تجاوزات سائقي الأجرة.. الغاية لا تبرر الوسيلة!

  • 2/8/2020
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

الشارقة:محمود محسن الاستقرار والأمان عنصران أساسيان يبحث عنهما الفرد في أي وسط وجد فيه، يكفلان له التعايش باطمئنان من دون تجاوزات واضطرابات تشكل خطراً على أمنه وسلامته، وإن غاب أحدهما حتى يختل ميزان اطمئنان الفرد، لينعكس بذلك على سلوكاته، بما يجعله غير قادر على التحكم في انفعالاته، سواء داخل المنزل، أو خارجه، بيد أن ما يهمنا هنا، انعكاس عدم الاستقرار والشعور بالأمن والراحة على سلوكات البعض خلال تواجدهم في الطرقات، وبين العامة.من هنا، أعرب عدد من مرتادي الطرق، ومستخدمي وسائل المواصلات، قابلتهم «الخليج»، عن استيائهم من سلوكات مرورية خاطئة، وانفعالات غير مبررة، تصدر عن بعض سائقي مركبات الأجرة في إمارة الشارقة، على مدار الوقت، وفي مختلف أيام الأسبوع، لتوجد حالة من الإرباك المروري لديهم، وطالبوا بضرورة تكثيف الدور الرقابي للمفتشين المعنيين بشركات تشغيل سيارات الأجرة، للقضاء على تلك السلوكات والتجاوزات ومحاسبة المخالفين، غير أن سائقين برروا سلوكاتهم الانفعالية بأن سببها اللهاث وراء لقمة العيش لتأمين الحد المالي المطالبين به في نهاية كل يوم.شكاوى متكررة وتجاوزات مستمرة وجب الوقوف على أسبابها، وبحث سبل القضاء عليها من خلال التحقيق الآتي:يقول محمد يسري: القيادة المتأنية وعدم الإفراط في السرعة نهجي خلال سيري على الطرقات الداخلية والخارجية، كما تقتصر قيادتي للمركبة على الذهاب والعودة من العمل، ولا أفضل القيادة ساعات طويلة، وعليه، فإنني أحرص دائماً على الخروج قبل موعدي للسير متأنياً والوصول في الوقت المناسب، تفادياً للوقوع في فخ الاختناقات المرورية والازدحامات، وما يصاحبها من توتر، وقلق.ورغم حرصي على اتخاذ جميع التدابير لضمان حالة طرق مستقرة وآمنة، إلا أن هناك دائماً من يتقن تعكير صفو رحلتي على الطريق، وفي أغلب الأوقات يتصدر سائقو مركبات الأجرة المشهد، بسلوكاتهم وتجاوزاتهم التي تحدث حالة من الإرباك المروري نتيجة قيادتهم المتهورة، أو حتى أسلوب البعض منهم في تعمد الإيذاء، ما يجبر بعض مرتادي الطرق لمجاراتهم ومبادلتهم أساليبهم، ويصبح الطريق حلبة للمنافسة، ينقل كل من الطرفين حالته العصبية لسائر مرتادي الطريق، وتتفاقم الأزمة لتنتهي بحالة من الإرباك المروري، والحوادث الجسيمة أحياناً، وعليه أطالب بالمزيد من الرقابة على السائقين المخالفين لضمان حركة مرورية سلسة وآمنة، حفاظاً على الأرواح والممتلكات. أجهزة تتبع أما أحمد طه فيقول: لا نستطيع تعميم السلوكات والتجاوزات الصادرة عن فئة بعينها من سائقي مركبات الأجرة، ولكن يجب علينا كذلك الأخذ في الاعتبار تلك الفئة وتصرفاتهم التي قد تلقي بظلالها على حالة الشارع وإرباكه مرورياً.أعي جيداً معنى العمل بشكل متواصل،وضغوطه على الفرد، ولكن بالمقابل لا بد أيضاً من التحكم في انفعلاتنا وسلوكاتنا، خاصة أن الطريق ملك للجميع، فلا يجوز أن نرى بعض سائقي الأجرة يقودون مركباتهم بتهور وسرعة عالية على الطرقات مهما كان السبب.