هل من صحوة في العراق؟

  • 6/3/2015
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

يصاحب العمليات العسكرية التي تقوم بها الحكومة العراقية لاستعادة محافظة الأنبار من سيطرة تنظيم داعش صخب سياسي وإعلامي يتعلق بغموض كبير يلف هذه العمليات، أدى إلى زيادة الشكوك حول النتيجة المحتملة ومدى قدرة حكومة حيدر العبادي على كسب الرهان وتحرير أكبر محافظات العراق وعاصمتها الرمادي من سطوة الإرهابيين. المعركة، التي بدأت قبل أسبوع، لم تكن انطلاقتها موفقة عندما اختارت الحكومة شعاراً طائفياً جوبه على الفور بانتقادات واسعة داخلياً وخارجياً ما استوجب التدارك وتغيير تسمية الحملة إلى لبيك يا عراق. ويكشف الاستبدال السريع عمق التخبط الذي تعانيه الحكومة العراقية والتضارب بين أهواء متباينة في القيادة المشرفة على المعركة، فمثلما أن هناك من يريد أن تكون العملية وطنية وفوق الطوائف، يبدو أن هناك قوى متنفذة لا تريدها كذلك، وترغب في أن تجعلها طائفية صرفة من دون الأخذ في الحسبان تداعيات مثل هذا التصرف غير المسؤول. في ظل الغموض المحيط بسير العمليات، لم تؤيد الوقائع الميدانية ما تروّج له وسائل الإعلام الحكومية من انتصارات ومكاسب، بينما يظهر جلياً أن هناك استياء عشائرياً في الأنبار من محاولات التهميش المقصودة للدور الذي يمكن أن يلعبه المسلحون المحليون في طرد التنظيم الإرهابي. وتعود الرغبة في إقصائهم إلى رغبة أشد لدى القائمين على قيادة المعركة في بغداد في تجيير أي إنجاز محتمل لفائدتهم ولاتخاذه في وقت لاحق ورقة سياسية ذات منطق طائفي تكرس رؤية متكاملة تعمل على حصر إرادة العراق وسيادته بيد شريحة من شعبه على حساب الشرائح الأخرى. من المفيد التسليم بأن العراق العربي المسلم الذي كان وسيظل ركناً أساسياً في خريطة الوطن العربي الكبير، قد تحمل الكثير من الدم والقتل والتدمير جراء السياسات الغبية بعد سقوطه تحت الاحتلال الأمريكي وما سبقه من حصار لا إنساني. وبعد نحو ربع قرن من هذه النكبة الطويلة، يبدو أن الوقت حان ليخرج العراق من محنته، ولن يستطيع غير أبنائه، كل أبنائه، مساعدته على النهوض والانطلاق إلى الغد الأفضل الذي لا بد أن يأتي يوماً. ولكن دون ذلك الطموح الكبير التزامات يجب تأمينها مسبقاً والاستعداد لتنفيذها بمعايير وطنية فضلى. أكبر الكبائر التي دمرت العراق وكبدته مئات آلاف القتلى في السنوات العشر الماضية هي استفحال الاستقطاب الطائفي وسيادة منطق الانتقام والتشفي، وهاهي الأحداث والأيام تؤكد أن هذه السياسة المجنونة لم تحقق أمناً ولم تستطع أن تشطب مكوناً من مكونات الشعب العراقي أو تفرض تفوق جزء على الكل. الأمر ينطبق على معركة الأنبار الحالية، فإذا تأسست على منطق وطني نزيه تكون نتائجها استراتيجية وتغير الكثير في العراق وجواره. أما إذا استحكمت فيها الشوفينية الطائفية فستكون نتائجها كارثية حتماً. وعوض أن تكون الحرب وطنية ضد تنظيم إرهابي، تصبح بفعل قصر النظر، حرباً أهلية طائفية ضارية لا نصر فيها، وإنما ستجر مزيداً من الخراب. ولأن الوضع دقيق وبالغ الخطورة، تلقى مسؤولية تاريخية على عاتق القوى الفاعلة في العراق للصحوة وإنقاذ وطنها مرة واحدة، قبل أن يفوت الأوان بغير رجعة. chouaibmeftah@gmail.com

مشاركة :