دروس مستفادة من أقدم مصرف بريطاني

  • 2/27/2020
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

دروس نتعلمها من أقدم مصرف خاص في المملكة المتحدة؛ المملوك من عائلة واحدة لأكثر من 300 عام، وتعد الأصول العائلية في قطاع الشركات العائلية من المساهمات الفريدة وغير الملموسة التي يتجلى فيها تأثير العائلات في الشركات، وهو أمر حيوي لتحديد هويتها. تحتاج الشركات العائلية من أجل استمراريتها إلى تحديد وتطوير تلك الأصول العائلية الفريدة التي يتم تعزيزها عبر الأجيال. يمكن أن تأخذ هذه الأصول أشكالا مختلفة، مثل اسم الشركة وسمعتها، وتاريخ العائلة والأعمال، وتبني فلسفة فريدة في العمل، والقيم التي تتبناها الشركات العائلية، والروابط وشبكة العلاقات التي تبنيها على مر الأجيال. وإحدى السمات الرئيسة للشركات العائلية التي تعد شرطا لاستدامتها هي مساهماتها المرتبطة باستراتيجيتها. في حال غياب الأصول على الصعيد التشغيلي، لا يمكن الاستفادة منها بكفاءة لصنع رؤية واضحة للمستقبل. إضافة إلى ذلك، تسهم الأصول الفريدة للعائلة في ترسيخ هوية الشركة والتعريف بها والعلامة التجارية بين أفراد الجيل الجديد، الذي قد يظهر رغبة في الانضمام إلى الشركة العائلية. أما الموظفون العاملون في الشركة من خارج العائلة فتحفزهم روح العمل السائدة في شركة تملك إحساسا عاليا بالتقاليد والهوية، وقد تخسر الشركات أصولها العائلية خلال نموها، بسبب زيادة عدد أعضاء العائلة وأصحاب المصلحة، خاصة في ظل غياب التخطيط طويل الأمد لهذا النوع من إدارة الأصول، أو المؤسسين أو المديرين الملاك من الجيلين الثاني أو الثالث. يجب على المديرين الملاك الانخراط في عملية إعادة تحديد الأصول العائلية أكثر من أي أمر آخر لضمان مشاركتهم على صعيد الاستراتيجية ورؤية الشركة. ينبغي للمديرين الملاك التركيز على ثلاثة متغيرات رئيسة عند وضع خطط طويلة المدى: - تحديد الأصول العائلية الأساسية وكيفية الاستفادة منها في ظل ظروف العمل الحالية. - معرفة أي الأصول العائلية قابل لتمريره إلى الأجيال اللاحقة، أو المديرين من خارج العائلية، أو المالك الجديد. - تنظيم القيادة والإدارة في الشركة بشكل يخول الأصول العائلية من إضافة قيمة لاستراتيجية العمل. إنه أساس ثابت فيعد C. Hoare & Co -أقدم مصرف خاص في المملكة المتحدة أسس عام 1672- مثالا على كيفية عمل تلك المتغيرات على أرض الواقع. فمنذ تأسيس السير ريتشارد هور؛ للمصرف غير محدود المسؤولية، نجح في جذب العملاء بسبب استقرار المصرف رغم عمله في أجواء تسودها حالة من عدم اليقين. تمكنت مئات المصارف العائلية المماثلة من البقاء حتى نهاية القرن الـ20، عندما استحوذت المصارف الكبرى محدودة المسؤولية على المصارف الأصغر غير محدودة المسؤولية. يعد اليوم ألكسندر س. هور؛ من الجيل الـ11 أحد الشركاء الثمانية في المصرف. وبحسب ألكسندر؛ لطالما كان طموح عائلته استمرار القيام بالأفضل، من خلال العمل كموظفين عاديين في جميع أقسام المصرف، بما في ذلك الائتمان والتمويل والاستثمار. ويقول ألكسندر: لم يكن لدى العائلة أي رغبة في قبول عروض الاستحواذ التي قدمتها شركات أكبر. أفراد العائلة موظفون في الشركة، وظف المصرف في مراحل مختلفة نحو 12 شخصا من أفراد العائلة تراوح أعمارهم بين 20 و80 عاما. لكن فقط قلة منهم تمت ترقيتهم ليصبحوا أعضاء في مجلس الإدارة. يعمل جميع أفراد الأسرة موظفين ومديرين وملاكا. ومع ذلك عادة يكون أفراد الأسرة موظفين عاديين . لم تشعر العائلة بالحاجة إلى الدعاية للحصول على عملاء جدد؛ كون المصرف يقدم خدماته لعديد من عملائه من العائلات لعقود طويلة. لكن رغم ذلك، توسعت قاعدة عملاء المصرف مع الوقت، وتنوعت بين ملاك العقارات إلى رواد الأعمال والشركاء والأفراد والشراكات المدارة من المالك، والمكاتب العائلية والجمعيات الخيرية. مع هذا التنوع، طور المصرف خدماته لمواكبة هذه التغييرات: قروض، وعملات أجنبية، وإدارة الثروات، والتخطيط المالي ونقل الملكية في حالة الوفاة، والاستثمارات، وخدمات ضريبية. تحولت عائلة هور أخيرا نحو المهنية والاحترافية ولا سيما في مجلس الإدارة العليا. فديفيد جرين الرئيس التنفيذي الحالي من خارج العائلة، انضم للمصرف في 2003. كما هو الحال مع السير نيكولاس ماكفيرسن رئيس مجلس الإدارة الحالي. ومع ذلك، فإن جميع أسهم المصرف مملوكة من قبل الشركاء الثمانية فضلا عن كونهم من العائلة. مع ما يقرب من ألفي شخص من أبناء عموم هور في الأسرة الممتدة، لا يقوم المصرف بتوزيع الأرباح على جميعهم. بل يتم توزيعها على الشركاء الثمانية فقط، ولم يتغير هذا الإجراء منذ عام 1928. كونها شركة غير محدودة المسؤولية، يتحمل كل من الشركاء الثمانية مسؤوليات غير محدودة عن أنشطة المصرف. يقول ألكسندر: "يؤثر ذلك في سلوكنا، ويجبر الشركاء الثمانية على إدارة وتخفيف حدة المخاطر التي قد يواجهها المصرف". تستطيع العائلة من خلال حفاظها على تركيزها، تحسين وتوسيع قيمة أصولها على المدى الطويل. وعلاوة على ذلك، تنجح العائلة في الإمساك بزمام الأمور عندما تكون الأصول العائلية متينة.

مشاركة :