«الضمان» لا يكفي مستفيديه.. الترشيد الاستهلاكي هو الحل

  • 6/3/2015
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

كفلت المملكة للمحتاجين والمحتاجات حق العيش الكريم عبر برنامج الضمان الاجتماعي، الذي ما زال لا يسد حاجة مستفيديه، ولا يكفي تكاليف الحياة، رغم أن وزارة الشؤون الاجتماعية ممثلة في إدارة الضمان الاجتماعي تعمل باستمرار، إلا أن عملها يظل تكاملياً مع عدد من الجهات المعنية الأخرى التي لا تملك حيالها إلا تنفيذ ما يستطاع. فيما بقيت الكثير من أسر الضمان والمحتاجين يشكون الحاجة والعدم وأن الضمان لا يسد الحاجة, نظراً إلى «ضعف الترشيد الاستهلاكي»، وتحديد الأوليات، فغالبية الأسر المستفيدة من «الضمان» لا تستطيع التكيف مع حاجتها من المبالغ المالية المقطوعة لهم. وعلى الرغم من جهود «الضمان» المشكورة، ومحاولة الوصول للمحتاج قبل أن يصل إليهم إلا أنه مازالت هناك العديد من الأسر التي تحاول الاختباء خجلاً من فقرها وحاجتها ومد يدها بغية الحصول على مساعدة أو معونة قد تهز كرامتها على حسب رأيها, الأمر الذي يجعلهم يتنازلون عن الكثير من أساسيات الحياة, كالمكيف والفرش والأغطية. وفي جولة قامت بها «الرياض» اتضح وجود أسر لا تتعامل مع إعانة الضمان الاجتماعي على أساس تقنين الاحتياجات. في البدء توجهنا إلى مستفيدي الضمان الاجتماعي، والتقينا بعدد من الأسر المستفيدة الشاكرة لجهود الضمان المطالبة بزيادة المخصصات المالية حيث يوجد بالعاصمة أكثر من 57 ألف أسرة ضمانية ما بين فرد وعائلة يوجد بها أكثر من فرد, وتصرف لهم مساعدة مقطوعة بشكل سنوي لمن ليس لديه دخل إلا من الضمان الاجتماعي, حيث يصرف 10.400 ريال كحد أدنى و 30.000 ألف كحد أعلى, أما من لديه أي عائد مادي كالتقاعد أو راتب غير الضمان يستحقها كل عامين. أسر تكتفي مادياً والنظام يكفل لها استمرار الضمان ما لم تطلب إيقاف مخصصاتها وتم رفع مخصصات الضمان الشهرية للفرد من 850 ريالا إلى ألف ريال منذ تولي الملك سلمان – حفظه الله - مقاليد الحكم, حيث أن المستفيد الأول في الأسرة يحصل على 1000 ريال, بعد ذلك كل مستفيد بعده يصرف له 250 ريالا لكل فرد, فهذا الصافي الخاص للمعاش دون حساب الغذاء والفرش والأثاث والحقيبة والزي المدرسي ودعم الكهرباء والمساعدة المقطوعة سنوياً. وحرص «الضمان الاجتماعي» على التجدد الدائم في سبيل إيجاد خدمات تساند مستفيدي الضمان وتدعمهم لمواجهة متطلبات الحياة والمحاولة قدر الامكان من ردف المعاش ومساندته بخدمات أخرى, منها برنامج دعم الكهرباء وتسديد جزء من فاتورة الكهرباء وهذه حسب عدد أفراد الأسرة, حيث تزيد المبالغ بزيادة عدد أفراد الأسرة كذلك برنامج الحقيبة المدرسية والزي المدرسي وهذه محددة لكل طالب وطالبة منتظم في الدراسة بحيث يخصص لكل طالب 120 ريالا للحقيبة والزي المدرسي في كل فصل دراسي, حيث يعد هذا المبلغ مساندا وليس مبلغا كليا. ويتضح أن هناك لبسا لدى الكثير في مخصصات الضمان, فالضمان الاجتماعي ليس مرتب موظف بل هو دعم ومساندة لتوفير عيش كريم, ومعاونة المحتاج بالتكفل بجزء من المصاريف الحياتية وليس التكفل الكلي. كما أن الضمان لم يضع المبالغ المادية عبثاً بل تم تخصيصها بعد دراسة مع هيئة تنظيم الكهرباء والإنتاج