دبي: عبير أبو شمالة حافظت وكالة التقييم الائتماني العالمية «ستاندرد أند بورز» على تقييم مستقر لبنوك الإمارات؛ بفضل الملاءة المالية العالية التي تتمتع بها بنوك الدولة، واستقرار الأداء المالي لها، بما يتوقع أن يمكنها من المحافظة على استقرار أوضاعها الائتمانية في العام الجاري. وقال محمد دمق المحلل الائتماني المعني ببنوك الشرق الأوسط لدى الوكالة خلال مؤتمر صحفي يوم أمس في دبي، إن عوامل عدة تدعم التوقعات الإيجابية لأداء بنوك الدولة في العام الجاري؛ أبرزها: الملاءة المالية المرتفعة؛ والدعم الحكومي (الذي يضيف 3 درجات للتصنيف الائتماني للبنوك). لفت إلى أن المخاطر الأساسية التي تواجه القطاع المصرفي بصفة عامة هي التذبذب في أسعار النفط والتوتر الجيوسياسي. وقال: إن أسعار القطاع العقاري تمثل أحد أوجه المخاطرة كذلك لكن إلى اليوم لم يكن لها أي انعكاس على أداء البنوك، الأمر الذي أرجعه إلى إسهام البنوك المحدود في تمويل الرهون العقارية، فثلاث من أصل كل أربع عمليات شراء تتم نقداً في أسواق دبي، وإلى استفادة شركات التطوير العقاري الكبرى وأغلبها حكومية وشبه حكومية من الدعم الحكومي. وأخيراً إلى المعايير المحاسبية «أي إف أر إس 9». وتوقع تراجع الربحية نسبياً هذا العام مع انخفاض أسعار الفائدة، وقال: إن البنوك الإماراتية تتمتع بمراكز أسعار فائدة طويلة. ويرجع ذلك إلى الحصة الكبيرة للودائع بدون فائدة في هيكلها التمويلي. وبالتالي فإن التحول في السياسة النقدية للاتحادي الفيدرالي الأمريكي نحو موقف أكثر ليونة، مع خفضه لأسعار الفائدة ثلاث مرات وقيام البنك المركزي في الدولة بخطوات مماثلة، سيكون له تداعيات سلبية على هوامش الربحية لدى هذه البنوك. من جهة أخرى تتوقع الوكالة ارتفاع كُلفة المخاطر هذا العام على البنوك في الدولة من 110 نقط أساس في العام الماضي إلى 120 نقطة هذا العام. وقال: شهدنا في الشهور التسعة الأولى من عام 2019 تراجعاً طفيفاً في ربحية البنوك الإماراتية، ونتوقع استمرار هذا التوجه. تراجعت العوائد على متوسط الأصول لدى البنوك الإماراتية المُصنّفة إلى 1.5% كما في سبتمبر/أيلول 2019، من 1.7% في نهاية عام 2018. الدمج وتحدث عن الدمج في القطاع المصرفي قائلاً: إنه وفي سوق الإمارات كانت خطوة مهمة لارتفاع عدد البنوك في الدولة؛ لكنه لفت إلى أن عمليات الدمج والاستحواذ في القطاع في الإمارات اقتصرت إلى اليوم بين المساهمين أنفسهم، بمعنى أن الدمج يتم بين بنوك لها مالك واحد، ما يجعل أثرها الاقتصادي يعد محدوداً نسبياً، وقال: إنه في حال شهد القطاع موجة ثانية من الاندماجات فمن المنتظر أن تكون هناك اندماجات بين بنوك من الإمارات المختلفة أو بين بنك خاص وآخر تعود ملكيته للدولة، ما سيكون له الانعكاس الأكبر على مستوى اقتصادات الدمج واقتصادات الحجم. «الفينتك» قال دمق: إن التأثير الجذري للتحول الرقمي ودخول شركات التكنولوجيا المالية «الفينتك» على القطاع سيكون أكثر وقعاً على مستوى التحويلات والمدفوعات المالية منه على الاقتراض، لافتاً