ورد في الأثر في إطار الحديث عن الأعمال المحببة: سرور تدخله على قلب مسلم.. لم يقل غما أو هما.. بل على العكس نحن مأمورون بالاستعاذة من الهم! من نوادر العرب قديما، أن أحد الوزراء كان سمينا، لا يكاد يتحرك من الشحم.. ارتفع وزنه حتى بلغ حدا لا يطاق.. فجمع حكماء المدينة، وعقد معهم اجتماعا مطولا؛ لبحث هذه القضية التي قد تهدد موارد الوزارة! عقدت الاجتماعات.. تم تشكيل اللجان.. صرفت الانتدابات فورا.. في الأخير قالوا للوزير، إن مشكلتك مستحيلة الحل.. لا سبيل لنا لحلها.. كان أحد الحراس ـ على بند الأجور ـ يستمع لما يدور، فقال للوزير: عندي الحل لهذه المشكلة.. فأنا متخصص في علم التنجيم، لكن شح الوظائف جعلني أعمل على هذه الوظيفة ـ أو هكذا قال ـ لذلك دعني أنظر في طالعك الليلة؛ لأرى ما الدواء المناسب لكم حفظكم الله! عند الصباح وبعد التوقيع على دفتر الحضور ـ لم تكن أجهزة الوزارة تعرف شيئا عن نظام البصمة ـ دخل الحارس على الوزير طالبا الأمان.. فلما منحه الأمان، قال له: طالعك يقول إنه لم يبق من عمرك سوى شهر واحد، ولذلك ليس هناك مبرر لعلاجك.. فإن أردت أن تحبسني فافعل.. وإن كذبت فلك أن تقتص مني! مضت الأيام، والوزير مختل بنفسه، في حالة غم وهم وحزن شديد، حتى هزل جسمه، واختفت أكوام اللحم والشحم، وعاد رشيقا، فأرسل طالبا أن يحضر الحارس، فقال له: انتهى الشهر ولم أمت! فقال الحارس: يا معالي الوزير أنا أهون من أن أعلم الغيب.. أنا لا أعرف عمري فكيف أعرف عمرك طال عمرك.. لكنني أردت أن أجلب لك الهم والغم؛ لأن الغم يذيب الشحم ويأكل اللحم.. ففرح الوزير، وأمر بترقيته ليصبح مدير شؤون الموظفين في الوزارة! الخلاصة: مهما كانت نوايانا سليمة.. مهما كانت غاياتنا محمودة.. مهما كنا ننشد الإصلاح.. مهما كنا صادقين في محاربة الفساد والمفسدين، هذا كله لا يبرر لنا أن نجلب الهم والغم على الناس كل شروق شمس.. من قال هلك الناس فهو أهلكهم. الوطن
مشاركة :