أطمة (سوريا) (رويترز) - عندما فرت أسرة حسن مغلاج من القصف الذي دمر قريتها في شمال غرب سوريا، وجدت نفسها أمام جدار رمادي مصنوع من الخرسانة ومتوج بالأسلاك الشائكة يمتد عبر الحدود مع تركيا ويحول دون دخولها. لذا يعكف مغلاج على بناء كوخ صغير بكتل إسمنتية بمحاذاة الجدار كي يحتمي فيه. وقال مغلاج وهو عامل بناء يبلغ من العمر 45 عاما لرويترز ”لم يعد لدينا ملاذ إلا الجدار لأنه لا توجد مساحة. وأنا أريد أن يبقى أطفالي بالقرب مني“. وأصبح الجدار البالغ ارتفاعه ثلاثة امتار جزءا من الحياة اليومية لأسر مثل أسرة مغلاج التي فرت من هجوم الجيش السوري على شمال غرب سوريا للاحتماء قرب الحدود. ونزح قرابة مليون شخص بسبب القتال في منطقة إدلب على مدار الشهور الثلاثة الأخيرة في أكبر موجة نزوح جماعي خلال الحرب المستمرة منذ تسعة أعوام. وبنت بعض الأسر التي تقطعت بها السبل عند الحدود التركية المغلقة، منازلها الجديدة بمحاذاة الجدار. وتستخدمه الأسر دعامة لنصب خيام أو بناء ملاجئ مؤقتة. ويعلق عليه الناس ملابسهم لتجف. ويلعب الصبية عليه بمحاولة تسلقه بينما وضع رجل سياجا عند الجدار لزراعة البصل. لكن الجدار رمز لكيف لم يعد للناس الذين هربوا من الرئيس السوري بشار الأسد أي مكان يلجأون إليه في الوقت الذي تكتسب فيه القوات السورية بدعم روسي أرضا في آخر معقل كبير للمعارضة. ولم يكن هناك مكان لزوجة مغلاج وأطفاله في مخيم أطمة المجاور، الذي تمتد فيه الخيام باللونين الأبيض والأزرق عبر البلدة والذي يكتظ بالفعل بالسوريين الذين نزحوا خلال معارك سابقة في الحرب. ويقول مغلاج إنه إذا تقدم الجيش صوب الحدود، فسيكون أول شخص يتسلق الجدار حتى لو أدى ذلك إلى مقتله. وقال ”لا مجال للشك. لدي أطفال. لا يوجد خيار آخر.. حيا أم ميتا“. وخلف الجدار توجد أبراج مراقبة وأسيجة معززة في منطقة يحرسها الجنود على مدار الساعة. وقال أبو شام (25 عاما) الذي هرب من قريته في إدلب ”اليوم الناس تسعى للحصول على مأوى عند الجدار التركي.. هذا الجدار الذي بني لمنعنا من الدخول“. وحاول أن يبتعد قدر الإمكان عن جبهات القتال. وقال ”إذا ذهبت إلى أي منطقة أخرى فسيتقدم النظام صوبها أيضا. الآن نحن عند آخر نقطة في الجدار وإذا وصل القتال للجدار فالناس إما سيذبحون هنا أو سندخل تركيا بطريقة أو بأخرى“.
مشاركة :