هل تشهد الانتخابات الإسرائيلية القادمة نهاية حقبة «نتنياهو»؟ .. وجهات نظر غربية

  • 2/26/2020
  • 01:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

استطاع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الاستمرار أكثر من 11 عامًا في منصبه، رغم فضائحه وفضائح زوجته وسياساته غير المقبولة. ومع ذلك، فإن مستقبله السياسي معرض للخطر، إذ سيمثل يوم 17 مارس أمام المحكمة المركزية في القدس بتهمة الاحتيال وخيانة الأمانة وتلقي الرشاوى أي بعد الانتخابات الثالثة بحوالي أسبوعين تقريبًا، والتي ربما تُؤدِّي إلى أن يواجه أكثر من 10 سنوات في السجن، إذا ثبت اتهامه بالرشاوى وثلاث سنوات إضافية إذا ثبتت تهمتي الاحتيال وخيانة الأمانة، يتوقَّع الكثيرون أن تُؤثِّر في إمكانية فوزه في الانتخابات المقبلة. كتب «أوليفر هولمز»، في صحيفة «الجارديان»، إنه «إذا أُعيد انتخاب نتنياهو في انتخابات الجولة الثالثة، فلن يكون مطالبًا بالتخلي عن منصبه إلا إذا ثبت اتهامه، ومن المتوقع أن تستغرق عملية محاكمته عدة سنوات، وقد رفض اقتراح حلفائه السياسيين إصدار قانون ليحميه من أي عقوبات محتملة أثناء هذه الفترة. ومع ذلك إذا فشل في ضمان إعادة انتخابه وثبت أنه مذنب فسوف تنتهي حياته ومسيرته السياسية، وسمعته ويدخل السجن».وقد استغل المعارضون هذا الوضع في الحملة الانتخابية، خاصة حزب «أزرق أبيض»، يقول «بيل ترو»، في صحيفة «ذي إندبندنت»: إنه «من المرجح أن يستغل خصوم رئيس الوزراء الإجراءات القانونية وعملية المحاكمة في محاولة للفوز بمزيد من المقاعد في الكنيست». وقال «بيني غانتس»، قائد حزب «أزرق أبيض»: إن «محاكمة نتنياهو جراء تورُّطه في تهم بالفساد أمر كفيل بجعله غير لائق لأن يستمر في منصبه، وسيكون سباقه الانتخابي به حالة من التوتر والخوف من تبعات الملاحقات القانونية، التي قد يخضع لها»، وقال أيضًا: «سيظل نتنياهو مشغولا بما قد يحدث له حتى إذا تمت إعادة انتخابه، ولن يكون هناك مجال للاهتمام بمصالح المواطنين».وفي الوقت الحاضر، يبدو أن نهج «غانتس» قد أظهر فاعليته؛ إذ تقدَّم حزب «أزرق أبيض» في استطلاعات الرأي ليظهر كأكبر حزب بعد الانتخابات، ففي استطلاع حديث أجرته القناة 13 في إسرائيل، من المتوقع أن يحصل حزبه على 36 مقعدًا مقابل 33 مقعدًا لحزب الليكود، ما يضعه في المقدمة، ويمنحه المبادرة لمحاولة بناء ائتلاف حاكم. وعند حساب الأحزاب الأصغر التي ستدعم كلا الحزبين الكبيرين في بناء الائتلاف، لا يزال حزب أزرق أبيض يحتفظ بالمركز الأول، فمن المتوقع أن تحصل الكتلة اليمينية برئاسة الليكود على 54 من أصل 120 مقعدًا في الكنيست، في حين يُتوقع أن تحصل كتلة يسار الوسط بقيادة حزب أزرق أبيض على 58 مقعدًا، بفارق 3 مقاعد عن الـ61 مقعدا اللازمين لتأمين الأغلبية.هذه النتيجة تجعل حزب إسرائيل بيتنا العلماني اليميني الذي يتزعمه «أفيغادور ليبرمان»، والذي من المتوقع أن يحصل على 8 مقاعد، هو الحزب الحاسم للأغلبية من الحزبين الكبيرين. يُشير «بيل ترو»، من صحيفة «ذي إندبندنت» إلى أنه «أصبح من غير الممكن التنبؤ بقدرة نتنياهو على الحكم في ضوء إجراءات محاكمته، كما من المرجح أن تضعُف قدرته على تشكيل حكومة جديدة بعد التصويت من خلال إثارة الشكوك بين شركاء الائتلاف المحتملين». في هذا السياق، من المتوقع أن ينجذب «ليبرمان» نحو دعم «غانتس» أكثر من «نتنياهو»، وهي نتيجة من شأنها أن تُعزز خروج رئيس الوزراء من السلطة.