يعد متنزّه جبل حفيت الصحراوي، الوجهة الترفيهية الأحدث في منطقة العين، إضافة نوعية إلى مجموعة الوجهات التاريخية والأثرية المهمة في إمارة أبوظبي، إذ يجمع بين المواقع الأثرية التي تعود إلى 8 آلاف عام، ومرافق حديثة للتنزّه والمغامرة والاستمتاع بالطبيعة الخلابة في العين، التي تتنوع بين الأجواء الجبلية، والصحراوية، والواحات الغناء.يعد الحفاظ على التراث الثقافي مكوناً أساسياً في الاستراتيجية الثقافية لدائرة الثقافة والسياحة في أبوظبي، لرفع الوعي بعناصره المختلفة لدى جميع أفراد المجتمع، وحثهم على الارتباط بالمكنون الحضاري الذي تراكم على أرض الدولة عبر السنين، وبات يشكل موروثاً غنياً، ومكوناً عريقاً من الهوية. ويجسد متنزه جبل حفيت الصحراوي أسلوباً مبتكراً ومحبباً لاستكشاف الإرث الذي تركه الأجداد وتفسيره والتفاعل معه والاستمتاع به، ضمن النسيج الحضري لمنطقة العين.ويتيح المتنزّه مجموعة من الأنشطة التي يمكن القيام بها بشكل منفرد، أو ضمن مجموعة، فيمكن للزوار من جميع الأعمار المشاركة في الجولات التي تقدم طوال اليوم، حول المناظر الطبيعية فيه، سواء سيراً على الأقدام، أو برفقة مرشد على دراجات البجي. كما يمكنهم ركوب الدراجات، أو المشي في مسارات التنزه، أو ركوب الخيول والجمال، ما يجعل زيارتهم تجربة لا تنسى. وتوجد في المتنزّه ثلاث مظلات مثالية للنزهات، ومقاعد مظللة لاستراحة الزوار، وراكبي الدراجات، للاستمتاع بمشاهدة المناظر الطبيعية.أما بالنسبة للزوار الذين يودون تمديد زيارتهم، فبإمكانهم الاستفادة من موقع المخيم العام، لتمضية الليل تحت ضوء النجوم، في خيمة تقليدية، أو خيمة فاخرة، كما يمكنهم إحضار معدات التخييم الخاصة بهم، ونصبها في الموقع. نزهة وسط التاريخ يمتد المتنزّه على مساحة تسعة كيلومترات، عند سفح جبل حفيت، ويتيح للزوار الفرصة لمشاهدة المناظر الطبيعية الرائعة، والمعالم الأثرية والتاريخية الفريدة المكتشفة في الموقع، منها مدافن جبل حفيت التي يعود تاريخها إلى أكثر من 5 آلاف عام، وتعد شاهداً مهماً على عراقة الإنسان في المنطقة.ويمكن للزوار الاطلاع على المكتشفات التي عثر عليها علماء الآثار في الموقع، ومنها أدوات يومية ولقى أثرية مختلفة، ورسمت ملامح طبيعة حياة الإنسان قديماً، وكيفية تأقلم سكان هذه المنطقة مع الأحوال المناخية المتغيرة باستمرار، حيث تعلّموا كيفية استغلال المناطق المحيطة بالجبل، والغنية بالموارد المختلفة، وشهدت الكثير من التقلبات الجوهرية منذ أكثر من 8 آلاف سنة، وهو ما يعكسه هذا التاريخ الحافل بالوجود البشري. تطور الحضارات يهدف المتنزّه بشكل أساسي، إلى حماية الآثار والتراث الثقافي في المنطقة والحفاظ عليه، واستعراض التنوع البيولوجي الفريد، حيث يضم مجموعة كبيرة من المقومات الطبيعية والثقافية ذات الأهمية العالمية. وقد عدّت ال«يونيسكو» أن العين تمتلك «قيمة عالمية بارزة»، حيث تقدم مواقعها التاريخية المختلفة «دليلاً استثنائياً على تطور ثقافات ما قبل التاريخ المتعاقبة في منطقة صحراوية، ابتداءً من العصر الحجري الحديث، ولغاية العصر الحديدي». وتتنوع الاكتشافات الأثرية في المتنزّه، بين مجموعة من البقايا الأثرية التي تعود إلى العصر الحجري الحديث، منذ ثمانية آلاف عام، إلى المدافن التي يبلغ عمرها أكثر من خمسة آلاف عام، وتم التنقيب عنها بناءً على توجيهات المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، عام 1959.