نظم اتحاد كتاب وأدباء الإمارات في أبوظبي، مساء أمس الأول، في قاعة عبدالله عمران في مقر الاتحاد في معسكر آل نهيان محاضرة للمفكر المصري المستشار عبدالجواد يس تحت عنوان (الأصولية الإسلامية)، قدّمت المحاضرة الكاتبة الإماراتية عائشة سلطان، وحضرها حبيب الصايغ رئيس مجلس إدارة الاتحاد وجمع من الكتاب والأدباء والمهتمين. استهل ياسين محاضرته بوضع الأسس النظرية والأطر المعرفية التي تحكم سياق نشأة الأصولية الدينية وجذور العنف التاريخية. وقال يس: إن الأصولية الدينية ظاهرة متكررة في تاريخ التدين وفي جميع أنساق التدين، وهي ظاهرة تتكرر في سياقات تاريخية مختلفة، هناك أصوليات قديمة وأصوليات حديثة، أصوليات معروفة في الإسلام، كما في المسيحية ، مشيراً إلى أن هناك تكراراً للظاهرة في أنساق جغرافية واجتماعية متباينة. وأكد أن المشكل الذي يسبب الأصولية هو أشكال التدين الزائفة، مشيراً إلى أن ثمة إشكالية كبرى في العلاقة بين النظام الديني والنظام الاجتماعي، وتوتراً مزمناً في علاقة الدين بالاجتماع، وهو بسبب تاريخ التدين وليس فكرة الدين بما هو الإيمان بالله والأخلاق الكلية، لأن الدين من هذا المنظور عميق جدً في الروح الإنسانية ولا سبيل لزحزحته بحال من الأحوال، لافتاً إلى أن نمط التدين الذي ساد تاريخياً حرف الدين عن حقيقته الأصلية التي هي في جوهرها الله والأخلاق. وأوضح أن عصر التدوين الذي يحدث بعد التأسيس يتم فيه إنشاء نصوص جديدة وسلسلة من العلوم التي تدور حول نصوص تشكل في مرحلة لاحقة النموذج المعياري للدين الذي يظل معياراً للحكم والقياس عليه لاحقاً، ومن هذا المنظور يكون التدين الشعبي أقل من المعياري بحكم قوانين الاجتماع الطبيعية وغرائز الطبيعة البشرية والاجتماع، وغير مكافئ تماماً للصورة النموذجية المثالية المجردة من سوءات التاريخ والاجتماع التي تكونت في مرحلة التدوين والتشكيل المعياري، لافتاً إلى أن الأصولية تقوم بإلغاء هذه المسافة الطبيعية بين النموذج المعياري والتدين الشعبي الاعتيادي. وأشار إلى أن الظاهرة الأصولية الإسلامية في مجتمعاتنا لا يمكن اعتبارها هجوماً مضاداً للحداثة، لأن الحداثة أصلاً لم توجد لدينا، حسب قوله، كما أن الدين لم يتراجع ليعود من جديد عكس ما حدث في النسق الثقافي والفكري والديني في الغرب.وأوضح أن مصدر العنف كامن في فهم خاطىء للنصوص التأسيسية، وهو يناقض الطبيعة الأخلاقية للدين، ومفهومه الأصلي، وكليات القرآن الأساسية التي تأمر بالعفو والإحسان والرحمة، كما تتناقض مع إمكانات الواقع الاجتماعي، وقال إن النبي صلى الله عليه وسلم بعث رحمة للعالمين، وهذه الرحمة تتنافى مع الاندفاع إلى القتال وسفك دماء الناس. وخلص يس إلى أن الأنبياء يبعثون للمحبة والرحمة والفرح والسلامة والإنسانية لأنها جوهر الدين وروح الله، وما سوى ذلك هو اجتماع تم إلحاقه بالدين.
مشاركة :