رغم شهرته بأنه رجل دين في الولايات المتحدة الأمريكية، إلا أن الداعية الراحل مالكوم إكس قبل وفاته أصبح مناضلا ضد الجماعات والأفكار الخاطئة، فقد كان منضما لفترة طويلة لحركة إسلامية عنصرية تعرف باسم "حركة أمة الإسلام"، والتي كانت تخضع المنضمين إليها لقواعد غريبة أولها الإيمان المطلق بأن ذوي البشرة السمراء هم الأفضل على كوكب الأرض، ويتفوقون على ذوي البشرة البيضاء.نفس النظرة العنصرية التي يتعامل بها غير المسلمين حينها، وظل مالكوم إكس في هذه المنظمة لفترة زادت عن 20 عاما، حتى أثرت فيه رحلة مدتها 12 يوما، وجعلته يتبع الإسلام بمفهومه الحقيقي دون إتباع الرغبات السياسية أو الاجتماعية لشخص أو جماعة، وبعد عودته اعتذر عن نظرته السابقة للبيض والسود، والعنصرية والتمييز الذي تعامل بهم.بدأ مالكوم إكس مرحلة جديدة في حياته الإسلامية، بعد أدائه لفريضة الحج في عام 1379 هـ الموافق عام 1964، وكانت قبل عام واحد من وفاته، وخلال هذه الزيارة رأى مالكوم إكس العالم الإسلامي بشكله الحقيقي، طاف في الحج فرأى جنسيات مختلة بألوان بشرة منوعة مجتمعة في مكان واحد في انسجام تام، بدون شعور أيا منهم بالعنصرية.اندهش مالكوم مما رآه، رجل أسود البشرة ذو شعر مجعد يصلي بجواره رجل ذو بياض شاهق وعيون زرقاء، دون صراع على أفضلية أيا منهما وفقا للون بشرته، كان كالطفل رأى كل شئ للمرة الأولى خارج الإطار الذي وضعه فيه إليجا محمد مؤسس حركة أمة الإسلام الذي أعلن مالوم إكس إسلامه لأول مرة فيها.اقتنع مالكوم أن الإسلام ليس دين الرجل الأسود أو الأبيض فقط، كما كان يعتقد، بل هو دين لكل البشرية، قضى بمكة 12 يومًا غيرت كل معتقداته لسنواته الـ 39، رأى الإسلام بشكله الصحيح وأدرك ضلال الجماعة الذي كان يتبعها، كما أنه تعلم خلال الحج كيفية أداء الصلاة لأول مرة بالطريقة الصحيحة.تأثر مالكوم بالحجاج وأصواتهم المؤثرة، والبساطة والإخاء الذي عاصرهم لأول مرة في حياته، وكتب مالكوم عن هذه الرحلة للحج: «في حياتي لم أشهد أصدق من هذا الإخاء بين أناس من جميع الألوان والأجناس، إن أمريكا في حاجة إلى فهم الإسلام لأنه الدين الوحيد الذي يملك حل مشكلة العنصرية فيها».التقى مالكوم إكس بعدد من الشخصيات البارزة خلال الزيارة، حتى قرر بعد الزيارة تغيير اسمه ليصبح الحاج مالك شباز، وقرر نقل الصورة الذي عاشها في السعودية وهي حياة البيض والسود معا في سلام، إلى الولايات المتحدة، وكان هذا يتنافى مع مبادئ حركة أمة الإسلام العنصرية التي لم يرق لمؤسسها الحياة في سلام.12 يوما لأداء فريضة الحج هي الفترة التي كانت سببا في تخلص مالكوم إكس من عنصريته إلى الأبد، بعدما كان خاضعا لجماعة عنصرية عانت اضطهاد البيض، وبعد عودته من الحج أعلن براءته من مبادئ حركة أمة الإسلام العنصرية، وشكل بعدها جماعة أهل السنة لدعوة الناس إلى الإسلام الصحيح الذي عاصره في المملكة العربية السعودية.اشتعلت الحرب بين مالكوم إكس وإليجاه محمد، والذي هدده بالقتل حال الاستمرار في دعوته، ولكن مالكوم لم يتوقف واستمر في دعوة الناس للسلام، حتى اشعل إليجاه النيران في منزل مالكوم ولكنه نجى من الحريق، حتى هاجمته الصحف الأمريكية بأنه يريد تدمير أمريكا ويثير ثورة بين السود، رغم أن هذا لم يحدث عندما كان يدعو لمبادئ حركة أمة الإسلام العنصرية، حتى تم اغتياله أمام الجميع.
مشاركة :