كما أن هناك سلوكات أخرى ينتهجها بعض سائقي الأجرة، خاصة عند استشعارهم أن العملاء غير متأكدين من موقع وجهتهم، فتجد بعض ضعفاء النفوس منهم يتحايل على العميل، باتخاذ طرق طويلة ومسافات بعيدة لتحقيق أعلى مكسب ممكن، في ظل عدم معرفة العملاء بالطريق، لذا يجب وضع أجهزة تتبع لدى مركبات الأجرة، من شأنها مراقبة الرحلات على مدار اليوم، تضمن تسجيل مسار جميع الرحالات، كمرجع للشركة في حال ورود شكوى من العملاء بشأن تحايل سائقي المركبات. تثبيت كاميرات محمد أنسي أكد أيضاً تعرضه لأحد المواقف خلال قيادته على الطريق، قائلاً: لا يجوز في أي حال من الأحوال تجاوز مركبات الأجرة مباشرة من أقصى المسار الأيسر لأقصى المسار الأيمن، والتوقف فجأة لتحميل، أو إنزال الركاب، مثل تلك التصرفات قد تؤدي إلى وقوع حوادث، خاصة على الطرق السريعة، وعند تنبيه قائدي المركبات بأن تلك التصرفات خاطئة، وأنه يجب عليهم عدم فعلها، نجد ردود أفعال في غاية العصبية، قد ترقى لتوجيه عبارات خادشة، ما يثير حالة من الشحن بين طرفي الخلاف. إضافة إلى تلك السلوكات نفاجأ بعض الأحيان، بتحايل بعض سائقي الأجرة بتعطيل الجهاز الحساس والموصل بالعداد لاحتساب الأجرة، وعدم إشعار الركاب بهذا الخطأ، وعند انتهاء الرحلة يوهم السائقون المخالفون الركاب بأن الرحلة لم تحتسب المبلغ، وأنه قد يحال للمساءلة في حال عدم تحصله على قيمة الرحلة، فبدافع المساعدة يقدم الركاب قيمة الأجرة افتراضياً، وربما أكثر من الاستحقاق، لضمان عدم بخس السائق حقه، وعليه أجد أنه من الضروري تبني فكرة تثبيت كاميرات مراقبة داخلية لمراقبة سلوكات السائقين وكذلك الركاب المخالفين، لضمان حقوق الطرفين، والحد من تلك السلوكات. ضغوط العمل «الضغط يولد الانفجار» عبارة اعتدنا سماعها، ومعايشتها أحياناً، خاصة في أوقات ضغوط العمل، الأمر الذي يجعل الفرد سريع الانفعال، وهو السبب نفسه الذي أرجع إليه عدد من سائقي الأجرة قابلتهم «الخليج»، سلوكاتهم وتجاوزاتهم على الطرقات، نتيجة التزامهم بتحقيق إيراد يومي ثابت، لا يقل عن 300 درهم، ليتسنى لهم تقاضي راتب شهرياً بحسب نسبة معينة موضوعة من قبل شركات تشغيل مركبات الأجرة، عدا ذلك قد يخضع السائقون للمساءلة في حال عدم تحقيق الإيراد اليومي، ما يجعلهم في حالة من التوتر، والحرص على الوصول لأكبر عدد ممكن من الزبائن خلال ساعات عمل طويلة من دون راحة وهو ما يعرضهم للإجهاد البدني، وهو سبب آخر لانفعالاتهم المستمرة أثناء القيادة. 4 أشهر بلا راتب يقول «ط. س» ويعمل في أحدى الشركات المشغلة لمركبات الأجرة: لم أتقاض راتبي الشهري منذ 4 أشهر، نتيجة تراكم مخالفات بلغت قيمتها 6 آلاف درهم، حيث يقتطع من راتبي الشهري جزء من قيمة المخالفة، مع العلم أن الدخل اليومي متفاوت وقد لا أحقق الحد الأدنى من الإيراد، ما يعني ذهاب الراتب كاملاً لأحد أقساط سداد المخالفات، وعلى الرغم من تحقيق إيراد يقدر ب 25 ألف درهم خلال 4 أشهر، إلا أنه لم يكن كافياً لسداد قيمة المخالفة، ليقتصر عملي اليومي طيلة أيام الأسبوع على سداد قيمة المخالفات، ليتسنى لي لاحقاً الحصول على راتبي بشكل طبيعي.وأضاف: يتهمنا البعض من ركاب المواصلات بأننا غير متعاونين ونتعمد عدم الوقوف لهم في بعض المواقع، لكن الحقيقة غير ذلك تماماً، فالإجراءات الخانقة والقوانين المنظمة لعملنا، تفرض علينا أن نكون أكثر حرصاً في اختيار زبائننا، إذ تفرض غرامة 100 درهم عن تعطيل المركبة ليوم واحد في أي ظرف من الظروف، وتحمل قيمة الرحلة في حال عدم سدادها من الراكب، وصادفني في إحدى الرحلات أن أواجه راكباً أكد لي قبل انطلاق الرحلة أنه بصدد التوجه لعدة وجهات في الرحلة الواحدة، مع الانتظار لمدة لا تزيد على دقيقتين عند كل واجهة، ثم العودة لاستمرار الرحلة، وبالفعل انطلقت الرحلة إلى عدة جهات، إلى أن وصلنا إلى الوجهة