لا يبدو الحديث عن الغش في الاختبارات مقتصراً على طلبة المدارس الحكومية، رغم التركيز الإعلامي عليهم دائماً، إذ إن هناك تجاهلاً شبه تام للمدارس الخاصة، علماً بأن النسبة من إجمالي عدد الطلبة الكويتيين المنخرطين فيها تصل إلى 18 في المئة، وحوالي ثلثي هذه النسبة في مدارس أجنبية. وعلى الرغم من عدم شفافية هذا الجانب تتسرب الأنباء أحياناً عن أن هناك مدارس عربية خاصة يكاد يشار إليها بالبنان تعد مقصداً للطلبة المتعثرين وغير الراغبين في الالتزام بالدوام، وسبق أن أثير هذا الأمر ضمن سؤال نيابي وربما أكثر. ومن المؤشرات الفجة ذات الدلالة أيضاً شيوع ضعف مستوى طلبة المدارس الأجنبية في اللغة العربية مع اجتيازهم لاختباراتها، مع أن منهجها الدراسي هو ذاته المعتمد في وزارة التربية لعموم المدارس. وإذا ما أردنا البحث في أسباب ظاهرة الغش سواء في شكلها المباشر داخل قاعة الامتحانات أو في صياغاتها المتنوعة طوال العام الدراسي، فإنه علينا أن نتمعن في تداعيات انهيار القدوة أمام الطالب منذ نعومة أظفاره عندما يرى أباه نائماً في فراشه في وقت يفترض أن يمضيه في مقر عمله، وعندما يندفع الأب بعصبية في مواجهة إدارة المدرسة أو المدرس بسبب إجراءات اتخذت ضد ابنه من دون تحري أسبابها. وما الى ذلك من ممارسات سلبية للوالدين. ثم أين المدرس القدوة وهو يلهث وراء الطالب لتقديم درس خصوصي أو يسوّق لمذكرات دراسية عبر مراكز الطباعة والتصوير، أو يتعرض للإهانة من قبل طالب مشاغب من دون أن يعاد إليه اعتباره؟! وعندما يشب الطالب عن الطوق، ترى ما هو تأثير تواتر الحديث أمامه عن شراء الشهادات العلمية وسرقة البحوث ومنح الدرجات في الجامعة لاستدراج الشهرة على وسائل التواصل الاجتماعي ومحاباة الطلبة لعصبية ما؟ وما تأثير الحديث عن فساد مالي وإداري يضرب بأطنابه في أروقة الدولة من دون أن يرى متهمين يحاكمون وجناة يعاقبون؟ وما تأثير الحديث عن سوق عمل لا يشكل أمامه أدنى حد من التحدي في التأهيل أو الممارسة ولا يتطلب التعيين في مواقعه المتميزة غير الواسطة ويرتقي مناصبه من لا يصعد سلالمه؟! وعندما نتساءل عمن سيتصدى لهذا الوضع نجد جهوداً متواضعة جداً بين وزارة تحاول أن تبذل جهداً لأجل محاصرة الغش في قاعة الامتحانات وتحجيمه، والجمعية الكويتية لجودة التعليم التي تقوم بدور جاد في إبراز المسألة وتداعياتها ومتابعة مجرياتها والتعليق عليها وطرح الحلول، بل سبق أن قدمت بلاغاً الى النيابة بشأن الغش في اختبارات الثانوية العامة في 2017، وتبقى هناك أدوار منتظرة لمؤسسات رسمية وأهلية متخصصة ولجان معنية في مجلس الأمة. عبد الحميد علي عبدالمنعم aa2monem@hotmail.com
مشاركة :