أبوظبي (وام) أكدت نشرة «أخبار الساعة» أن التقديرات التي أطلقتها منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة «الفاو»، وأشارت فيها إلى أن سوء الاستهلاك يتسبب في هدر نحو 1٫3 مليار طن من الغذاء العالمي سنوياً، مؤشر لا يمكن تجاهله، منبهة إلى أن الكمية المهدورة تعادل ثلث الإنتاج الغذائي العالمي في السنة، وتبلغ قيمتها نحو تريليون دولار أي ما يعادل نحو 1٫3% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وأن هذه القيمة تقترب كثيراً من قيمة الناتج المحلي الإجمالي للاقتصاد المكسيكي، الذي يحتل المرتبة الخامسة عشرة بين أكبر الاقتصادات في العالم، كما أنها تعادل الناتج المحلي الإجمالي لأفقر 96 دولة على مستوى العالم. وتحت عنوان «نحو منظومة غذاء عالمية أكثر استدامة»، أضافت أنه إلى جانب هذه المؤشرات التي تدل بشكل كمي على مقدار الفاقد الغذائي العالمي بسبب سوء الاستهلاك، هناك مؤشرات أخرى تعكس زوايا تنموية أخرى لهذه المشكلة، التي تعد أحد أهم التحديات التنموية التي يواجهها العالم المعاصر. وبينت النشرة، التي يصدرها مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية، أنه يمكن في هذا الصدد التطرق إلى عدد من هذه المؤشرات، وهي أولاً: أن هدر الغذاء وسوء استهلاكه يتركز بشكل أساسي في الدول المتقدمة، حيث تشير بيانات البنك الدولي إلى أن معدل هدر الغذاء في هذه الدول يبلغ نحو ثلاثة أضعاف الهدر في الدول الفقيرة، منبهة إلى أن ما يزيد من حدة المشهد هو أن الهدر في الدول المتقدمة ينتج في الأساس عن سوء الاستهلاك أو بمعنى آخر سلوكيات الأفراد «المستهلكين»، في حين أن معظم الهدر في الدول الفقيرة يحدث في مراحل التصنيع والتوزيع، وهي أمور تعود إلى الحكومات وقطاع الأعمال وليس للأفراد دور فيها، بالرغم من كونهم أكثر المتضررين منها. وأضافت أن ثاني هذه المؤشرات، هو أن بيانات منظمة «الفاو» تظهر أن الدول الأقل نمواً والمتركزة بالأساس في منطقة آسيا والمحيط الهادي وأفريقيا جنوب الصحراء وأميركا اللاتينية هي الأكثر معاناة من عجز الموارد الغذائية والمجاعات وسوء التغذية إذ يعيش فيها نحو 842 مليون شخص ممن يعانون الجوع في العالم، وهذا العدد يقدر، وفقاً لبيانات المعهد الدولي لأبحاث سياسات الغذاء العالمية بما يتراوح بين 10 و30% من سكان هذه الدول، كما تشير البيانات إلى أن نحو ربع أطفال هذه الدول ممن هم تحت سن الخامسة يعانون مشكلات سوء التغذية وضعف النمو. وأوضحت أن ثالث هذه المؤشرات هي أن هذه الأرقام مرشحة للزيادة باطراد خلال العقود المقبلة في ظل عدد من المعطيات المهمة، كالنمو المتوقع في عدد سكان العالم والمرجح بلوغه نحو تسعة مليارات نسمة بحلول عام 2050، بزيادة تبلغ نحو ملياري نسمة مقارنة بالعدد الحالي، ويضاف إلى ذلك ارتفاع معدلات النمو الاقتصادي وتحسن مستويات المعيشة في الاقتصادات الصاعدة لاسيما الصين والهند، إلى جانب تنامي معدلات هجرة السكان إلى المناطق الحضرية في دول العالم والمتوقع أن يرتفع عدد سكانها إلى ما يزيد على ثلثي سكان العالم بحلول هذا التاريخ. وقالت نشرة «أخبار الساعة»، في ختام افتتاحيتها، أنه وبفرض استمرار سياسات الغذاء العالمية على حالها، فمن المرجح أن ينمو الطلب العالمي على الغذاء بنحـو 70% بحلول منتصف القرن، ويتوقع أن يستنزف سوء الاستهلاك نحـو خمس هـذه الزيادة. وأضافت أنه بطبيعـة الحال لن تقتصر آثار ذلك الوضع الجديد على المزيد من التردي لمؤشرات الجوع في الدول الفقيرة، لكنه سيولد ضغوطا متزايدة على الموارد الطبيعية والنزاعات المنصبة عليها حول العالم، كما ستتنامى معه مظاهر التلوث البيئي والتصحر وانتشار الأوبئة والمجاعات. ودعت «أخبار الساعة» في ختام مقالها إلى ضرورة التحرك العالمي الفاعل لوضع منظومة غذاء عالمية قابلة للاستدامة تقوم على تعزيز إنتاج الغذاء وترشيد استهلاكه وخلق واقع غذائي عالمي أكـثر توازناً.
مشاركة :