مع دخول ملايين الشباب إلى سوق العمل سنويا، وازدياد حدة القيود على موارد المالية العامة، وتصاعد المخاطر الاقتصادية تقف حاليا دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأفغانستان وباكستان عند لحظة فارقة. وبينما يمثل تعزيز القطاع الخاص مطلبا حيويا لمواجهة هذا التحدي، فقد ظل السبيل لذلك، أي: زيادة الاستثمار الخاص في المنطقة بعيد المنال لفترة طويلة. وفي واقع الأمر، ظل استثمار القطاع الخاص منخفضا بالمقاييس التاريخية في دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأفغانستان وباكستان مقارنة بمعظم اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية الأخرى. وتفاقم هذا الاتجاه العام في الأعوام الأخيرة. ففي نصف دول المنطقة، انخفضت نسبة الاستثمار الخاص إلى إجمالي الناتج المحلي منذ "الانتفاضة العربية" في 2011 مقارنة بالفترة التي سبقت الأزمة المالية العالمية في 2008-2009. وكان لهذا التراجع أثر عميق في سلامة الاقتصاد في المنطقة، الأمر الذي تحول إلى خسارة سنوية في النمو بمتوسط قدره 1.5 نقطة مئوية في الدول المصدرة للنفط وما يقرب من نقطة مئوية واحدة في الدول المستوردة للنفط. ووسط تزايد المخاطر التي تكتنف آفاق الاقتصاد العالمي، واستمرار الابتكار التكنولوجي الذي يبشر بتغيير الطبيعة التي دأب عليها العمل، يتعين على دول المنطقة التعجيل بإجراء إصلاحات جريئة إذا ما أرادت أن تحقق النمو الاحتوائي اليوم ولمصلحة الأجيال المقبلة. ويبحث العدد الأخير من تقرير الصندوق حول آفاق الاقتصاد الإقليمي في منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في هذا التحدي الحاسم على مستوى السياسات ويخلص إلى أن دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأفغانستان وباكستان بوسعها استقطاب الاستثمار إلى المنطقة ووضع الأساس لمستقبل أكثر رخاء بالتركيز على تحقيق عدة أولويات. بعض العوامل التي تعزز الاستثمار الخاص -مثل نمو أسواق التصدير وتطور أسعار النفط- لا تخضع لسيطرة صانعي السياسات في المنطقة. غير أن التقرير يشير إلى عوامل أخرى لها تأثير ملحوظ في الاستثمار الخاص، ومنها التعليم والبنية التحتية والحوكمة وإمكانية الحصول على التمويل، وجميعها مجالات بإمكان دول المنطقة تحسينها، ويمكن أن تتأثر مباشرة باختيارات السياسات... يتبع.
مشاركة :