تتأمل فاطمة دجاجاتها بكل حب، فأخيراً أصبحت تملك شيئاً يساعدها على تحصيل الدخل وإعالة بناتها الثلاث بعد سنوات من الجوع والحرب، قضينها بين قرى الغوطة، نعم دجاجة بالنسبة لفاطمة مشروع يمكن استثماره.. كيف؟! قبل الحرب كانت تقيم فاطمة في منزل مكون من غرفتين بقرية الميدعاني، وكانوا يأكلون مما يزرعون على حسب قولها، وتضيف: «كنا سعداء وآمنين في منزلنا الذي أعتبره أجمل مكان بالعالم»، لكن الحال لم يبق كما هو عندما اندلعت الحرب وتأزمت الأوضاع في قريتها ما اضطرها للنزوح لقرية أخرى في الغوطة اسمها مسرابا، حيث أقامت مع عائلتها وأقاربها في غرفة لا تصلح للعيش وكانوا يعملون برعاية الأبقار والزراعة من الصباح حتى المساء مقابل الطعام فقط. بعد انتهاء الحرب وعودتهم لقريتها انصدمت بتهدم منزلها، لهذا اضطرت للإقامة في منزل عمها نصف المدمر، وكان عليها الاستمرار في العمل لدى الآخرين لتأمين بعض الدخل، وتمكنت أخيراً من الحصول على منحة من إحدى الجمعيات لتربية الدجاج، واستطاعت من خلالها توفير بعض المال لعائلتها والحصول على شيء من الاستقرار النفسي. وبفرح طفولي تختم حديثها بأن أكثر ما أسعدها أنها تمكنت أخيراً من شراء ملابس جديدة لأطفالها، ولم تعد تضطر للتهرُّب من طلباتهم، وتحلم أن توسع عملها ليصبح لديها يوماً ما مزرعة دجاج كي تؤمِّن لهم كل ما يحتاجونه.. كانت هذه المنحة بتربية الدجاج طوق نجاة لفاطمة التي تحلم بالكثير ما بعد أزمة الحرب. كسر للقيود فاطمة لم تكن السيدة الأولى في ريف دمشق التي دخلت سوق العمل ولو بشكل بسيط بعد الحرب، فنسبة كبيرة من السيدات اللواتي كن قبل الأزمة ممنوعات من الخروج والعمل أصبحن اليوم مضطرات للقيام بذلك، وتحدثنا سميرة وهي شابة في الـ30 من قرية يلدا بريف دمشق أيضاً، بأنها تعلمت خلال فترة نزوحها بدمشق مهنة الخياطة ووجهتها لخياطة الشراشف ووجوه المفروشات، واستفادت عند عودتها للقرية من حاجة الناس الملحة لمثل هذه المنتجات، لهذا تقدم سميرة خدماتها بأسعار مقبولة.طباعةEmailفيسبوكتويترلينكدينPin InterestWhats App
مشاركة :