المزدوج وتحديد المبالغ حسب المناطق الحارة والباردة والمعتدلة, لتحديد المناسب, وعدد من الجهات لتحديد مبالغ الغذاء والمشرب والملبس وخلافه. وتم تحديد مبالغ الغذاء بالتعاون مع مصلحة الاحصاءات العامة التي ساعدتنا بتحديد 84 ريالا لكل فرد, تنزل مع المساعدة الشهرية, محسوب فيها الغذاء الرئيسي من لحم وأرز وخلافه. وتعد برامج الفرش والتأثيث ليس لكل المستفيدين وإنما فقط للمحتاجين للفرش والأجهزة الكهربائية, ويسعى الضمان لتوفير كل ما يحتاجه المرء في بيته, وقد يكون فرشا كاملا أو جزءا, والأولوية دائما لمن لديه أطفال, حيث أن الدعم يكون لمرة واحدة للأسرة, حتى يتسنى مساعدة الغير, وهناك شراكة مع بعض الشراكات لتوفير الأثاث والفرش والأجهزة بجودة عالية ومبالغ معقولة. ودخل الضمان الاجتماعي مؤخرا كذلك في تسديد رسوم (قياس), إلى جانب برنامج الأسر المنتجة وهي من البرامج التي يعولون عليها الكثير ويحاولون من خلال أن يتلمسوا مهارات السيدات وقدراتهم وإمكاناتهم وتحفيزهم للاعتماد على انفسهم وإيجاد مداخيل لهم أخرى إلى جانب الضمان الاجتماعي لتحسين المستوى المعيشي للأسرة, ومساعدتها لإيجاد منافذ لتسويق منتجاتها بأشكال مختلفة اما بإقامة معارض داخل المكتب أو في المعارض التي تقيمها الجهات فنقوم بالمبادرة بتلك الجهات لحجز مساحة لعرض منتجات الأسر المنتجة فيها. وبحسب تصريحات سابقة لوزارة الشؤون الاجتماعية فإن الوزارة أصبحت تعتمد على تلك الأسر بتكليفهم بتجهيز مناسباتها وتجهيز الأطعمة, فلم يعودوا يعتمدون على المطاعم, والمبالغ المالية تذهب للأسر بهدف تحفيزهم وتشجيعهم, كما أن الأسر المنتجة لا تقتصر على السيدات ولكن كذلك الرجال, فهناك مشاريع للرجال مثل بيع الأغنام والعمل في السواك ومناحل العسل ومعاصر الزيت, بالإضافة إلى مشاريع جماعية أثبتت جدواها ونجحت وعلى سبيل المثال مشروع الصيد في منطقة القحمة, حيث أصبح دخل المستفيد في تلك المنطقة 8 آلاف ريال شهريا. وبحسب معلومات – حصلت «الرياض» عليها - اتضح أن الضمان الاجتماعي يعد حقا للمواطن المحتاج, ويستمر له طالما لم يتنازل هو في حال اكتفائه لمن هو أكثر حاجة منه, وقد حصلت حالات الاكتفاء ولكن قليل جدا من تنازل عن أموال الزكاة التي تصرف له لمحتاج أحق منه, على الرغم من تذكير الضمان المستمر لهم بأن ما يصرف لهم في الضمان هي أموال زكاة وصدقات, وهناك مواطنون يكتفون بعد القيام بمشاريعهم ولكن الضمان لا ينقطع عنهم إلا إذا طلبوا. كما اتضح أن النظام يخدم المرأة المطلقة بغض النظر عن ظروف أسرتها, ففي حال تقدمت مطلقة أو أرملة للضمان تعمل الوزارة ببحث حالتها وهل لديها راتب شهري من الدولة أو مستحقات شهرية من التقاعد أو التأمينات الاجتماعية, ففي حال وجد وكان المرتب عاليا لا تدخل ضمن دائرة المستفيدين. وبحسب جولة «الرياض» يتضح أن هناك قلة وعي من قبل مستفيدي الضمان بأن يصرفوا الأموال التي تصل إلى أياديهم للحصول على الكماليات وليس الأساسيات, فالجهود التي يبذلها موظفو الضمان لن يشعر بها أي شخص من خارج الضمان, فهناك مليارات تصرف سنويا, لو كان هناك ترشيد وتنظيم للمبالغ التي تصرف وتم عمل أولويات لنجحت الأسرة بالتوفير, فعادة تصرف تلك المعونات في كماليات. ويعمل الكثير من باحثي