حسام الفحام يكتب : انهيار الأخلاق.. وممارسات الفئة الضالة

  • 2/27/2020
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

نحن من صنع الأخلاق وعلمها للبشر.. الملك  تحتمس الثالث بطل معركة قادش .. بطل أول حرب عالمية فى التاريخ البشرى كله .. كانت مصر فى كفة .. والامبراطورية الحيثية و ممالك العالم القديم فى آسيا فى الكفة الثانية.. و قهرهم البطل المصرى .. و أمر جيشه بعدم الخروج عن أخلاق الحرب التى وضعها الاجداد .. وعندما تحدث معه قادة الجيش عن همجية و بربرية الحيثيين .. قال : "نحن الأمة التى صنعت الاخلاق".   ظهور أقدم منظومة أخلاقية تجرى على قواعد راسخة فى العالم، منذ أن خلق الله الأرض، كان فى مصر، وتحديدًا فى عهد الدولة القديمة، تحت راية ما يعرف بـ«ماعت» وهى إله العدل والحق والصدق، ومكثت هذه المنظومة الأخلاقية قرونا طويلة، وهو ما ساهم فى تدشين الحضارة المصرية العظيمة، منطلقة من عصر بناة الأهرامات. إن المنظومة الأخلاقية المصرية المبكرة، كان لها الأثر العميق فى العقل البشرى، وعندما اندلعت ثورة ضد الملك بيبى الثانى، آخر ملوك الأسرة السادسة، ونهاية الدولة القديمة، سادت حالة فوضى عارمة، عقودًا طويلة، أسقطت هذه المنظومة الأخلاقية.   إن المصريين توصلوا إلى الضمير، ومنظومة القيم الأخلاقية قبل هبوط الرسالات السماوية بـ2000 عام، رصدت ما تركه أحد ملوك إهناسيا، لابنه من وصايا فى كتاب، يُذكره فيه بالقيم الأخلاقية وسمو منزلتها، مع العلم أن ملوك إهناسيا جاءوا عقب ثورة غرقت فيها مصر، فى مستنقع الفوضى، سنوات طويلة، واندثرت فيها القيم الأخلاقية.   ولما أصبحت الأخلاق منبوذة، إثر سقوط النظام الخلقى القديم، وتدهورت الفضيلة نفسها «ماعت» حتى صارت لا تدرك إلا بشعور خلقى أكثر حساسية عن ذى قبل، عقب اندلاع ثورة، ظهر المجتمع الفاسد الأخلاق بشكل لا أمل فى إصلاحه فى نظر بعض فلاسفة الاجتماع الذين هالهم ما رأوه، من تداعى وانهيار النظام الخلقى القديم، ثم ظهر على أثر ذلك ولأول مرة فى التاريخ عصر التشاؤم وزوال الوهم، ورسم رسل الاجتماع فى ذلك الوقت، صورة بشعة عما كان موجودا من الفساد والفوضى.   إن حكماء ذلك الزمن، وعقب يأسهم وإحباطهم من حالة الفوضى العارمة، وانهيار المنظومة الأخلاقية، بشروا بقدوم المخلص، وهو الاعتقاد بمجىء حاكم قوى عادل، يكون فاتحة عصر ذهبى لإقامة العدالة بين البشر.   إن المنظومة الأخلاقية، عقب الثورة ضد الملك بيبى الثانى، وانهيار مصر فى مستنقع الفوضى، وكأنه يسرد نفس الأحداث التى تمخضت عن اندلاع ثورة 25 يناير 2011 م وما نعيشه الآن. وطول السنوات التسع الماضية التى أعقبت 25 يناير، انهيار تام للمنظومة الأخلاقية، واستباحة للحق والعدل والصدق، فشاهدوا ما يحدث على مواقع التواصل الاجتماعى، ستكتشفون أنها بالوعات صرف صحى أغرقت البلاد، ولوثت العباد، شكلا ومضمونا، لا فرق بين نجم، وشخصية عامة، وبين مواطن بسيط، الجميع وقع فى المحظور.   سباق مريع فى تدشين السفالة والانحطاط، دشنه فى البداية اتحاد ملاك يناير، وسار على نهجه، فنانون ورياضيون وشخصيات عامة ومواطنون عاديون، فى السوشيال ميديا، وفى الشارع، استمعوا لأغانى المهرجانات، وما تحويه من كوارث أخلاقية، وشاهدوا أفلام البلطجة والدعارة والمخدرات، واستمعوا لهتافات روابط الأندية فى المدرجات، وشاهدوا سلوك سائقى سيارات الميكروباصات، والتكاتك، وماذا يفعلون فى الشوارع !!   وهل شاهدتم الأحداث التى وقعت عقب مباراة الأهلى والزمالك فى دولة الإمارات الشقيقة، ومدى الانهيار الأخلاقى المريع من الجميع، وكانوا أسوأ سفراء لمصر خارج البلاد..؟! هناك انهيار أخلاقى يتزايد بشكل مرعب فى المجتمع المصرى، وصارت الشتائم البذيئة والأصوات الزاعقة، عناوين فرد العضلات وإثبات الوجود، وصارت السوشيال ميديا بالوعات مجارى، تقذف بصرفها الملوث والمميت، فى وجه العباد، مهددة بكوارث، إن لم يكن هناك تدخل جراحى سريع..!!   هؤلاء السفهاء..يحصدون الشهرة و الملايين..تم إشهارهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي أولًا, ثم نقلهم إلى شاشات الفضائحيات , ليصيروا نجوم المجتمع و قدوة للصغار و الشباب، ويسببون حالة من الاستياء بين الشباب المكافح وهو يرى حثالات المجتمع ترتقي و تجني أموالا طائلة من السفه. إذا كنت تظن أن ما يحدث حولك من محض الصدفة…أو كنت لا تدري أساليب تصنيع أوبئة بشرية تضرب معنويات و ذوق و كيان المجتمعات و تنشر بينهم الرذائل و الأفكار المنحطة. إن أهل الشر يعيدون إنتاج مرحلة تخريب المجتمع و هذا السلاح هو الاكثر فتكًا من الفوضى و القنابل…يعيدون إنتاج مرحلة 2005 – 2011 , و جعل السفهاء في الصدارة .   وأنت أيها المشاهد و المتابع و المتحدث والناقد من تساهم في شهرتهم و تعيد نشر صورهم و أخبارهم..و تردد أسماءهم و تتابع جعيرهم..أنت أحد الأسباب الأساسية في شهرة و إثراء هؤلاء…فلو تجاهلتهم لما صعدوا لصدارة المشهد و صاروا حديث الناس.   اضرب على سخافاتهم بيد من حديد و لا تسقط في فخ الجدل و المهاترات و ضياع الوقت و المجهود والموارد.. استمر في طريقك الجاد فهؤلاء يفشلون عندما تفرض إرادتك و بكل حزم و قوة.   أنتم تستطيعون تغيير كل شيء..قاطعوا كل من افسد أخلاقيات المجتمع.. قاطعوا هذه الفئة الضالة.. قاطع كل من يهين بلدك فى اي شيء حتى تحيا مصر  فى سلام وحضارة ورقي وتقدم.

مشاركة :