وما يزيد من مشاكل «نتنياهو»، حقيقةً أن المُحدد الرئيس لاستراتيجيته في حملته، هو تنفيذ صفقة القرن التي قدمها الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب»، وتدعم إقامة سلام بين إسرائيل والفلسطينيين - لن يكون قبل الانتخابات، فالولايات المتحدة هي من تسمح لإسرائيل بضم كامل غور الأردن والقدس الشرقية، وكذلك الأراضي في الضفة الغربية، التي تحتوي على مستوطنات إسرائيلية؛ حيث عززت الوعود بضم هذه المناطق دعم «نتنياهو» الانتخابي، الذي يُنظر إليه على أنه محوري في تأمين تطوير الصفقة.يقول «دانيال إسترين»، مراسل الإذاعة الوطنية العامة الأمريكية «NPR» في القدس إنه «من المتوقع أن تُساعد خطة الرئيس «ترامب» للسلام في الشرق الأوسط رئيس الوزراء الإسرائيلي «نتنياهو» على الفور في الوفاء بوعد الحملة الانتخابية بضم الأراضي المحتلة، وأضاف «لكن هذا لم يحدث كما كان يأمل نتنياهو»، لأن المسؤولين الأمريكيين، بمن فيهم مستشار ترامب في الشرق الأوسط ومهندس الصفقة «جاريد كوشنر»، قد طالبوا إسرائيل بعدم ضم أي أراضٍ قبل الانتخابات الإسرائيلية في 2 مارس». لذلك ليس أمام «نتنياهو» الكثير لاستغلال صفقة القرن من أجل حصد الأصوات في الانتخابات المقبلة، وبالنظر إلى أنه لم يتم حتى الآن اتخاذ أي خطوات لتنفيذ ما جاء في الصفقة، وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة تأمل بوضوح في أن تُعزز حليفها في محاولة إعادة انتخابه؛ إلا أن البعض رأى أن تفكير المسؤولين في السماح بتنفيذها في الحال يحمل مخاطرة كبيرة للغاية بالنسبة إلى نجاح الخطة.يقول «دان شابيرو»، سفير الولايات المتحدة السابق لدى إسرائيل «يُدرك كوشنر»: أن قيام إسرائيل فورًا بضم هذه المناطق سيخنق تلك الجهود لحشد الدعم العربي من أجل الخطة، وهو ما جعل نتنياهو في حيرة من أمره، ما اضطر «كوشنر» إلى تعديل خطته لتحاشى الغضب العربي الناتج عن ضم إسرائيل أراضي جديدة». وكان هناك قلق أيضًا في حال خسر «نتنياهو» الانتخابات، فإن خليفته سيكون مستاءً من حقيقة أن الصفقة قد تم الإعداد لها بطريقة سعت إلى تعزيز احتمالات إعادة انتخاب «نتنياهو»؛ والذي ربما يوتر العلاقات بين واشنطن وتل أبيب مستقبليًّا.وبالنظر إلى تعدد الأدلة التي تُشير إلى مواجهة «نتنياهو» عثرات في الانتخابات المقبلة، فمن المنطقي أن نتذكر أيضًا حقيقة أن هذا سيُقلل إلى حد كبير من قدرته على التهرب من العدالة في حالة إدانته بالتهم الموجهة إليه. ويرى الكثير من المراقبين أن سعيه للحصول على فترة رئاسة وزراء أخرى نابع في المقام الأول من رغبته في تحصين نفسه من المقاضاة، وإذا أخفق، وشكَّل زعيم حزب أزرق أبيض «بيني غانتس» الائتلاف الحاكم، فلن تُتاح لـ«نتنياهو» هذه الفرصة. وكتب «بن كاسبيت» في موقع «المونيتور»: إن «استراتيجيات هروب نتنياهو من العدالة تتراجع، وخياراته تتبدد، بعد أن صار خيار الحصانة غير متاح عقب انسحابه من الكنيست الحالي. وفيما يزعم محاموه أنه يمكنه أن يطلب الحصانة مرة أخرى، إلا أن احتمال حدوث مثل هذا السيناريو يتلاشى، ويبقى طوق النجاة الوحيد المتبقي له في محاولته الفوز في الانتخابات».