اتسمت ردود أفعال السلطات الانتقالية بالسودان بالارتباك والتخبط حيال لقاء رئيس المجلس السيادي عبد الفتاح البرهان ورئيس حكومة تصريف الأعمال الإسرائيلية بنيامين نتنياهو. وخيّم التوتر بين قيادات الجيش والجماعات المدنية التي تتقاسم السلطة بعد الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير العام الماضي، وعقد مجلس الوزراء السوداني اجتماعين طارئين حول زيارة أوغندا. ففي الوقت الذي أكد فيه البرهان أنه أخطر عبدالله حمدوك رئيس الحكومة الانتقالية باللقاء الذي جمعه بنتنياهو قبل يومين من موعده، جدد مجلس الوزراء السوداني تأكيده على عدم عمله المسبق باللقاء. ونفى مجلس الوزراء السوداني مجددا أي علم له أو تشاور مسبق بشأن اللقاء الذي جمع عبدالفتاح البرهان وبنيامين نتنياهو في أوغندا الاثنين الماضي. وخلال مؤتمر صحافي لمجلس الوزراء السوداني في ساعة مبكرة من الخميس، أكد وزير الثقافة والإعلام السوداني فيصل محمد صالح أن أمر السياسة الخارجية من اختصاص الجهاز التنفيذي للدولة. وأضاف أنه تم الاتفاق خلال الاجتماع على العودة إلى الوثيقة الدستورية لتحديد الاختصاصات بدقة. وقال صالح "إننا نمثل حكومة ثورة حملت شعارات الحرية والسلام والعدالة وألهمت المناضلين والتواقين للحرية والعدالة في كل أنحاء العالم، ولا يمكن أن يكون من أولوياتها في هذا الوقت الانقلاب على شعارات الثورة والتنكر للشعوب المضطهدة والمناضلة"، في إشارة للشعب الفلسطيني. وأضاف صالح أن المجلس أكد خلال اجتماع طارئ عقده أمس الأربعاء ضرورة التركيز على التحديات الكبرى التي تواجه السودان، ومنها قضية تحقيق السلام ومعالجة الأزمة الاقتصادية، بالإضافة لتحديات التحول الديمقراطي. ويبدو أن اللقاء المثير للجدل سيحدث أزمة سياسية بين المجلس السيادي والحكومة الانتقالية حول صلاحيات كل طرف في هذه المرحلة الانتقالية. ويرى مراقبون أن السودان في غنا عن مثل هذه الأزمات في هذه المرحلة الانتقالية الدقيقة المثقلة بالتحديات الاجتماعية والاقتصادية. ويمرّ السودان بمرحلة انتقالية صعبة في ظل تحديات كبرى تحاصره، أبرزها الأزمة الاقتصادية التي يتخبّط فيها، يأتي ذلك في ظل تردد دولي وخاصة أميركي في دعمه حيث ما تزال واشنطن رغم سقوط نظام عمر البشير في أبريل الماضي غير متحمسة لرفع اسمه من قائمة الدول الداعمة للإرهاب. ويعرقل وجود الخرطوم في القائمة السوداء حصولها على هبات خارجية وقروض ومساعدات من مؤسسات مالية دولية، كما أنه ينفر المستثمرين الأجانب الذين يخشون أن يجدوا أنفسهم تحت سيف العقوبات الأميركية. وكان أكد البرهان أمس أن لقاءه مع نتنياهو "سيسهم في اندماج السودان في المجتمع الدولي". وأضاف أن "السودان يعمل من أجل مصالحه، دون التعارض مع عدالة القضية الفلسطينية"، مضيفا "سنوقف التفاهمات مع إسرائيل إذا لم تؤت ثمارها". وقال متحدث باسم القيادة العامة للقوات المسلحة إن البرهان أكد أن لقاءه مع نتنياهو "جاء من أجل المصلحة العليا للسودان"، وأنه عقد بعلم رئيس الوزراء عبد الله حمدوك قبل عقده بيومين. وأوضح البرهان أن هناك محادثات تحضيرية سبقت اللقاء بثلاثة أشهر تمت مع رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو. وتضغط الولايات المتحدة باتجاه دفع السودان إلى التطبيع مع إسرائيل مقابل شطبه من اللائحة الأميكرية السوداء. من جانبه، اعتبر "تجمع المهنيين السودانيين،الخميس، تبني الجيش السوداني لمخرجات اللقاء، "تجاوزًا خطيرًا، وانحرافًا عن مجرى الثورة السودانية". جاء ذلك في بيان صادر عن التجمع الذي يعتبر أبرز مكونات قوى "إعلان الحرية والتغيير"، وأكد تجمع المهنيين أن "تبني الجيش لمخرجات اللقاء. وما صدر من تصريحات وإشارات يعد تجاوزاً أكثر خطورة وانحراف بمجرى الثورة وأهدافها". وأضاف " كما أنه يخل بقومية الجيش وحياده ويخرج بها عن مهامها للتدخل السافر وغير المقبول في الحياة السياسية وأمور السلطات المدنية، وتابع "ويهدد الفترة الانتقالية والوثيقة الدستورية التي تحكمها ، وهو ما وجب علينا رفضه ومجابهته مبكرا تصحيحاً للمسار". وقال إن "واجب رئيس مجلس السيادة بحكم القانون الالتزام بما نصت عليه الوثيقة الدستورية التي تحكم البلاد ، وما أوكلته له من مهام وصلاحيات محدودة له كعضو ورئيس حالي لمجلس السيادة.
مشاركة :