الأخيرة، حيث خرج العميل كعادته إلا أنه فر هارباً من سداد الأجرة التي فاقت 200 درهم، لأتقدم بعدها ببلاغ للشرطة عن الواقعة، وكان يحتسب علي عن كل يوم عمل يتوقف فيه العداد لمتابعة الإجراءات بين الشرطة وشركة الأجرة 100 درهم يومياً، إضافة إلى تحملي قيمة الرحلة بدلاً من الراكب الهارب، ليتبدد فرحي بتحقيق الإيراد اليومي إلى حزن بعد سداده من جيبي الخاص، إضافة إلى غرامة توقيف المركبة عن العمل. غرامات متراكمة يقول «أ. ف»: نحترم القانون وملتزمون به لأقصى الحدود، إلا أن بعض المخالفات تكون خارجة عن الإرادة، كتلك التي نتحصل عليها خلال تحميل أو إنزال الركاب، إذ نفاجأ في بعض الأوقات بتحرير مفتشي هيئة الطرق والمواصلات مخالفة إنزال الركاب في المكان الخاطئ، رغم أنه المكان نفسه كان بناء على رغبة العميل، الذي قد يتوجه بعضهم بالتوبيخ في حال إنزاله في مكان يتعارض مع رغبته، ما يضعنا في حيرة من أمرنا، بين إرضاء الركاب والالتزام بالقوانين، فالكثير من تلك المخالفات المتكررة تجعلنا في توتر وضغط دائم، لحرصنا على الوصول للإيراد بأقل الخسائر الممكنة من المخالفات.وتتراكم علي حتى الآن غرامات بقيمة 16 ألف درهم، نتيجة تكرار المخالفات نفسها، وقد تتخللها مخالفات أخرى نتيجة السرعة الزائدة، لا أبرر خطأ السرعة، ولكن العمل المتواصل لمدة لا تقل عن 18 ساعة يفقدنا التركيز أحياناً. ضيق الوقت «ع. ق» ويعمل في إحدى شركات تشغيل مركبات الأجرة يقول: ضيق الوقت الواقع علينا لمواصلة الليل بالنهار لتحقيق الإيراد المثالي، عامل مؤثر في عدم مقدرتنا على الالتزام بمواعيد مغسلة المركبات التي توفرها لنا الشركة، خاصة في مواسم الأمطار، فيكثر الضغط على المغسلة ونقع بين مطرقة مخالفة نظافة المركبات لتوصيل أكبر عدد من العملاء، وبين سندان المكوث ساعات في طابور المركبات للحفاظ على نظافتها على حساب عدد أقل من العملاء.إضافة إلى ذلك، ليس لدينا عطلات رسمية، وحتى في أوقات المطر لا يطلب منا الامتناع عن العمل، فتوقيف المركبة ليوم واحد من دون عمل تعرض سائق الأجرة لمخالفة قيمتها 100 درهم، كما أنه في حال وقع عطل فني في المركبة نتيجة سيرها خلال هطول الأمطار، تفرض غرامة قيمتها 5 آلاف درهم على سائق المركبة بسبب العطل، فتكثر المخالفات المتراكمة لحرصنا على العمل المتواصل، لا لامتناعنا أو تقاعسنا، وينعكس كل ذلك على سلوكاتنا وانفعالاتنا خلال السير في الطرقات، وعليه نحصد لوم وشكوى مرتادي الطرق. سلبية الضغوط تتحدث د. نور هشام، طبيبة عامة، وماجستير في الصحة العامة، عن خطورة القيادة ساعات طويلة، والضغوط الناتجة عن ذلك، وتأثيرها في صحة السائق الجسدية، والنفسية، والذهنية، فتقول: قد تجد السائق يعاني التوتر والقلق، وآلاماً في الجسم، وشداً عضلياً نتيجة جلوسه فترات طويلة في المركبة، إضافة إلى مشاكل في الظهر والديسك، وزيادة الوزن نتيجة لعدم الحركة، كما أنه قد يصاب بنوبات صداع مزمنة، وعدم القدرة على التركيز، وما إن يصل إلى آخر النهار، حتى يشعر باستنزاف في الطاقة، والتعب والإعياء، ما يؤثر في معدل نومه، وقد يكون الأمر أكثر شدة، ويؤدي إلى أمراض تؤثر في حياته، كالإصابة بالضغط وأمراض القلب، والجلطات على المدى البعيد، كل هذا قد ينعكس على مدى إنتاجيته، وقد يكون سبباً في بعض الحوادث نتيجة عدم التركيز والتعب. إضافة إلى ذلك، فإن الضغط الواقع على السائقين نتيجة العمل المتواصل، يؤثر سلبياً في تعامله مع عائلته وأصدقائه داخل وخارج العمل.

مشاركة :