في مثل هذا اليوم 8 فبراير 1830 قرر مجلس الوزراء الفرنسي في جلسة خاصة احتلال الجزائر، بعد ان اتخذت فرنسا حادثة المروحة ذريعة لتبرر بها عملية غزوها للجزائر، فادعت أن الداي حسين، آخر دايات الجزائر، قد ضرب قنصل فرنسا بالمروحة، نتيجة لاشتداد الخصام بينهما نظرا لعدم التزام فرنسا بدفع ديونها للخزينة الجزائرية، التى قدمت لها على شكل قروض مالية ومواد غذائية بصفة خاصة خلال المجاعة التى اجتاحت فرنسا بعد ثورة 1789، والتى قدرت ب 20 مليون فرنك ذهبى في ذلك الوقت.وفى 16 يونيو 1827 قرر الملك الفرنسى شارل العاشر، إرسال أسطول بحرى مبرر عملية الغزو بالثأر لشرف فرنسا والانتقام من الداى، لرفضه تقديم الاعتذار للحكومة الفرنسية، حيث كان الأسطول الجزائرى حامى الجزائر والمسلمين في حوض البحر المتوسط قد تحطم في معركة نافارين.فضرب الفرنسيون الحصار على الجزائر، وظل مضروبًا ثلاث سنوات، ولم يكن حصارا هينا لفرنسا، وإنما كان متعبا ومملوءا بالمخاطر، خاصة في الفترة الأخيرة، حيث نجح الجزائريون في أسر بعض رجال القطع البحرية الفرنسية وقتلهم، وكلف هذا الحصار الخزينة الفرنسية سبعة ملايين فرنك سنويا، وأصاب التجارة الفرنسية في البحر المتوسط بخسائر كبيرة، ومن ثم لم يعطِ الحصار نتائج إيجابية.يشار إلى أن الجزائر كانت خلال العهد العثماني من أقوى الدول في حوض البحر المتوسط، كما كانت تحتل مكانة خاصة في دولة الخلافة، إذ كانت تتمتع باستقلال كامل مكنها من ربط علاقات سياسية وتجارية مع أغلب دول العالم، وهى أول دولة اعترفت بحكومة الثورة الفرنسية عام 1789 وبالثورة الأمريكية بعد استقلالها عن التاج البريطانى عام 1776.وبلغ أسطولها البحرى قوة عظيمة بحيث استطاع خلال القرن الثامن عشر إحداث نظام للملاحة في البحر المتوسط يضمن أمن الدولة الجزائرية خاصة والدولة العثمانية عامة، وبصورة أعم بالنسبة للتجارة الدولية في هذا البحر، وهو ما جعل الدول الأوروبية تعمل على إنهاء هذا النظام تحت غطاء إنهاء ما كان يسمى بـ«القرصنة».وبادرت فرنسا بمؤتمر فيينا 1814، 1815 بطرح موضوع أطلق عليه "أيالة الجزائر" فاتفق المؤتمرون على تحطيم هذه الدولة في مؤتمر "إكس لا شابيل" عام 1819، حيث وافقت 30 دولة أوروبية على فكرة القضاء على "الجزائر"، وأسندت المهمة إلى فرنسا وإنجلترا، وتوافرت الظروف المناسبة للغزو عند تحطم الأسطول الجزائرى في معركة نافرين 1827 مع الأسطول التركى، وبذلك انتهت السيطرة الجزائرية على البحر المتوسط.
مشاركة :