دعت جامعة الدول العربية إلى ضرورة تعزيز القدرات الوطنية والارتقاء بمستوى التعاون الإقليمي والدولي لمواجهة جريمة بيع الإنسان وجريمة الإتجار في النساء والأطفال، معتبرة هذا إجراما منظما عابرا للحدود الوطنية تستلزم مواجهته ومكافحة أشكاله وصوره وملاحقة مرتكبيه عملا جماعيا. جاء ذلك في كلمة السفيرة هيفاء أبو غزالة الأمين العام المساعد لدى الجامعة العربية رئيس قطاع الشؤون الاجتماعية أمام الجلسة الافتتاحية لورشة العمل الإقليمية العربية التي عقدت اليوم بمقر الأمانة العامة للجامعة العربية تحت عنوان (الجهود الوطنية والإقليمية في مجال مكافحة الإتجار في البشر) بحضور كرستينا ألبرتين الممثل الإقليمي لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة للشرق الأوسط وشمال أفريقيا والسفير أسامة الذويخ رئيس اللجنة العربية الدائمة لحقوق الإنسان، وممثلي الدول العربية الأعضاء .وقالت أبو غزالة إن المنطقة العربية كانت ولا تزال عرضة لأنشطة شبكات الجريمة المنظمة الناشطة في الإتجار بالبشر، مشيرة إلى أن هذه جريمة مقززة، تفاقمت حدتها مع الأزمات الناجمة عن الاحتلال والنزاعات المسلحة والتغيرات المناخية وتردي الأوضاع الاقتصادية والأمنية وتضاؤل فرص النزوح القانوني إلى مناطق أكثر استقرارا وأمانا.وأوضحت أن جامعة الدول العربية ووعيا منها بجسامة الوضع قد كثفت جهودها على مستويات عدة لصياغة منظومة عربية لمكافحة الإتجار بالبشر ترسخ حماية حقوق الإنسان في الوطن العربي وتقوم على تعاون وشراكة بناءة بين جميع الفاعلين من حكومات ومجتمع مدني وقطاع خاص.واعتبرت أن التحديات الراهنة تستلزم النظر في مبادرات وخطط العمل أكثر فاعلية وتناغما مع طبيعة التطورات التي نعيشها وأن ورشة اليوم تهدف إلى استعراض الجهود وتبادل أفضل للممارسات والنظر في السبل المثلى لتجاوز التحديات نحو التنفيذ الأمثل لمضامين الصكوك الإقليمية والدولية ذات الصلة وتعزيز آليات التعاون الأمني والقضائي إقليميا ودوليا وتيسير قنوات الاتصال بين السلطات والأجهزة المختصة في جهد تشاركي ينصف الضحايا ويعاقب المجرمين.وأشارت إلى أن أولوياتنا إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية وإسكات البنادق والمدافع في المناطق التي تشهد نزاعات مسلحة وأن يعم الاستقرار والأمن والأمان كافة أرجاء الوطن العربي كشرط أساسي لمواجهة تحركات وجشع الشبكات الإجرامية وتمكين المرأة وتعزيز ثقافة الفئات المستضعفة حتى لاتكون فريسة في يد العصابات الإجرامية.من جانبه، أكد رئيس اللجنة العربية الدائمة لحقوق الإنسان أسامة الذويخ أن الإتجار بالبشر وتهريب المهاجرين من الظواهر الإجرامية الخطيرة التي تنتهك بشكل صارخ حقوق الإنسان، التي تحرص الشعوب العربية على حمايتها وصيانتها وفق القيم الإنسانية الأصيلة والراسخة في الوجدان العربي .وقال، في كلمته أمام الورشة، إن المنطقة العربية كانت ولا تزال عرضة لأنشطة غير مشروعة مثل الإتجار بالبشر حيث وسعت عصابات الإجرام المنظم نطاق عملها للإيقاع بضحايا جدد واستكشاف أسواق جديدة لنشاطهم الإجرامي الآثم وامتد إجرامهم ليشمل بعض المناطق العربية خاصة بعد تناقص الإمكانيات المتاحة للهجرة والنزوح القانوني إلى البلدان الغربية وتزايد الفقر مع حلول الأزمة المالية العالمية، وأكد أن الأوضاع الاقتصادية والأمنية غير المستقرة في بعض البلدان العربية جعلت مواطنيها خاصة الأطفال والنساء أكثر عرضة لآفة الإتجار بالبشر .وشدد الذويخ على أهمية تكثيف الجهود الوطنية والإقليمية والدولية لمنع وقمع ومعاقبة الإتجار بالأشخاص خاصة النساء والأطفال، داعيا إلى إطلاق مبادرة إقليمية لمكافحة الإتجار بالبشر تتضمن تصورا وخطة عمل إقليمية لمكافحة هذه الآفة ودعم جهود الدول العربية لتحديث تشريعاتها الوطنية بما يواكب التطورات الإقليمية والدولية وإنشاء وتعزيز مهام الآليات الوطنية لمكافحة الإتجار بالبشر .وأكد أن الدول العربية تبذل جهودا حثيثة لترسيخ حماية حقوق الإنسان بما يمكنها من الارتقاء بواقعها نحو الأفضل وتأكيدا لذلك تضمن الميثاق العربي لحقوق الإنسان نصوصًا تجرم جميع صور الإتجار بالبشر .أما السيدة كريستينا ألبرتين الممثل الإقليمي لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة للشرق الأوسط وشمال أفريقيا فقد أكدت أن الهدف من هذه الورشة، التي تستمر يوما واحدا بتعاون مشترك بين الجامعة العربية والأمم المتحدة، هو التعريف بالأطر القانونية الوطنية والإقليمية والدولية لمكافحة الإتجار بالبشر واستعراض التجارب الناجحة المستفيدة في سياق تبادل الخبرات في هذا المجال.وشددت على أهمية الخروج بتوصيات عملية تساعد الدول العربية على اتخاذ التدابير اللازمة لمكافحة الإتجار بالبشر وعلى معاقبة الجناة المتهمين بالإتجار بالبشر وتقديمهم للعدالة الجنائية، على توفير الحماية للضحايا خاصة النساء والأطفال منهم، وعلى تعزيز جهود الدول العربية في مجال تقديم المساعدة القانونية والطبية والنفسية والمأوى .وعرض مدير مكتب الإعلام الأمني التابع لمجلس وزراء الداخلية العرب محمد يوسف تقريرا حول جهود المجلس في مكافحة الإتجار في البشر خاصة النساء والأطفال. يشارك في الورشة حوالي 60 مشاركا يمثلون الحكومات والمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني والمنظمات الإقليمية والدولية الحكومية وأجهزة جامعة الدول العربية ووكالات الأمم المتحدة المعنية بمكافحة الإتجار بالبشر.
مشاركة :