كشفت مصادر إعلامية عن تواصل تقديم الأدلة في قضية تورط أميركيين مقربين من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في قضايا غسيل أموال واحتيال. وأشارت هذه المصادر إلى أن المرحلة القادمة من محاكمة الأخوين يعقوب وإشعياء كينغستون في ولاية يوتا الأميركية ستُستأنف هذا الأسبوع. وتعود أطوار هذه القضية التي بات يربطها البعض بشخصيات مؤثرة في تركيا إلى محاولة الأخوين كينغستون، اللذين ينحدران من طائفة المورمون، ارتكاب عملية احتيال بمبلغ يربو على مليار دولار من خلال شركتهما، وحصلا على 470 مليون دولار من الإعفاءات الضريبية من وزارة الخزانة الأميركية مقابل وقود حيوي متجدد لم ينتجاه. وذكرت مصادر لـ “العرب” أن الأخوين كينغستون سعيا إلى إيجاد ملاذ آمن لإيداع عائدات مخططهما، واستقرا في نهاية المطاف على تركيا. وتشير الوثائق المقدمة للقضاء الأميركي إلى أنهما حولا حوالي 140 مليون دولار للاستثمار في قطاعات متنوعة من خلال العديد من الشركات المملوكة لرجل الأعمال التركي سيزجين باران كوركماز، بما في ذلك أس.بي.كيه هولدينج وكوماك وبلين وستون وسيتاب وإسان سارل ومقرها لوكسمبورغ. وقد ذكر كوركماز المقرب من أردوغان صلاته التجارية بالأخوين كينغستون في مقابلات عديدة قبل أن تصبح جرائمهما معروفة للعلن. الأخوان كينغستون أنكرا امتلاك مؤسسات في تركيا لكنهما تراجعا عن أقوالهما بعد عثور ضباط اتحاديون على وثائق وقد ظهر كوركماز في صورة مع يعقوب كينغستون وأردوغان في 2017. ولكن منذ القبض عليهما في 2018، لاسيما بعد إقرارهما بالذنب في قضية احتيال بمبلغ 511 مليون دولار في يوليو الماضي، التزم رجل الأعمال التركي الصمت إزاء هذه القضية. وعند تتبع علاقة الأخوين مع كوركماز وتركيا توصلت الجهات المعنية بالقضية إلى المجلس الأميركي التركي، وهي جماعة ضغط مرتبطة بالحكومة التركية، واجتماعها السنوي في واشنطن في عام 2017. وخلال كلمته في الاجتماع، تطرق رجل الأعمال التركي لوجود علاقة وثيقة مع أسرة كينغستون. وبحلول أغسطس من 2019، تم القبض على الأخوين عندما حاولا ركوب طائرة متجهة إلى تركيا. وتم استخدام ذلك كسبب رئيس في رفض الإفراج بكفالة عن الأخوين أثناء محاكمتهما بسبب خطة الاحتيال التي استفادت من الإعفاءات الضريبية التي عرضتها الحكومة الأميركية على منتجي الوقود. وقال الأخوان كينغستون، وهما ينتميان إلى طائفة المورمون التي يعد قوامها 7000 شخص، إن شركتهما تنتج كميات كبيرة من وقود الديزل باستخدام مواد النفايات من مزارع أسرتهما، وتستخدم زيوت الطهي وغيرها من النفايات. وقد تمكنا من المطالبة بإعفاءات ضريبية مقابل كل جالون من الديزل المنتج. ولكن في الواقع، كان الأخوان قد استوردا زيت الديزل ولم ينتجا أي شيء وبدلا من ذلك، قاما بإنشاء نظام لشراء وإعادة بيع نفس الديزل لشركتهما من خلال شركات وهمية. ومن خلال تصدير هذا الديزل لشركات وهمية في بنما ومن ثم شحنه مرة أخرى إلى هيوستن، فقد تعاملا على أن الديزل وقود حيوي أنتجته شركتهما للمطالبة بدعمهما من وزارة الخزانة. وقد در هذا المخطط وغيره على الأخوين 470 مليون دولار، بالرغم من أن ممثلي الادعاء قالوا إن مخططهم إذا لم يتم اكتشافه كان يمكن أن يحقق مكاسب قد تصل إلى مليار دولار. وتشير مصادر إلى أن حوالي الـ140 مليون دولار من هذه الأموال وصلت إلى تركيا، حيث اشترى الأخوان عقارات وقاما باستثمارات كبيرة في القطاعين الدوائي والمالي وأسسا شركة تحت اسم ميجا فارليك. وجرت المعاملات بوساطة ليفون تيرمنجزيان، المعروف أيضا باسم ليف ديرمين، وهو أحد شركاء كوركماز. وديرمين هو مواطن أميركي من أصل أرمني يتحدث اللغة التركية ولديه روابط وثيقة بدوائر سياسية في تركيا مرتبطة بالأساس بحزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه أردوغان. وقد وصفت مصادر الرجل بأنه مرتبط بالمافيا. وأنكر الأخوان في البداية امتلاك أي مؤسسات في تركيا، لكنهما اضطرا للتراجع عن هذه الأقوال بعد أن عثر ضباط اتحاديون على وثائق تثبت ممتلكاتهما خلال مداهمات لمكاتبهما. وفي لائحة الاتهام، يقول ممثلو الادعاء إن الأخوين اختارا الاستثمار في هذه الممتلكات بسبب صعوبة تتبع المعلومات المالية هناك. وقالت لائحة الاتهام “المدعى عليه إشعياء كينغستون محق في أن الحكومة لا يمكنها تقديم أي دليل على الترتيب النهائي أو الحجز على عائدات عملية الاحتيال لأن إشعياء كينغستون أرسل الأموال إلى تركيا … كما قال الممثل الخاص لهيئة التحقيقات الجنائية ويد بيرت في جلسة الاحتجاز إنه من الصعب للغاية الحصول على معلومات مالية من تركيا”. وتابعت لائحة الاتهام “هذا، حسب ما تقوله الولايات المتحدة، هو بالتحديد السبب في اختيار المدعى عليه إشعياء كينغستون والمدعى عليه يعقوب كينغستون تركيا كموقع أساسي لإخفاء عائدات الاحتيال”. وأما بالنسبة إلى كوركماز، فإن لائحة الاتهام تشير إلى أنه قد مُنح مرورا آمنا لزيارة الولايات المتحدة لإجراء مقابلة مع المحققين في2019، والذين كشفوا مشاركته في كيانات تتخذ من تركيا مقرا لها والمتعلقة باستثمارات كينغستون. ومع ذلك، وفقا لأحد ممثلي الادعاء كذب كوركماز بشأن قضايا مهمة، لم يعد الادعاء يعتزم أخذ أقوال كوركماز. ومنذ أن رفض القاضي الإفراج عنهما بكفالة، أقر الأخوان كينغستون بدورهما في مخطط الاحتيال ووافقا على التحول إلى شاهدين كما فعل رضا ضراب رجل الأعمال التركي الإيراني الذي ساعد إيران في انتهاك العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة على إيران من خلال بنك تركي، في عام 2017. وأقر الأخوان بالاحتيال ويواجهان تهما تتعلق بغسل الأموال بسبب المبالغ الكبيرة التي تم تحويلها إلى تركيا. وستتجه الأنظار إلى قاعة المحكمة في ولاية يوتا هذا الأسبوع في انتظار ما سيكشفه الأخوان وباقي التحقيقات.
مشاركة :