تعزيز صحة القوة العاملة والنمو الاقتصادي «1من 2»

  • 2/20/2020
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

لاكشمي بيريرا من سكان كالوتارا وتبلغ من العمر 48 عاما. وكانت تعاني صعوبة في فقدان الوزن. بدأت بزيارة أحد المراكز للحياة الصحية التي أنشأتها الحكومة للمساعدة على الوقاية من الأمراض غير المعدية في البلاد. ولقد تغيرت حياتها منذ ذلك الحين. تقول بيريرا: "لقد علمونا كيفية تناول الطعام الصحي وكيفية الحفاظ على اللياقة البدنية، لكن لم يكن من السهل دائما القيام بذلك". وتضيف قائلة "الآن، انضممت إلى فصل للتدريبات البدنية وخلال ستة أشهر فقدت عشرة كيلوجرامات. ففي سريلانكا -أسرع دول جنوب آسيا تزايدا في أعداد المسنين- من المتوقع أن يتضاعف عدد السكان الذين تزيد أعمارهم على 60 عاما خلال 25 عاما. وأنشأت الحكومة، بمساندة البنك الدولي، مراكز للحياة الصحية للمساعدة على الوقاية من الأمراض غير المعدية واكتشافها وعلاجها على مستوى المجتمع المحلي والرعاية الصحية الأولية. وتستهدف هذه المراكز الفئات السكانية الضعيفة من الرجال والنساء الذين تزيد أعمارهم على 40 عاما، حيث تقوم بتوعيتهم بمخاطر الإصابة بالأمراض غير المعدية وكيفية الوقاية منها واكتشافها والسيطرة عليها كي يستطيعوا أن يحيوا حياة أكثر صحة وتحقيقا للرضا. تقول بيريرا: "لقد حصلت على ما أحتاج إليه دفعة، ويمكنني أن أشعر بشكل مباشر بفوائد فقدان الوزن، وأنا متحمسة أكثر من أي وقت مضى لمواصلة رحلة فقدان الوزن". وعلى الرغم من الزيادات في متوسط العمر المتوقع عند الميلاد، أصبحت الزيادة في الأمراض المزمنة وغير المعدية تمثل تهديدا عالميا. ففي جميع أنحاء العالم، يموت 15 مليون شخص قبل سن الـ70 كل عام بسبب هذه الأمراض التي تشمل أمراض القلب والأوعية الدموية ومختلف أنواع السرطان ومرض السكري والسمنة. وقد أصبحت الأمراض المزمنة وغير المعدية مصدر قلق متزايدا في جميع الدول بغض النظر عن مستوى الدخل. ويقول الدكتور محمد بات، مدير قطاع الممارسات العالمية للصحة والتغذية والسكان في البنك الدولي: "من أكثر الطرق فعالية لمعالجة الأمراض غير المعدية زيادة الاستثمارات في الرعاية الصحية الأولية الجيدة ميسورة التكلفة. وهذا أمر منطقي من منظور الصحة والاقتصاد على السواء. فضخ مزيد من الموارد على الخطوط الأمامية للكشف عن الحالات وعلاجها مبكرا، قبل أن تصبح أكثر خطورة، ينقذ الأرواح ويحسن النتائج الصحية ويخفض تكاليف الرعاية الصحية ويدعم التأهب لتفشي الأوبئة". وتعد السمنة أحد أكثر عوامل الخطر المعروفة للأمراض غير المعدية وهي مرض في حد ذاتها. ويبرز تقرير جديد للبنك الدولي بعنوان "السمنة .. التبعات الصحية والاقتصادية للتحدي العالمي الوشيك، وباء السمنة المتنامي وآثاره السلبية". يوضح هذا التقرير لماذا تعد زيادة الوزن والسمنة تحديا عالميا وشيكا، خاصة بين الفقراء ومن يعيشون في الدول منخفضة أو متوسطة الدخل، ويبدد الأسطورة القائلة إنها مشكلة فقط في الدول والمناطق الحضرية مرتفعة الدخل. وتظهر البيانات الحديثة أنه منذ عام 1975 تضاعفت حالات السمنة ثلاث مرات تقريبا، وتشكل