وباحثات الضمان الاجتماعي على توعية المستفيدين, ومن خلال السجلات ومعلومات – حصلت "الرياض" عليها - ليس كل الموجودين مستحقين للضمان, فهناك أسر اكتفت ولكن النظام لا يسمح لموظفي الضمان بقطع المعونة عنهم ما لم يطلبوا ذلك. فهناك شابات صغيرات قادرات على العمل ولكن هناك اعتقادا بأنه من الدولة ويجب أن تأخذه الفتاة ولو لتسديد فاتورة الجوال, وهناك آباء يتاجرون بفتياتهم المطلقات للحصول على الضمان. واتضح أنه لا يوجد ما يسمى قوائم الانتظار, فأي متقدم بعد التأكد من حالته ومدى استحقاقه للضمان يدرج سريعا ضمن المستحقين. وهناك حالات ضمانية لا تقول الحقيقة وتبالغ من حقيقة حالها, اعتقادا منها بأن ذلك قد يجعلها تحصل على نصيب اكبر من الأموال, وقد اتضح ذلك من خلال مراجعة حقائق حالات روتها الأسر وفندتها السجلات. فالكثير من مستفيدي الضمان لا يملكون الوعي الكافي لتقدير تلك المزايا, فالواقع يؤكد أن هناك جهودا جبارة من قبل الحكومة والوزارة لخدمة هذه الفئة ومساعدتها على مصاريف الحياة اليومية. ويعد أدنى حد من الراتب ليستحق المرء الضمان هو ألفا ريال, حيث كان في السابق 1200 ريال, وأن أي فرد راتبه أقل من 3000 آلاف ريال يستطيع الدخول ضمن المساعدة المقطوعة كل عامين, بما فيهم أبناء السعودية الايتام. وخصص الضمان الاجتماعي النسوي ركنا لدعم الأسر المنتجة بداخل الضمان تحت اسم «مورقة», يعطى لكل أسرة منتجة لمدة أسبوعين, تتولى فيه الأسرة تجهيز الأطعمة وبيعها على مراجعي الضمان الاجتماعي على أن يكون الدخل كاملا للأسرة, وبعد ذلك يتم إعطاؤه بشكل مجاني لأسرة أخرى وهكذا, إلى جانب تخصيص ركن للقهوة والشاي والتمر مجانا للمستفيدات تكفلت بتجهيزه موظفات الضمان - بحسب ما وقفنا عليه -. أسر ضمانية: الضمان يسد الضروريات ومشروع الأسر المنتجة فتح نافذة أمل من جهتها، تقول إحدى مستفيدات «الضمان» المسنة «أم ثامر»، إن الضمان الاجتماعي دعمها بمبلغ 20 ألف ريال لتبدأ مشروعها في الطبخ, إلى جانب معونتها الشهرية والسنوية, وتقول: مستفيدة من الضمان منذ عام ولكن تعلمت ترشيد ميزانيتي ودعم أسرتي من خلال ما أحصله وها أنا ابتدأت مشروعي الخاص قبل شهرين آملة أن يتحول إلى مطعم كبير. وقالت المسنة الأرملة «أم زهير» اليوم تقدمت للضمان الاجتماعي ولله الحمد تيسرت أموري فدخلي الشهري من مرتب زوجي المتوفى 1500 ريال, تأخرت في التقديم وذلك بسبب عدم معرفتي عن آلية التقديم حتى التقيت بإحدى السيدات وخبرتني عن الآلية كاملة. بينما قدمت المستفيدة الشابة من الضمان الاجتماعي منذ عامين «أم عبدالله» شكرها لخدمات الضمان رافضة العمل أو الانخراط في مشروع الأسر المنتجة, فهي من وجهة نظرها لا تحب العمل ولا ترغب به, والضمان يكفي احتياجاتها الأساسية وزادت المستفيدة منذ عشرين عاما «أم فرحان»، أن خدمات الضمان نستها مد يد الحاجة لأبنائها وزوجها, فهي اكتفت في أساسيات حياتها, ولكن ما يشقيها هو ايجار منزلها الذي تتكفل به بناتها. واتفقت معها صديقتها المسنة «أم سلطان» والمستفيدة من الضمان منذ أكثر من 20 عاما وقالت: الضمان كفاني وزوجي المريض حتى توفاه الله, وما زال يدعمني, مؤكدة أنه يسد احتياجاتها الشخصية والمأكل والمشرب, ولكنه لا يوفر لها السكن وخلافه.

مشاركة :