إعانات الطاقة تكبّد إيران 16 مليار دولار سنوياً

  • 10/28/2013
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

شن جعفر قادري عضو لجنة الميزانية في البرلمان الإيراني انتقادات لاذعة على المنح النقدية التي قدمتها الحكومة الإيرانية السابقة للتعويض عن ارتفاع أسعار الوقود، مؤكداً أنها تستنزف موارد الدولة وتحرم شركات الطاقة الحكومية من أموال تحتاجها لتطوير مشاريع ضرورية. وبحسب رويترز، فإنه في كانون الأول (ديسمبر) 2010 خفضت حكومة الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد الدعم الذي جعل أسعار وقود السيارات في إيران ثاني أدنى أسعار بعد فنزويلا وأعادت جزءًا من الإيرادات التي جمعتها إلى بعض الأسر الإيرانية نقدا. وأظهرت دراسة أجراها المعهد الدولي للتنمية المستدامة أن خفض الدعم نجح في ترشيد استخدام الوقود وتقليل الهدر، غير أن نظام الإعانات النقدية الذي يهدف إلى تخفيف المعاناة تحول إلى دعم أوسع نطاقا للإيرانيين لمساعدتهم على مواكبة التضخم المتصاعد بسبب العقوبات الغربية الصارمة المفروضة على البلاد. وأضاف قادري أن المنح النقدية تستنزف موارد شركة الغاز الوطنية الإيرانية، والشركة الوطنية الإيرانية لتكرير وتوزيع النفط، ما يمنعهما من تشييد البنى التحتية المطلوبة بشدة. ونقل الموقع الإلكتروني لوزارة النفط الإيرانية أمس عن قادري تأكيده أنه بدون دفع صافي التكاليف للشركات القابضة لن تستطيع تلك الشركات تنفيذ مشاريعها التنموية. وتنوي الحكومة الإيرانية التي تفتقر إلى المال شطب المساعدات الشهرية التي تقدمها لأغلب الإيرانيين تقريباً، وهو إجراء يمكن أن يثير غضباً شعبياً، في وقت تعاني فيه البلاد التضخم والبطالة. ورغم أن حسن روحاني الرئيس الإيراني، وعد مواطنيه فور توليه منصبه في آب (أغسطس) بالتخفيف من صعوباتهم الاقتصادية، إلا أن المسؤولين يرون أن الأولوية لتقليل العجز في الميزانية، المقدر بشكل غير رسمي بنحو 28 مليار دولار، الناتج عن السياسات التي اتبعتها الحكومات السابقة، والعقوبات الدولية المفروضة بسبب برنامجها النووي. ولاتخاذ إجراء حول ذلك، بدأ المسؤولون بإعادة النظر في آلية الدفع النقدي التي يتلقى بموجبها 76 مليون إيراني مبالغ نقدية شهرية في السنوات الثلاث الماضية، لمساعدتهم على تكاليف الطاقة وسلع أساسية أخرى. وأفاد ولي الله سيف، محافظ البنك المركزي الإيراني، أن البرلمان والحكومة وافقا على إصلاح خطة الدفع ابتداء من 20 آذار (مارس) 2014، وهي نهاية السنة الإيرانية الحالية. وأثار المسؤولون الإيرانيون مسألة إخراج فئة الإيرانيين من أصحاب الأحوال المادية الجيدة الذين ربما يشكلون ثلث السكان من خطة الدعم، ولكن ربما يؤدي هذا إلى خطر تأجيج نيران الاضطرابات في البلاد. وسبق لحكومة نجاد أن قطعت الدعم عن الطاقة وسلع أساسية أخرى في كانون الأول (ديسمبر) من عام 2010، في مسعى منها للحد من الهدر في الاستهلاك وتوفير المال، وهو الإجراء الذي نال استحسان صندوق النقد الدولي. وللتعويض عن الارتفاع في الأسعار الناتج عن ذلك، أمر البرلمان الإيراني الحكومة بإعطاء نصف المال