مستقبل وظائف وتخصصات الطاقة المتجددة في المملكة

  • 2/17/2020
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

بلغ عدد العاملين في مجال الطاقة المتجددة بأنواعها كافة، أكثر من 11 مليون شخص على مستوى العالم وذلك في نهاية عام 2018، بحسب تقرير نشرته الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (آيرينا). ولقد استحوذت الطاقة الشمسية الكهروضوئية على حوالي ثلث هذه الوظائف. وتشمل التساؤلات المهمة في هذا الإطار التالي: ما التخصصات المطلوبة؟ هل نحتاج إلى برامج جامعية وفنية في تخصصات الطاقة المتجددة؟ وهل يمكن تحديد عدد الوظائف المستقبلية في هذا القطاع؟. وبحسب خطة وزارة الطاقة في السعودية وامتدادا لرؤية المملكة ومبادرة الملك سلمان للطاقة المتجددة، فإنه بحلول عام 2030، يتوقع أن تصل الطاقة الكهربائية المنتجة من مصادر الطاقة المتجددة إلى حوالي 58.7 جيجاواط "40 جيجاواط من الطاقة الكهروضوئية الشمسية و16 جيجاواط من طاقة الرياح و2.7 جيجاواط من الطاقة الشمسية الحرارية المركزة". ولمواكبة هذه التوسعات الكبرى سنرى قريبا عديدا من مشاريع التشييد والتشغيل. وسيعلن لاحقا عن خطط لتوطين صناعة الطاقة الشمسية. وفي هذا المقال سأتناول الوظائف المرتبطة بالمشاريع؛ لأن لها النصيب الأكبر مقارنة بالوظائف في القطاعات الأخرى. وللإجابة عن هذه التساؤلات سيتم التركيز على مشاريع الطاقة الشمسية الكهروضوئية؛ لأنها تشكل أعلى نسبة من مشاريع الطاقة المتجددة، وأيضا تتطلب العدد الأكبر من الوظائف. ولأجل ذلك لا بد من فهم مراحل المشروع الواحد من التخطيط إلى إنتاج الكهرباء، وهي: 1 - التخطيط والتصميم، 2 - التصنيع والشراء، 3 - النقل والخدمات اللوجستية، 4 - التشييد والربط بالشبكة الكهربائية، 5 - التشغيل والصيانة، وبعد نهاية العمر الافتراضي للمشروع (25 سنة) تكون مرحلة 6 - تفكيك المشروع. وتحتاج كل مرحلة من هذه المراحل إلى موظفين ذوي مهارات معينة لخدمة المشروع بشكل مباشر وغير مباشر. وقبل التطرق لتقدير عدد الموظفين لكل مرحلة، والمهارات المطلوبة، لابد من التأكيد على أن تقدير العدد يقاس بعدد ساعات العمل اليومية مضروبة بعدد الأشخاص لكل مرحلة، فمثلا، مشروع معين يمكن تشييده بـ100 موظف خلال عام، والمشروع نفسه يمكن تشييده بـ200 موظف خلال ستة أشهر، لذا فإن العبرة تكون بعدد ساعات العمل مضروبة في عدد الأشخاص، فضلا عن الارتباط الجزئي لعدد المختصين في مجال ما بحجم المشروع. لابد من الإشارة إلى أن الشركات العاملة في التشييد والتشغيل تعكف إلى الأتممة ومن ثم تقليل الأيدي العاملة. ولمعرفة عدد الأيدي العاملة في هذا المجال مستقبلا، نحتاج إلى معلومات أكثر. ولقد سعدت كثيرا بأن مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة تعكف حاليا على وضع خطة لتقدير حاجة المملكة من القدرات البشرية في مجال الطاقة المتجددة حتى تساعد الجامعات والكليات والمعاهد لتطوير القدرات اللازمة حسب حاجة السوق. فعلى سبيل المثال فإن مشروع إنشاء محطة طاقة شمسية كهروضوئية "50 ميجاواط، مثلا" يتطلب -حسب تقرير الوكالة الدولية للطاقة المتجددة - الخاص بالقدرات اللازمة لمشاريع الطاقة الشمسية الكهروضوئية من حيث النسب: 1 في المائة لتخطيط المشروع، 22 في المائة للتصنيع والمشتريات، 2 في المائة للنقل، 17 في المائة للتركيب وربط الشبكة، 56 في المائة للتشغيل والصيانة، و2 في المائة لإزالة المشروع بعد العمر الافتراضي له "25 سنة". وفيما يتعلق بالوظائف المرتبطة بهذه المراحل ستتم مناقشة الوظائف المرتبطة بالطاقة الشمسية بشكل موسع كما يلي. فما يتعلق بمرحلة التصنيع لمثل هذا المشروع قد تحتاج أسابيع أو أشهرا بحسب حجم المصنع، وما يتعلق بمرحلة التشييد فتحتاج إلى كثافة عمالية تمتد لعدة أشهر، وأما مرحلة التشغيل والصيانة فتحتاج إلى عدد قليل من العمالة لكنها تمتد إلى 25 سنة، وبناء على ذلك يمكن ربط عدد أيام العمل للشخص بالنسب المذكورة أعلاه. ونحتاج أن نربط هذه الأرقام بطبيعة الوظائف لمثل هذا المشروع مع الأخذ في الحسبان المهارة المطلوبة ومدى ارتباطها بمجال الطاقة الشمسية الكهروضوئية. وفيما يتعلق بالوظائف الفنية المرتبطة بكل مرحلة فهي كما يلي. تحتاج مرحلة التخطيط والتصميم إلى المعرفة بالبيانات التاريخية والمتوقعة للأشعة الشمسية والحالة المناخية والبيئية عموما، ومتطلبات الطاقة الكهربائية وربط الطاقة المنتجة بالشبكة الكهربائية والمعايير الدولية لأنظمة الطاقة الشمسية. ويمكن أن نتساءل عن نسبة المعرفة اللازمة بالطاقة الشمسية لإنجاز هذه المرحلة؟ فمثلا لتقدير الطاقة الكهربائية المنتجة وآلية ربطها بالشبكة والمشاكل الممكنة نحتاج إلى مهندس لديه خلفية قوية في الهندسة الكهربائية ولدية معرفة بهندسة الطاقة الشمسية، التي قد تتكون عنده من خلال دورات علمية أو شهادة الماجستير، وقس على ذلك للفنيين. ولنكن واقعيين، فإن مرحلة تصنيع الألواح - وليس التطوير- تكون في مصانع لها خطوط إنتاج وتقنيات مطورة مسبقا. بمعنى آخر فإن خطوط الإنتاج تحتاج إلى مهندسين وفنيين من تخصصات مختلفة ويحتاج جزء محدود منهم إلى معرفة بالخلايا والألواح الشمسية، وهم موظفون بخلفية قوية في علم المواد والفيزياء وحاصلون على دورات أو شهادات عليا مرتبطة بالطاقة الشمسية. فيما يتعلق بصناعة أجهزة عاكس تردد التيار الكهربائي، فإنها ترتبط مباشرة بالمجال الفني والهندسي الكهربائي، وما يتعلق بالهياكل الحاملة للألواح الشمسية فإنها مرتبطة بالمجال الفني والهندسي الميكانيكي والإنشائي. وأما مرحلة النقل والخدمات اللوجستية فحاجتها إلى مختصي الطاقة محدودة جدا. وأما مرحلة التشييد والربط بالشبكة الكهربائية، فإنها تحتاج إلى مهندسين وفنيين ذوي خبرة ميكانيكية ومدنية وكهربائية إضافة إلى إدارة المشاريع، وبطبيعة الحال لا بد أن يكون لديهم الإلمام بمتطلبات مشاريع الطاقة الشمسية والمعايير الدولية للطاقة الشمسية. وفيما يتعلق بمرحلة التشغيل والصيانة، وهي مرحلة مهمة وطويلة المدة - تمتد إلى 25 سنة - ولكنها تحتاج نسبيا إلى عدد محدود من الموظفين، حيث تحتاج إلى خبرات شبيهة بخبرات مرحلة التشييد للمشروع إضافة إلى معرفة متخصصة بالتنبؤات بالأحوال الجوية. وفيما يتعلق بمرحلة تفكيك المشروع بعد انتهاء عمره الافتراضي، فالحاجة تكون إلى التعامل مع الألواح الشمسية وفصل المشروع عن الشبكة الكهربائية، وهذا يتطلب فنيين ومهندسين في مجالي الطاقة الكهربائية والبيئة مع الإلمام بمجال الطاقة الشمسية والتعامل مع الألواح الشمسية. ولابد من الإشارة إلى أن مشاريع الطاقة الشمسية تحتاج أيضا إلى تخصصات أخرى مثل: المالية والمحاسبة والعقود وإدارة المشاريع وهندسة التحكم والإلكترونيات، ومستقبلا خبرة في التعامل مع مصادر الطاقة المختلفة وربط مشاريع الطاقة المتجددة بالثورة الصناعية الرابعة. ولا بد من التأكيد على أنه في مثل هذه المشاريع فإن نسبة كبيرة من الأيدي العاملة غير مختصة في مجال الطاقة كمهندسين أو فنيين. عموما، فإن مشاريع الطاقة المتجددة في المملكة ستخلق عشرات الآلاف من الفرص الوظيفية حتى نهاية 2030، لكن توزيع الوظائف وعددها مرتبط بوتيرة طرح المشاريع ومن ثم تشغيلها. وبشكل عام، ووفقا لمكتب تطوير مشاريع الطاقة المتجددة في وزارة الطاقة السعودية، فإن عدد الوظائف لمشروع الطاقة الكهروضوئية الشمسية بحجم 300 ميجاواط يتراوح بين 700 - 900 وظيفة أثناء التشييد و 20 - 30 وظيفة أثناء التشغيل. ومن المتوقع في المستقبل أن يقل عدد العاملين مع أتممة مثل هذه المشاريع. ولابد من الإشارة إلى أنه في المستقبل ستكون سوق الطاقة عبارة عن مزيج من مصادر الطاقة المتجددة والتقليدية ما يتطلب الإلمام بمصادر الطاقة المختلفة؛ ولأجل ذلك سيكون تخصص هندسة الطاقة في البكالوريوس نسبيا أوسع مجالا في التوظيف من هندسة الطاقة المتجددة؛ وفي المستقبل سنحتاج إلى مختصين في الطاقة لديهم معرفة بالأمور التقنية والاقتصادية وتقنيات الثورة الصناعية الرابعة للتعامل مع مزيج الطاقة من مصادر مختلفة. وخلاصة القول، لا بد من الإشارة إلى أن المختصين في المجالات الأخرى المرتبطة بالطاقة، مثل: الهندسة الكهربائية أو دبلوم القوى الكهربائية، يمكنهم الإلمام بمتطلبات مشاريع الطاقة الشمسية من خلال الحصول على دورات متقدمة أو شهادات احترافية في مجالات الطاقة، ويمكن أيضا التركيز على برامج الماجستير المتخصصة لرفد هذا القطاع بالمختصين. وهذا هو الواقع على مستوى العالم، ونحن في حاجة إلى التطوير في المملكة. * مدير مركز التميز البحثي في الطاقة المتجددة ومدير مركز التميز في كفاءة الطاقة، جامعة الملك فهد للبترول والمعادن

مشاركة :