جائحة «كوفيد - 19» في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى «1من 2»

  • 4/14/2020
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

كانت لفيروس كورونا "كوفيد - 19" والهبوط الشديد في أسعار النفط، آثار بالغة في الشرق الأوسط والقوقاز وآسيا الوسطى ومن الممكن أن تزداد حدة. ففي ظل إعلان ثلاثة أرباع الدول وجود حالة واحدة مؤكدة على الأقل من الإصابة بمرض فيروس كورونا ومواجهة بعضها تفشى الفيروس بشكل كبير، وأصبحت جائحة فيروس كورونا أكبر تحد أمام المنطقة على المدى القصير. وعلى غرار الوضع في معظم أنحاء العالم، أخذت شعوب هذه الدول بهذا التطور على حين غرة، فأود أن أعرب عن تضامني معها في مجابهة هذه الأزمة الصحية غير المسبوقة. وسيكون هذا التحدي جسيما خصوصا للدول الهشة التي مزقتها الصراعات في المنطقة كالعراق والسودان واليمن حيث يمكن أن يؤدي انخفاض الواردات في ظل اضطراب التجارة العالمية إلى تفاقم صعوبة إعداد النظم الصحية الضعيفة لديها لمواجهة تفشي الوباء، الأمر الذي ينتج عنه نقص الإمدادات الطبية والسلع الأخرى ويفضي إلى ارتفاع شديد في الأسعار. وفضلا على الآثار المدمرة لصحة الإنسان تتسبب هذه الجائحة في حدوث اضطرابات اقتصادية كبيرة في المنطقة من خلال الصدمات المتزامنة، تتمثل في هبوط الطلبين المحلي والخارجي، وانخفاض التجارة، واضطراب الإنتاج، وتراجع ثقة المستهلكين، وتشديد الأوضاع المالية. وواجهت الدول المصدرة للنفط في المنطقة صدمة إضافية تتمثل في الهبوط الشديد في أسعار النفط. فقد أدت القيود المفروضة على السفر عقب وقوع هذه الأزمة المتعلقة بالصحة العامة إلى تراجع الطلب العالمي على النفط، وخلال فترة ما قبل وجود اتفاقية إنتاج جديدة بين أعضاء "أوبك +" كانت هناك تخمة في المعروض. ونتيجة ذلك انخفضت أسعار النفط بما يزيد على 50 في المائة منذ بدء الأزمة المتعلقة بالصحة العامة. أولا: إجراءات منع انتشار الجائحة تضر بأهم القطاعات الغنية بالوظائف: فقد وصل إلغاء الرحلات السياحية في مصر إلى 80 في المائة، بينما تأثرت خدمات الضيافة والبيع بالتجزئة في الإمارات ودول أخرى. ونظرا للأعداد الهائلة من العاملين في قطاع الخدمات، ستكون هناك أصداء واسعة إذا ارتفعت البطالة وهبطت الأجور وتحويلات العاملين في الخارج. وفي الوقت نفسه، اضطربت عمليات الإنتاج والصناعة التحويلية بينما أرجئت الخطط الاستثمارية. وتزداد هذه الصدمات المعاكسة تعقيدا بفعل هبوط ثقة دوائر الأعمال والمستهلكين، كما شاهدنا في الاقتصادات المختلفة حول العالم. إضافة إلى الاضطرابات الاقتصادية بفعل مرض فيروس كورونا، لحقت أضرار بالدول المصدرة للنفط في المنطقة بسبب انخفاض أسعار السلع الأولية. وسيؤدي انخفاض عائدات التصدير إلى إضعاف المراكز الخارجية وتخفيض الإيرادات، ما يضع ضغوطا على ميزانيات الحكومات ويفضي إلى انتشار التداعيات إلى بقية الاقتصاد. ومن ناحية أخرى، فالدول المستوردة للنفط من المرجح أن تواجه آثارا غير مباشرة، منها انخفاض التدفقات الداخلة من تحويلات العاملين في الخارج وضعف الطلب من بقية دول المنطقة على السلع والخدمات. وأخيرا، فإن الارتفاعات الحادة في درجة العزوف عالميا عن المخاطر وهروب رؤوس الأموال إلى الأصول المأمونة أدت إلى تراجع تدفقات استثمارات الحافظة إلى المنطقة بنحو ملياري دولار منذ منتصف شباط (فبراير)، بينما شهدت الأسابيع الأخيرة خروج تدفقات كبيرة. وكنت قد أكدت وجود هذه المخاطر في مقال سابق. فأسعار الأسهم انخفضت، وفروق العائد على السندات اتسعت. وضيق الأوضاع المالية الذي نشهده حاليا يمكن أن يشكل تحديا جسيما، حيث تشير التقديرات إلى وصول الديون السيادية الخارجية التي يحل أجل استحقاقها على المنطقة في 2020 إلى 35 مليار دولار. وعلى هذه الخلفية المحفوفة بالمصاعب من المرجح أن تشهد المنطقة هبوطا كبيرا في النمو هذا العام. إن الأولوية القصوى على مستوى السياسات في المنطقة هي حماية سكانها من مرض فيروس كورونا. وينبغي تركيز الجهود على تخفيف آثاره واتخاذ الإجراءات اللازمة لاحتوائه من أجل حماية الصحة العامة. وينبغي أن تبذل الحكومات كل ما لديها لضمان إعداد النظم الصحية وشبكات الأمان الاجتماعية بالشكل الكافي الذي يلبي احتياجات سكانها، حتى في الدول التي تواجه تقلصا في ميزانياتها بالفعل. وفي الوقت الحالي، تعمل الحكومات في منطقة القوقاز وآسيا الوسطى، مثلا، على زيادة الإنفاق على الصحة كما تنظر في اتخاذ إجراءات أوسع لدعم الفئات المعرضة للخطر وزيادة الطلب... يتبع.

مشاركة :