تكافح سلطات لبنان الذي يمر بأزمة سيولة لاتخاذ قرار بشأن سندات دولية قيمتها 1.2 مليار دولار تستحق في مارس آذار، لكن مصادر سياسية ومصرفية قالت اليوم الثلاثاء إنها تميل لسداد مستحقات حامليها من الأجانب ومقايضة المستثمرين المحليين. لبنان، الذي لم يسبق له قط التعثر في سداد دينه الثقيل، في خضم أزمة مالية واقتصادية حطمت الثقة في البنوك وأطلقت شرارة احتجاجات ضد النخب السياسية المتهمة بدفع البلاد نحو الانهيار. وقال مصدر حكومي ومصدران سياسيان كبيران إن خلافات كبيرة مازالت قائمة بشأن الخيارات: السداد الكامل، أو الطلب من الحائزين المحليين للإصدار مقايضتها بسندات أطول أجلا بما يرجئ السداد ما لا يقل عن عشرة أعوام، أو ببساطة عدم الدفع. وقال اثنان من تلك المصادر وثلاثة مصرفيين كبار إن المقايضة ستخفف الضغط على احتياطيات النقد الأجنبي الآخذة في التناقص وتشتري بعض الوقت. وقالت ثلاثة مصادر إن الحكومة لم تشرع في أي خطوات في اتجاه خيار عدم سداد. وارتفعت سندات لبنان الدولارية في الأيام الأخيرة، وتجلت الزيادة على الأخص في السندات الأقصر أجلا، مما يشير إلى تنامي التوقعات بأن الحكومة قد تدفع التزامات ديونها الأقرب. ولدى البلد سندات دولية بقيمة 2.5 مليار دولار مستحقة السداد بخلاف مدفوعات فوائد بقيمة 1.9 مليار دولار في 2020. وبحسب بيانات آر.آر.بي.إس بوندز، صعد إصدار مارس آذار 2020 في جلسات التداول الأربعة الأخيرة 12 بالمئة وكان يجري تداوله عند 84.6 سنت للدولار اليوم. في المقابل، يجري تداول سندات لبنان الأطول أجلا عند خمسين سنتا للدولار أو أقل، مما يشير إلى احتمالية أقوى للتعثر في سداد الديون أو إعادة هيكلتها في مرحلة ما. وقال المصدر الحكومي إن لبنان، الذي ينوء بأحد أثقل أعباء الديون في العالم، لن يكون قادرا على تجنب إعادة هيكلة الدين في وقت ما وسيحتاج مساعدة من صندوق النقد الدولي، مما سيتطلب إجماعا في المشهد السياسي المتشظي بلبنان. وقال بول مكنمارا مدير الاستثمار لدى جي.إيه.إم لإدارة الأصول “تأجيل المواجهة بالسداد يعني حسب كثير من المال من الموارد الشحيحة وهناك المزيد من الاستحقاقات قادمة في أبريل نيسان ويونيو حزيران، لذا هو متنفس إضافي لأشهر قليلة فحسب.” وقال المصدران السياسيان إن رئيس الوزراء حسان دياب يفضل سداد مدفوعات مارس آذار في موعدها لتفادي الإضرار بسمعة البلاد بينما تحاول حكومته التي شُكلت الشهر الماضي استعادة ثقة المانحين الدوليين. وقال أحد المصادر السياسية لرويترز “لا يريد أن يبدأ ولايته بتعثر في التزامات الديون وتوجيه أي إشارة سلبية للمجتمع الدولي.” وتحذر وكالات التصنيف الائتماني من أن المقايضة قد تنطوي على تعثر انتقائي. وقال أحد المصرفيين الكبار إنه يتوقع أن تطلب الحكومة من حاملي السندات المحليين الموافقة على المقايضة. وقال “هذا سيء بالنسبة للبنوك… لكن لا يبدو أن لدينا الكثير من الخيارات.”
مشاركة :