة في شركة بينسينت ماسونز، إن الميثاق أصبح جزءا من اللغة الدارجة"، مضيفة أن المحادثات غيرت الأعباء "إذا قال أحدهم إنه سينتظر حتى مساء الجمعة لإرسال بعض المستندات، فسيتم استدعاؤه". يقول مارتن، من شركة بيرن دين، إن الجانب التعاوني للميثاق - انضمام العملاء وكذلك شركات المحاماة - أمر مهم. "لو كان الأمر مجرد محامين، فلن ينجح. ستكون هناك بعض الشركات التي تقول: ’هل نحن (...) في وضع تنافسي ضعيف للانضمام؟ ما الذي سيفكر فيه عملاؤنا؟‘ مع تزايد عدد شركات المحاماة (المشاركة)، فإن ذلك يقلل من المخاطر". ويضيف أن الموظفين الأكبر سنا الذين يقاومون مثل هذه التغييرات يمكن أن يمثلوا مشكلة. في أي شركة سيكون هناك شركاء أقل وجودا. من الجيد التحدث عن هذه الأمور من الناحية النظرية، لكن إذا كانت الساعة 11 ليلا عندما يطلب العميل طلبا، فإن تغيير 40 عاما من الخبرة والعادة أمر أصعب. يقول مارتن إن شركات المحاماة بحاجة إلى أن تبلغ الموظفين الأكبر سنا بأن العمل الشاق والمكثف لا يحتاج إلى أن يكون طقس مرور لزملائهم الأصغر سنا. أضاف أن القوى العاملة تغيرت منذ الأيام التي كانت فيها شركات المحاماة مغمورة بالمحامين الذكور مع قليل من المخاوف بشأن رعاية الطفل. في المستقبل، يأمل البروفيسور بيرد أن تصبح الصحة العقلية مصدر قلق لمزيد من عملاء شركات المحاماة. "يستغرق الأشخاص المجهدون وقتا أطول مرتين إلى ثلاث مرات لأداء المهام. (إذا كان المحامون الخاصون بي مجهدين) فأنا أفرط في الدفع. إذا كنت أعرف أن هناك شركة لديها أشخاص مرتاحون، فسأقدم لهم أعمالي، لأنها أفضل قيمة مقابل المال". للحد من التوتر يوصي بيرد بالآتي: - احصل على سبع ساعات على الأقل من النوم كل ليلة. لكن من الأفضل ثماني ساعات. - تعلم التمييز بين الضغط والإجهاد. إذا كنت مجهدا، فقد حان الوقت لاتخاذ إجراء فوري. - اتخذ خطوات لتحسين دعمك الاجتماعي، وهو أمر مهم للغاية. انضم إلى الأندية والفرق الرياضية وساعد الناس. لا تفعل هذه الأمور: - أن تجعل بريدك الإلكتروني مفتوحا أثناء العمل - فهو يدمر إنتاجيتك ويزيد من الاجهاد. - التمرين متأخرا جدا في الليل لأنه يمنعك النوم. - العمل في شركة تشجع موظفيها على المنافسة، لأنك تحتاج إلى زملاء يعتنون ببعضهم بعضا.

مشاركة :