الموفر من قطع الدعم للفقراء، على صورة دفعات نقدية شهرية. وكان من المقرر استخدام بقية الدخل لمساندة الصناعة المحلية، وبدلاً من أن يفعل نجاد ذلك، وسّع خطة الدفع لتشمل كل الإيرانيين تقريباً، مستهلكاً بذلك كل المال الذي جرى توفيره من قطع الدعم، بل حتى وزاد عليه فيما بعد. أما الصناعة المحلية، فقد تحملت تبعات هذه السياسة، وعانت الارتفاع الحاد في تكاليف الطاقة، الأمر الذي أفقدها القدرة على منافسة الواردات الرخيصة، كما عمل هذا الإجراء، الذي انتقده كثير من الاقتصاديين الإيرانيين، على زيادة التضخم، الذي بلغ حالياً نحو 40 في المائة. وبسبب انخفاض قيمة الريال الإيراني بنسبة 50 في المائة تقريباً منذ العام الماضي بسبب العقوبات، انخفضت أيضاً قيمة الدعم المقدم من 45 دولاراً إلى 18 دولاراً، ما خلق طلباً برفع قيمة هذا الدعم. وذكر مجيد أنصاري، نائب الرئيس للشؤون البرلمانية أن الحكومة توفر 280 تريليون ريال (11.5 مليار دولار) سنوياً من قطع الدعم، ولكن هذا يتضاءل مقارنة بالمبلغ الذي تدفعه نقداً، وهو 400 تريليون ريال (16.1 مليار دولار)، مؤكداً أن الفجوة هائلة لدرجة أصبح من المستحيل معها الاستمرار في ذلك، مضيفاً أنه أصبح من واجب الحكومة والبرلمان إيجاد طريقة لإيقاف تقديم المساعدات لكثير من الناس. وتقول الحكومة: إن هناك طريقتين لعمل ذلك، الأولى هي التقليل من عدد الذين يتلقون هذه المساعدات، والثانية هي زيادة أسعار الطاقة لتمويل آلية الدفع الحالية. وعلى الرغم من أن كلا الخيارين لا يحظيان بأي شعبية، إلا أن الأخير يمكن أن يسبب ضرراً أكبر للحكومة الجديدة، فالناس لا يشتكون من فواتير الطاقة العالية جداً فحسب، بل إن كثيرا من العاطلين عن العمل لجأوا للعمل كسائقي تاكسي، ويعتمدون على الوقود الرخيص للوفاء بالتزاماتهم. وتؤكد وزارتا الطاقة والنفط المسؤولتان عن تغطية الفرق بين الوفورات من الدعم والدفعات النقدية، أنهما أصبحتا غير قادرتين على عمل ذلك. حذر بيجان نامدار زانجانة، وزير النفط، من أن نظام التعويضات الحالي كان يعمل مثل العملاق الهائل الجاثم على رقبة وصدر قطاع الطاقة، دافعاً إياه باتجاه الدمار الشامل. وحتى بعد الارتفاع الشديد في الأسعار ظل أصحاب السيارات في إيران يدفعون 0.33 دولار في المتوسط لشراء اللتر (1.25 دولار) في عام 2012، مقابل متوسط عالمي يبلغ 1.41 دولار للتر وفقاً لبيانات البنك الدولي. وذكر موقع وزارة النفط أن انخفاض أسعار الوقود فضلا عن نقص التمويل بسبب المنح النقدية أدى إلى عجز الشركة الوطنية الإيرانية للتكرير عن تغطية تكاليف التوزيع ومن ثم لجأت لبيع سندات لتدبير التمويل. كان وزير النفط الإيراني بيجن زنجنه قد أشار في أوائل تشرين الأول (أكتوبر) الجاري إلى أن الحكومة تستعد لتطبيق زيادة جديدة في أسعار الوقود من أجل تخفيف عبء الدعم على الاقتصاد المتضرر بشدة جراء العقوبات الغربية. وأرجأت إيران حزمة ثانية من الإصلاحات التي كانت مقررة في منتصف 2012، وذلك لأسباب منها الخوف من أن تتسبب في معاناة أكبر من اللازم في ضوء تهاوي مستويات المعيشة بالفعل، بسبب العقوبات.

مشاركة :