التحالف الدولي يناقش إستراتيجيته لمواجهة «داعش» في العراق وسورية

  • 6/2/2015
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

يجتمع اليوم في باريس ممثلو دول التحالف الدولي ضد تنظيم "داعش" في العراق وسورية والذي كان قد بدأ ضرباته الجوية على مواقع التنظيم في العراق في الثامن من شهر أغسطس الماضي. ومن أهم دول المنطقة المشاركة في هذا التحالف، المملكة والعراق ومصر. وسيكون تمثيل دول التحالف المشاركة في اجتماع باريس على مستوى وزراء الخارجية. وتأتي أهمية هذا الاجتماع لعدة أسباب أهمها ضرورة تقويم إستراتيجية التحالف الدولي ضد تنظيم "داعش" والتي كانت خطوطها العريضة قد وضعت في اجتماع عقد في باريس في شهر سبتمبر الماضي. وتفاقم الخطر الذي أصبح يشكله التنظيم على العراق وسورية والمنطقة برمتها والعالم كله. إضافة الى الحاجة الملحة إلى الرد بشكل واضح عن الأسئلة المتصلة بالأسباب التي حالت حتى الآن دون تمكن التحالف من الحد على الأقل من تمدد الرقعة التي أصبح تنظيم "داعش" يسيطر عليها في كل من العراق وسورية. والحقيقة أن الدول الكبرى المشاركة في التحالف ولاسيما الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي تتحمل جزءًا هاماً من مسؤولية فشل الاستراتيجية التي وضعت في الخريف الماضي في باريس للتصدي للتنظيم. ولكن يبدو من خلال التصريحات الصادرة عن بعض المسؤولين فيها بشأن اجتماع اليوم في باريس أنها لم تدرك بعد ضرورة إعادة النظر كلياً في الإستراتيجية المتبعة حتى الآن في هذا الشأن بدءًا بإعادة النظر في التصريحات الرسمية المتعلقة بالموضوع والصادرة عن القوى الكبرى في التحالف. فوزارة الخارجية الأمريكية أعلنت مثلا أمس في بيان أن أنتوني بلنكن وكيل وزير الخارجية الأمريكي هو الذي سيمثل الولايات المتحدة في الاجتماع بعد أن أصيب كيري بكسر في فخذه الأيمن في حادث وهو على دراجته الهوائية على الحدود الفرنسية السويسرية. وجاء في البيان ذاته أن الولايات المتحدة تدعم الحملة التي تقودها الحكومة العراقية الحالية ضد تنظيم "داعش". ولكن مضمون البيان بشأن جهود السلطات العراقية للتصدي لتنظيم "داعش" يناقض تماما تصريحات وزير الدفاع الأمريكي أشتون كارتر الذي انتقد فيها قبل أيام انتقادا شديدا أداء القوات العراقية في مجال التصدي لهذا التنظيم . وكان يفترض ألا تصدر مثل هذه التصريحات لانعكاساتها السلبية على استراتيجية مواجهة "داعش" وعلى مصداقية الحكومة العراقية التي يترأسها حيدر العبادي المشارك في اجتماع اليوم وعلى هيبة الدولة العراقية. فالولايات المتحدة الأمريكية هي التي أشرفت على إعادة تنظيم القوات العراقية بعد أن ارتكبت خطأ فادحا عند اجتياح العراق عام 2003 بالمسارعة إلى حل الجيش العراقي. وبالتالي فإنها تعرف بدقة نقاط ضعف القوات العراقية الحالية وتعرف أن تصريحات وزير الخارجية من شأنها نسف كل الجهود التي يبذلها حيدر العبادي لمحاولة إعادة الاعتبار إلى مؤسسة الجيش العراقي وجعلها قادرة على الدفاع عن العراق بعيدا عن الاحتقان المذهبي والطائفي. أما الناطق باسم الخارجية الفرنسية فقد قال قبل أيام إن فرنسا تدرك جيدا أن الحلول السياسية للأزمات المطروحة في العراق وسوريا والعمل على إجراء مصالحة وطنية عراقية أمران يساهمان إلى حد كبير في القضاء على تنظيم " داعش". وهو محق تماما في هذا الطرح. ولكنه يعرف أن التوصل إلى حل سياسي وبلورة مصالحات وطنية خيار استراتيجي لا يمكن تحقيقه بين ليلة وضحاها. ومن ثم فإن المطلوب اليوم من اجتماع باريس حول تنظيم "داعش" هو اتخاذ إجراءات عملية وملموسة وناجعة لوقف تمدد التنظيم الذي أصبح على مشارف بغداد وأصبح يسيطر على نصف الأراضي السورية وعلى موارد البلاد من النفط والغاز. ومن البديهي أن تكون هذه الإجراءات متكاملة وأن تصاغ بعد الإجابة بدقة ووضوح عن أسئلة كثيرة منها الأسئلة التالية: لماذا فشلت ضربات التحالف الجوية في وقف "تغول داعش" ؟ أين هي المعلومة التي ترسلها الأقمار الصناعية عن تحركات "داعش" في سوريا والعراق ؟ ، لماذا تظل الضبابية علامة بارزة في استراتيجية التحالف من تحركات "داعش" في سورية ؟ ، أين هي المعلومات الاستخباراتية التي يمكن أن تجمع على الأرض للمساعدة في التصدي للتنظيم ؟ ، كيف يمكن تجفيف مصادر تمويل هذا التنظيم ؟ ، ما دور دول التحالف في حماية الأقليات والسكان في المناطق التي يسيطر عليها التنظيم ؟ ، أي موقف جماعي يمكن اتخاذه لحماية الممتلكات الثقافية التي تعتبر جزءا هاما من ذاكرة المورث الثقافي الوطني والعالمي في هذه المناطق ؟ ، كيف يمكن الرد عمليا بشأن التحذيرات المتكررة الصادرة عن منظمة اليونسكو والمتعلقة بممارسات "داعش" ضد الممتلكات الثقافية التي هي جزء من التراث العالمي؟. إن الرد بوضوح وبدقة وبعيدا عن لغة الخشب على مثل هذه الأسئلة يمكن أن يساعد في وضع أرضية جديدة للتصدي لتنظيم "داعش" تكون أكثر فاعلية من الأرضية الحالية.

مشاركة :