تلعب المرأة في الحياة البدوية دوراً كبيراً في الحفاظ على التراث الأصيل رغم الصعوبات التي تواجهها سواء من حيث المناخ القاسي أو القدرة على تسويق منتجاتها وبيعها، فإلى مكان بعيد كولاية محوت في المنطقة الوسطى من سلطنة عمان لا يمكنك الذهاب للتسوق، ربما تقصد تلك المنطقة الجميلة سائحاً ولكن ذلك غير كاف للحرفيين فيها، ولكي تحظى بمشغولات يدوية أو منسوجات صوفية جميلة يجب أن تحضر تلك المنسوجات إليك سواء من خلال المعارض التراثية التي تقام أحياناً أو المهرجانات، وهذه الصعوبة التي تجعل كثيرا من النساء البدويات اليوم يكافحن لأجل الاستمرار بممارسة تلك الحرف التي تعد جزءاً لا يتجزأ من حياتهن. أولت الحكومة العمانية اهتماماً كبيراً بالحفاظ على الحرف التقليدية التي تميز الحياة البدوية وبالفعل قامت بتسجيل عدد كبير من النساء كحرفيات في الهيئة العامة للصناعات الحرفية،وبذلك يحصلن على عدة أنواع مختلفة من الدعم منها فرصة بتسويق منتجاتهن في المعارض والمهرجانات التي تقام على مدار العام، إلى جانب حصولهن على مستلزمات حرفة الغزل والنسيج. ثمنى الوهيبي حرفية من ولاية محوت، اسمها مدرج لدى الهيئة العامة للصناعات الحرفية كأول حرفية من الولاية. تتميز منتجاتها النسيجية بجمالها ودقة صنعها تقول: نحن من أصل البدو وأهلنا وأجدادنا جميعهم يمارسون حرفة النسيج. كان أهلنا يغزلون صوف الأغنام التي يربونها ويتدبرون أمورهم أما اليوم فالوضع اختلف وبات كل شيء أسهل، حيث توفر لنا مصانع عمان أنواعاً مختلفة من الخيوط المستوردة إلى جانب صوف الأغنام الذي نعتمد على أنفسنا في تحضيره وصبغه. تنسج ثمنى الكثير من المشغولات اليدوية كمفرش الطاولة ومستلزمات الإبل كالمفرش والخطام والقيد، إلى جانب العقود والمسح والحقائب بمختلف أنواعها والتي تنسج من الصوف كحقيبة المكحلة وحقيبة اليد، وأيضاً الميداليات بمختلف الأحجام لتعليق المفاتيح، والبرقع الذي تلبسه جميع نساء البدو وله مقاسات وأشكال مختلفة. تحديات عدة لكن المرأة البدوية لتقوم بعملها هذا فإنها تجابه عدة صعوبات ليس أقلها تقلب المناخ والجو الحار ،تضيف ثمنى: لا يساعدنا المناخ على العمل طوال أيام السنة فهناك وتحت خيمة في ولاية محوت حيث أقيم يكون للطقس الكلمة الكبرى في العمل أو عدمه، فصيفاً أتوقف ومعظم النساء البدويات من ولايتي عن العمل نهائيا بسبب الحر الشديد وهبوب رياح الكوس الموسمية، أما شتاء عندما تهطل الأمطار الموسمية فتتلف أعمالنا وتتغير ألوانها فبيوتنا المصنوعة من سعف النخيل لا تقينا من الأمطار، وبين هذا وذاك نحاول قدر المستطاع الإبقاء على هذه الحرفة حية. زينة المرأة البدوية ولا تعد المنسوجات الصوفية الأمر الوحيد الذي تجيد المرأة البدوية القيام به ، فهي كغيرها من النساء تحب الجمال وتفهمه وتحب أن تتجمل أيضاً، وهي خبيرة بصناعة الكحل العماني الذي تسارع الكثيرات من نساء المدن لشرائه منهن عندما يتوافر في المعارض والمهرجانات. وتتحدث غنيمة سلوم من الدقم عن كيفية تحضير الكحل فتقول: يحضر بعدة طرق ولكننا نحن نعده من كبد القرش الذي يسخن على النار حتى تخرج منه مادة الصل التي تخلط مع القطن ثم تضاف إليها الزبدة البقرية الخالية من الملح وتوضع بشكل كرات كحلية من مواد طبيعية خالصة تمنح العين الصفاء وتزيد من بياضها ، وهذا الكحل معروف بجماله وفوائده الكبيرة. ومن ضمن مواد الزينة التي تنتجها المرأة البدوية أيضاً يأتي الورس والزعفران والبخور إلى جانب الصندل، المادة التي تقبل عليها كثير من النساء، ويستخدم بوضعه على أجزاء مختلفة من الجسم كالوجه واليدين وله تأثير واضح في تصفيتهما من الدهون وتوحيد لون البشرة ومنحها النقاء والإشراق، وكثيراً ما تستخدمه العرائس قبل زفافهن، إلى جانب العديد من النساء اللواتي يفضلن اتباع الوصفات الطبيعية للعناية بالبشرة بدلاً من استخدام الكريمات الجاهزة.
مشاركة :