حكايات اللاجئين والغرباء في «طيران الإمارات للآداب»

  • 2/8/2020
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

دبي: علاء الدين محمود نظم مهرجان طيران الإمارات للآداب، أمس الأول، في فندق إنتركونتننتال بدبي، جلسة حوارية؛ حملت عنوان «بريد الليل»، تحدثت فيها الكاتبة اللبنانية هدى بركات، وقدمها الإعلامي إبراهيم أستادي. «بريد الليل»، هو عنوان رواية هدى بركات التي صدرت في عام 2018 عن دار الآداب للنشر والتوزيع في بيروت، وحازت الجائزة العالمية للرواية العربية لعام 2019، المعروفة باسم «جائزة بوكر العربية»، وتتحدث عن حكايات أصحاب رسائل في المهجر، كتبوها، وضاعت مثلهم. تناولت الجلسة رسائل الرواية وأبطالها المنفيين قسراً، أو باختيارهم، ورفضت هدى بركات التصنيفات التي وضعها النقاد عن العمل، والتي أرادت أن تنمط الرواية ضمن جنس سردي معين، ف«بريد الليل»، ليست من أدب الرسائل، لأنها ليست ضمن مرجعيات معروفة لهذا الأدب، بل تتمرد عليه، فالرسائل التي حملتها الرواية كتبت لكي تصل، لكنها تتوه تماماً مثل أبطال الحكاية، وهي كذلك ليست «نوفيلا»، فهناك الكثير من الروايات القصيرة لكتاب عالميين، ولكنها لم تصنف ضمن أعمال النوفيلا، وكذلك فإن الرواية لم تتعمد أن تحمل معنى، أو هدفاً معيناً، فليس من الضروري أن يكتب الأديب عملاً من أجل إرشاد الناس، وتوجيههم، فهذه ليست مهمة الأدب. وذكرت بركات أنها لم تكن تحمل مشروعاً، أو هدفاً معيناً عندما ذهبت إلى باريس، بل أرادت أن تهرب من الحرب في لبنان، فقد تملكها هاجس أن يحدث مكروه لها، ولأولادها، وهناك اصطدمت بحياة المهاجرين الهاربين من بلدانهم، هؤلاء المشردون في الأرض، الذين استقلوا قوارب الموت، ولا يريد العالم النظر إليهم إلا ككتلة غير مرغوب فيها، أو كفيروس يهدد الحضارة، وهذه هي العوالم التي تناولتها في روايتها. ورسمت بركات صورة لحياتها الجافة في باريس، فقد كانت تشعر دائماً بالغربة، والفقر، لكن إجادتها للغة الفرنسية مكّنتها، بعكس كثير من النازحين، من اختراق المجتمع الفرنسي، وإيجاد فرصة للعمل، والحياة. وتناولت بركات بشيء من التفصيل الرسائل التي ضمتها الرواية، وبطل كل رسالة، وأشارت إلى أن الذي يجمع بين كل هؤلاء هو إحساس الغربة القاتل، فالغريب دائماً يشعر بأنه يتيم، فاليتم الذي يخلفه فقد الوطن شديد المرارة، وكارثي على روح الإنسان، ورغم هذا الشعور؛ لكن كل أدب المنفى لم يفلح في ترميم العلاقة بين الوطن وأبنائه الذين تشردوا في أنحاء العالم، فهناك أسئلة تنشأ دائماً في داخل الشخص المهاجر، وأهمها سؤال: لماذا لفظني وطني، لماذا لم يحتضنّي؟ من جانب آخر، تضمن المهرجان جلسة بعنوان «دفاتر فارهو»، تحدثت فيها الروائية العمانية ليلى عبد الله، وقدمها حازم إبراهيم. و«دفاتر فارهو»، هو عنوان رواية ليلى عبد الله التي صدرت في عام 2018، ورُشّحت للائحة الطويلة لجائزة الشيخ زايد للكتاب عن فئة المؤلف الشاب عام 2019، وتتناول حكاية الصبي الصومالي «فارهو»، الذي فرَّ مع أمّه وأخته من اضطرابات الحرب الأهلية، وأزمة المجاعات في وطنه بمساعدة خالهم الإثيوبي المقيم في إحدى دول الخليج؛ وهو الصبي نفسه الذي يقع ضحية عصابة إفريقية تتاجر بالأعضاء البشرية، بزعامة خاله. وذكرت ليلى عبد الله أن موضوع الرواية قد خطر لها عندما كانت تستمع إلى حكايات عصابات إفريقية تستغل الأطفال وتأخذهم إلى مكان مجهول، فتخيلت صبياً إفريقياً يطلب منها أن تكتب عنه، وعن إفريقيا، حتى تتغير الصورة النمطية التي رسخت في الأذهان عن الأفارقة، وهي صورة مشوهة، حيث ارتبطت بالإجرام، والخطف، والنهب. وانهمكت عبد الله في تدوين التفاصيل في مسودة ترسم فيها الشخصيات والأبطال، وترتب الأفكار، وهي العملية التي أخذت منها 5 أعوام حتى لحظة اكتمال الرواية. وتتناول الرواية كذلك نظرة أهل الخليج للغرباء، وأيضاً، في المقابل، نظرة الوافدين للخليجيين، حيث إن معظمهم يراهم أشخاصاً أثرياء منعمّين فقط، بينما تغيب عنهم الكثير من تفاصيل حياتهم، غير أن الرواية تركز بشكل أساسي على قضية المهاجرين واللاجئين والقادمين من دول فقيرة، وهي تبحث عن أسباب تلك الهجرة التي تتفاوت في دوافعها بين الفقر، والقهر السياسي في الوطن الأم. وأبطال الرواية ثلاثة أطفال، هم ضحايا الحروب والمنافي، يحكون عن تشرُّدهم في أوطان غريبة، وعن غربتهم في أوطانهم. وإلى جانب فارهو؛ هناك حكايات عبد الصمد وقاسم، حيث يدرس جميعهم في مدارس مسائية بعكس الطلاب الآخرين الذين يتعلمون في مدارس صباحية، هؤلاء الطلاب تتفجر في أذهانهم الكثير من الأسئلة، وهذا هو بالضبط موضوع الرواية التي حاولت أن تخترق عالم الأطفال الغرباء في أوطان غريبة وكيف يتعاملون مع الحياة.

مشاركة :