وأدرج جبل حفيت مع مجموعة من المواقع الفريدة في العين، على لائحة مواقع التراث العالمي لمنظمة ال«يونيسكو» عام 2011، وهي أول المواقع في الإمارات التي تعتمدها هذه اللائحة المرموقة. ومع إنشاء متنزّه جبل حفيت الصحراوي، كثّفت الجهود لحماية التاريخ الغني في المنطقة، وحفظه، مع إيلاء الاهتمام اللازم للتنوع الحيوي الفريد لهذه المنطقة، حيث يمكن للزوار التعرف عن كثب إلى المناظر الطبيعية، وفهم كيف تغيرت على مدى ملايين السنين، وكيف اكتسبت أهميتها الثقافية. أهمية تاريخية فريدة منذ آلاف السنين، أدركت التجمعات البشرية المبكرة، أهمية منطقة جبل حفيت، من رعاة الماشية في العصر الحجري الحديث الذين استفادوا من الأراضي الشاسعة التي كانت ملائمة لرعي الماشية، وصولاً إلى إنسان العصر البرونزي الذي وجد ضالته الروحية في هذه البيئة الطبيعية، واختارها لبناء مدافنه. بعد ذلك ابتكر إنسان العصر الحديدي طرقاً بارعة للتحكم في إمدادات المياه، عبر شق الأفلاج؛ أما بالنسبة للرحّل، فقد أصبحت المنطقة التي أخذت شكل الواحة، محطة مهمة لهم أثناء تنقلهم عبر الأماكن الطبيعية. وجعل هذا المزيج من العوامل الموقع فريداً من نوعه، من العمليات الجيولوجية الأولى لتكوين الجبل، والبيئة التي تميزت بتنوعها البيولوجي، إلى المشغولات اليدوية للسكان الأوائل قبل آلاف السنين.وتُعدّ المدافن والمكتشفات التي عُثر عليها في الموقع دليلاً على قدرة السكان الذين عاشوا في المنطقة، على مدار آلاف السنين، على التكيف مع الظروف المناخية المتغيرة، والاستفادة من الموارد الموجودة بالقرب من الجبل. ويكشف تاريخ استقرار الإنسان في هذه المنطقة الكثير من التحولات التي مرت بها المنطقة على مدى ثمانية آلاف عام. الكنوز الأثرية في نحو عام 3 آلاف قبل الميلاد، أصبحت المنطقة المحيطة بجبل حفيت مكاناً حافلاً بالنشاطات البشرية. تنتشر المدافن التي تعود إلى هذه الفترة، ويمكن زيارتها في الوقت الحاضر، في المتنزّه، إلى جانب أكثر من 100 مدفن لم يكتشف إلّا جزء قليل منها. وبنيت المدافن في هذا العصر فوق الأرض، باستخدام الصخور بعد تقطيعها، وقد أخذت هذه المدافن شكل خلايا النحل، وكانت تضم غرفة في المنتصف لدفن الموتى ومتاع الحياة لما بعد الموت. الوصول إلى المتنزّه يمكن الوصول إلى متنزّه جبل حفيت، بالتوجه جنوباً إلى جانب متحف العين على طول الطريق 21 في اتجاه الحدود مع عُمان، بعد 15 كم. لمزيد من المعلومات عن المتنزّه، أو للحجز يُرجى زيارة الموقع الإلكتروني www.jebelhafitdesertpark.ae
مشاركة :