الآن أربعة ملايين وفاة كل عام في جميع أنحاء العالم. ففي عام 2016، كان أكثر من ملياري شخص بالغ (44 في المائة) يعانون زيادة الوزن أو السمنة، يعيش أكثر من 70 في المائة منهم في دول منخفضة أو متوسطة الدخل. ومن العوامل التي تغذي وباء السمنة ناتجة إلى حد كبير عن السلوكيات والبيئات التي نعيش فيها. وتشمل هذه العوامل: سهولة الحصول على الأطعمة المصنعة والسكرية؛ وانخفاض النشاط البدني المرتبط بالتقدم التكنولوجي الذي يساعد العمال ويساعد على خفض أعباء أعمال المنزل؛ وزيادة استهلاك الأطعمة غير الصحية المرتبطة في كثير من الأحيان بزيادة الثروة والدخل. كما ينجم هذا الوباء إلى حد كبير عن التعرض للمخاطر البيئية، مثل تلوث الهواء، والقيود المفروضة على الحصول على الخدمات الأساسية. واليوم تعد الأمراض المرتبطة بالوزن الزائد والسمنة، مثل مرض السكري وأمراض القلب والسرطان، من بين أكبر ثلاثة أمراض تسبب الوفاة في كل منطقة من مناطق العالم باستثناء إفريقيا جنوب الصحراء. "الحد من زيادة الوزن والسمنة منفعة عامة عالمية. وستسهم معالجة هذه القضية بشكل استباقي إسهاما ملموسا في بناء رأس المال البشري، وضمان ارتفاع النمو الاقتصادي، والحفاظ على قوة عاملة تتمتع بالصحة ومؤهلة لمستقبل مثمر". من المتوقع أن يصل إجمالي تكلفة السمنة في الدول النامية خلال الـ15 عاما المقبلة إلى أكثر من سبعة تريليونات دولار، ما يؤدي إلى استبعاد أكثر الفئات حرمانا من الخدمات. في الصين بين عامي 2000 و2009 على سبيل المثال ارتفعت تكاليف الرعاية الصحية المرتبطة بالسمنة من 0.5 إلى أكثر من 3 في المائة من نفقات الرعاية الصحية السنوية. وفي البرازيل، من المتوقع أن تتضاعف تكاليف الرعاية الصحية المرتبطة بالسمنة، من أقل من ستة مليارات دولار عام 2010 إلى أكثر من عشرة مليارات دولار عام 2050. ولا تقتصر هذه التكاليف على تكاليف الرعاية الصحية فقط، بل أيضا تشمل التكاليف غير المباشرة الناجمة عن انخفاض إنتاجية العمل والتغيب عنه والتقاعد المبكر وغير ذلك التي سيتحملها المجتمع والأفراد. فعلى سبيل المثال، قدرت إحدى الدراسات زيادة التكاليف غير المباشرة للوزن الزائد أو السمنة في الصين من 3.6 في المائة من إجمالي الناتج القومي عام 2000 إلى 8.7 في المائة من إجمالي الناتج القومي عام 2025. وتظهر الأبحاث أن الاستثمارات الحالية في الإجراءات التدخلية الفعالة من حيث التكلفة يمكن أن تنقذ حياة 8.2 مليون شخص في الدول الفقيرة وتولد 350 مليار دولار من الفوائد الاقتصادية بحلول عام 2030. وهذا يعادل استعادة سبعة دولارات لكل شخص عن كل دولار مستثمر. يعاني الآن عديد من الدول حول العالم ما يشار إليه باسم "العبء المزدوج لسوء التغذية" -ارتفاع معدلات التقزم بين الأطفال وزيادة معدلات السمنة بوتيرة سريعة- ما يهدد رأسمالها البشري. ويتحول هذا العبء المزدوج إلى تغيرات في الهياكل الأسرية، حيث يصبح أفراد الأسرة، خاصة النساء منهم، هم مقدمو الرعاية الفعليون لكبار السن. إضافة إلى ذلك، يعاني الفقراء جزءا أكبر من المشكلة لأنهم أكثر عرضة للصدمات الصحية والاقتصادية... يتبع.

مشاركة :