إلى أن الأخير يحتاج إلى تعامل مباشر، ويصعب أن يتأثر بالتحول الرقمي. العقار واللجنة العقارية قالت الوكالة: إنه من المتوقع أن تدخل 120 ألف وحدة عقارية جديدة إلى سوق العقارات بدبي خلال الفترة حتى عام 2022، ما سيزيد الضغوط على أسعار العقارات التي تراجعت بنحو 10% في العام الماضي، وتتوقع الوكالة، أن تتراجع بين 5 إلى 10% هذا العام. وقال خبراء الوكالة الذين شاركوا في جلسة أمس، إن اللجنة العليا للتخطيط العقاري في دبي تعد خطوة في الطريق الصحيح؛ لكنها لن تقدر على التحكم في المعروض على المدى القصير. فهناك حاجة لبعض الوقت، خاصة وأننا لم نلحظ حتى الآن أي تراجع عن الإعلانات عن المشاريع الجديدة في السوق، ما يزيد الضغوط المتنامية على المعروض وعلى مستوى الشرائح العقارية المختلفة. ورجحت الوكالة وجود زخم مؤقت في القطاع العقاري في دبي؛ بفضل استضافة معرض «إكسبو 2020» في العام المقبل. تداعيات كورونا على المنطقة تتوقع الوكالة أن يكون لانتشار فيروس «كورونا» تأثيرات سلبية على أسواق النفط والصادرات السلعية في دول مجلس التعاون، وسيتفاوت التأثير من دولة إلى أخرى حسب نسبة صادراتها إلى الصين من إجمالي صادراتها السلعية، وعلى هذا المستوى تعد الإمارات الأقل تأثراً بحصة 4.2%، مقابل 45.1% بالنسبة لسلطنة عُمان (وفقاً لأحدث بيانات في 2018). وقالت: ستكون هناك قنوات أخرى منها السياحة، فالسائح الصيني الرابع بين الأعلى إنفاقاً عالمياً، ولفتت إلى أن دبي استقبلت مليون سائح صيني في العام الماضي، وكذلك الشحن والسفر، والنقل الجوي، وقالت: إن التأثير على القطاع المالي سيكون محدوداً، أما القطاع العقاري فسوف يتأثر بشكل غير مباشر، وتقدر استثمارات الصينيين في عقارات دبي بنحو 1% في العام الماضي، أو ما يعادل 460 مليون درهم. وخفضت الوكالة توقعاتها لنمو اقتصاد الصين إلى 5% في عام 2020 مقارنةً بنحو 6.1% في عام 2019، وتبني الوكالة توقعاتها حتى الآن على فرضية انحسار المرض في مارس المقبل. وقالت من جهة أخرى، إن تمديد خفض حصص الإنتاج الحالية لمنظمة أوبك إلى ما بعد مارس، لمواجهة التراجع في أسعار النفط العالمية (تتوقع الوكالة تراجع أسعار النفط نتيجة لكورونا إلى 60 دولار في المتوسط للبرميل هذا العام ونحو 55 دولاراً في 2021)، يمكن أن يؤثر في تقديراتها للإيرادات المالية وإيرادات الحساب الجاري لدى الحكومات السيادية الخليجية؛ لكنها رجحت أن تبادر دول المنطقة إلى رفع الإنفاق الحكومي، ما سيزيد العجوزات المالية. وتتوقع الوكالة ارتفاع العجز في ميزانية أبوظبي إلى 3.2% في 2019، و5.5% هذا العام، مع المحفزات المالية، وإلى 7.8% من الناتج المحلي للعاصمة في العام المقبل؛ نتيجة تراجع أسعار النفط. وقالت الوكالة: هذا العجز مع عدم احتساب عائدات الاستثمار في الأصول الخارجية، سيتحول إلى فائض بعد احتسابها. ورجحت الوكالة أن تحافظ الإمارات ودول المنطقة على أوضاع مالية جيدة على الرغم من العجز المالي؛ بفضل ارتفاع العائد الاستثماري على الأصول الخارجية.
مشاركة :