ومع ذلك، لا تزال هناك فرصة سانحة، وإن تضاءلت إلى حد لا بأس به منذ الانتخابات العامة الأخيرة، بأن ينجح «نتنياهو» وحزب الليكود في الحصول على أغلبية حاكمة داخل الكنيست الإسرائيلي. وبات جليًّا أن مجرد الحديث عن الإطاحة به وتنحيته بعيدًا عن مقاليد السلطة والحكم أمر مبالغ فيه، لأن «قضايا الفساد لم تؤدِّ سوى إلى القليل من تآكل شعبيته الانتخابية وقاعدته على حد سواء». ووفقًا لما أشار إليه مراسل شبكة «سي إن إن» الأمريكية «أورين ليبرمان»، فإن «نتنياهو استطاع قنص قيادة حزب الليكود من خلال الأغلبية الساحقة، وظل مترئسا الحزب الذي قاده لأكثر من عقد من الزمان بالإضافة إلى ذلك حصل بالفعل على دعم الأحزاب الدينية واليمينية كافة». ونظرًا إلى عدم انهيار قاعدة «نتنياهو» الشعبية، وما تُقدِّمه له من دعم وتأييد رئيسين كما توقع البعض، لا يزال هناك احتمال بأن ينجح في إحراز الفوز، كما يعتقد بعض المحللين أن هذا لا يزال احتمالا ممكنًا إذا استمر في إثبات صدق روايته التي يزعم من خلالها بأنه - بصفته رئيس الوزراء وما يتمتع به من حنكة - يُعتبر المرشح الأكثر جدارة بالثقة فيما يتعلق بتمثيله للمصالح الإسرائيلية في الداخل والخارج، وذلك بصورة أفضل من زعيم تحالف «أزرق أبيض» المنافس الرئيس له». ويُسلِّط «جوزيف فيدرمان»، من وكالة «أسوشيتد برس» الضوء على ذلك تحديدًا عبر قوله: «طوال الحملة الانتخابية الحالية، بذل «نتنياهو» جهودًا جبارة لتشتيت انتباه الناخبين عن مسألة محاكمته وقضايا الفساد المتورط فيها». مضيفا، «لطالما سعى «نتنياهو» إلى تصوير نفسه كرجل دولة مؤهَّل بشكل فريد لقيادة البلاد في أوقات عصيبة، متفاخرًا بكون إسرائيل باتت دولة مصدرة للغاز الطبيعي، وكذلك باستراتيجيته في مواجهة إيران وإقامة تحالفات وراء الكواليس مع دول عربية، ناهيك عن أنه يُشير إلى نقطة بعينها أكثر من أي شيء آخر، ألا وهي صداقته الوثيقة مع الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب»، مؤكدا أنها تمنح إسرائيل فرصة فريدة لتعزيز أجندتها الدولية». وفي الواقع، أكد الاستطلاع الذي أجرته القناة 13 الإسرائيلية أنه عندما سُئلت عينة من المواطنين الإسرائيليين عن من هو الأنسب لقيادة البلاد، أيَّد 43% منهم «نتنياهو» مقابل 35% أيدوا «غانتس». وتشير تلك النتائج إلى تأثُّر «نتنياهو» حتمًا وتهاوي شعبيته، ولكن لا يمكن الجزم بأي حال من الأحوال بسقوطه وهزيمته في مارس.وفي نهاية المطاف، فإن هزيمة «نتنياهو» مثلما تنبأ بها الكثيرون، ربما تكون الأرجح في اللحظة الراهنة. فمازالت شعبيته تتسم بالتذبذب في نتائجها من خلال الكثير من استطلاعات الرأي، بالمقارنة بحزب أزرق وأبيض، كما لم تتحقق طموحاته لتنفيذ «صفقة القرن» قُبيل الانتخابات الإسرائيلية، فإذا انتهت المسألة بإقرار أن «نتنياهو» مذنب، فقد يجد نفسه في السجن، مقوضًا تاريخه السياسي الطويل. ومع ذلك، «لا تزال هناك فرصة لإعادة انتخابه في مارس، إذا استطاع إقناع الناخبين أن خبرته في الحكم وإدارة مقاليد الدولة أكثر أهمية من نزاهته. وبالمقابل قد تحمل تلك الانتخابات بارقة أمل للفلسطينيين، والإسرائيليين المعتدلين والشرق الأوسط بأكمله، كونها قد تُنهي عصر «نتنياهو» الظالم والمظلم».

مشاركة :