جرائم التفجير التي ارتكبت في مسجد الإمام علي كرم الله وجهه وفي مسجد الإمام الحسين رضي الله عنه وقبلها في حسينية الدالوة هزت وجدان الأمة، والضحايا الذين استشهدوا انتزعوا معهم قطعاً من أفئدتنا، ولكل منهم قصة تدمي المآقي وخلف كل منهم أم مكلومة أو أب جريح أو طفل مشدوه لا يجد تفسيراً لغياب أبيه أو أرملة ثكلى حرمها الإرهابيون من السند العضيد. هيجت تلك الجرائم مشاعر المواطنين ولقد كان جميلاً أن نرى وفوداً شعبية عفوية تتقاطر نحو القديح لتنقل التعازي من أرجاء الوطن إلى أهالي الضحايا، وكنت أتمنى لو أن كل منطقة قد نظمت وفوداً شاملة للمشاركة في تشييع جنازة الشهداء وتقديم العزاء وإظهار مشاعر الأخوة والتلاحم، فما أصاب القديح يمكن أن يصيب أهلنا في الشمال أو الجنوب، بل إن علينا أن نتوقع أن تسعى داعش إلى شن هجمات مماثلة في مواقع أخرى في المملكة بهدف إثارة المشاعر وإشعال نار الفتنة، وعلينا أن نتصدى لهذا المشروع التدميري باليقظة والالتفاف حول راية الدولة وسلطتها وعدم الانسياق خلف المشاعر الملتهبة ولا خلف أقاويل التحريض والتبرير. في خضم الاستنكار الشامل الذي قوبلت به هذه الجرائم تأتي أصوات أحسبها حسنة النية تسعى بشكل أو بآخر إلى إيجاد المبررات أو الأعذار لمرتبكي هذه الأفعال، ومنها ما قد سئمنا سماعه من أن هؤلاء ليسوا إلا شباباً طائشاً ضل السبيل وغرر بهم، وهم فعلاً كذلك، ولكن ذلك لا يخفف عنهم مسئولية عملهم الخبيث وإنما يجب أن يشرك في المسئولية من غرر بهم وأضل سبيلهم أو هيأ المناخ الفكري لهم ولأعوانهم، ويأتي آخرون ليحملوا مسئولية العمل على إيران وأمريكا أو إسرائيل، وكأنهم يدعون بطهر هؤلاء الإرهابيين وبخلو ساحتنا من الفكر الذي غذى حقدهم والتحريض الذي جعلهم يستبيحون دماء فئة من المواطنين، إننا عندما نعتنق نظريات المؤامرة باحثين عن راحة الضمير إنما نكون كمن يدفن رأسه في الرمال ويعجز عن المواجهة الصريحة لجذور الفتنة وأسبابها. يا إخوتنا في القديح وفي كل مكان، عزاؤنا لكم ولنا فمصابنا واحد، ولنلتف جميعاً يداً واحدة خلف راية الوطن، واحذروا أن تقعوا في مصيدة اللوم أو التصعيد والفتنة، واعلموا أن قلوبنا تنزف معكم، ولكن عزيمتنا لن تهون أو تستكين أمام الإرهاب، وصبراً جميلاً والله المستعان. afcar2005@yahoo.com
مشاركة :