عمان/اسطنبول (رويترز) - قال مقاتلون من المعارضة السورية مدعومون من الجيش التركي يوم الخميس إنهم استعادوا السيطرة على مدينة سراقب الاستراتيجية، وهو أمر يمثل أول انتكاسة كبرى للجيش السوري في هجوم تدعمه روسيا وحقق فيه مكاسب سريعة. وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن التطورات الأخيرة في صالح أنقرة وذلك بعد ثلاثة أسابيع من خسارة المعارضة للمدينة التي تقع بشمال غرب البلاد وتربط بين طريقين سريعين رئيسيين. وذكر التلفزيون الروسي يوم الخميس أن عسكريين أتراكا في محافظة إدلب السورية يستخدمون صواريخ محمولة على الكتف في محاولة لإسقاط طائرات حربية روسية وسورية. وإذا تأكد ذلك فسيكون تصعيدا خطيرا في الصراع. وقال شهود إن مقاتلات سورية شنت مجددا ضربات جوية يوم الخميس على مناطق سكنية في مدينة إدلب. وسعى الجيش السوري في الأشهر الأخيرة جاهدا لاستعادة آخر معقل كبير للمعارضة في شمال غرب سوريا في الحرب المستمرة منذ تسع سنوات والتي دفعت الملايين للنزوح وأودت بحياة مئات الآلاف. وأرسلت تركيا آلاف الجنود وعتادا عسكريا ثقيلا إلى محافظة إدلب السورية في توغل لمساندة المعارضين في مواجهة هجوم تشنه قوات الرئيس السوري بشار الأسد. ونزح قرابة مليون سوري في الأشهر الثلاثة الأخيرة في أكبر نزوح جماعي منذ بدء الحرب. وقالت الأمم المتحدة يوم الخميس إن المعركة لها تبعات إنسانية ”كارثية“ مع زيادة عدد القتلى من المدنيين وتدمير مدارس ومستشفيات. وفي جنيف، قالت نجاة رشدي كبيرة مستشاري الشؤون الإنسانية لمبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا إن 134 مدنيا على الأقل، من بينهم 44 طفلا، قتلوا في فبراير شباط وحده. وأضافت أن سبعة أطفال كانوا بين 11 قتيلا في ضربة جوية على مدرسة في شمال إدلب يوم الثلاثاء. وكررت دعوة أطلقها الأمين العام للأمم المتحدة لوقف إطلاق النار. وقال أردوغان في أنقرة إنه سيمضي قدما في الحملة مضيفا أن عدد القتلى في صفوف القوات التركية بالمنطقة ارتفع إلى 21. وقال الرئيس التركي ”التطورات في إدلب تحولت إلى صالحنا. لدينا ثلاثة شهداء فليرقدوا بسلام. لكن على الجانب الآخر خسائر النظام كبيرة جدا“. وأضاف ”معركتنا ستستمر. محادثاتنا مع الروس مستمرة...إذا لم يكن هناك دعم من روسيا أو إيران سيكون من المستحيل على الأسد الصمود“. وفي وقت سابق يوم الخميس قال معارضون مدعومون من تركيا إنهم أحرزوا تقدما في إدلب. وقال ناجي مصطفى المتحدث باسم الجبهة الوطنية للتحرير، وهي تحالف فصائل مسلحة تدعمها تركيا ”تحرير مدينة سراقب الاستراتيجية بالكامل من عصابات الأسد“. لكن وكالات أنباء روسية نقلت عن مصدر عسكري روسي نفيه هذا قائلا إن قوات الحكومة السورية صدت بنجاح هجوما للمعارضة على المدينة. وقال مسؤول تركي بعد ذلك إن قوات الأسد مدعومة بغطاء جوي روسي شنت عملية لاستعادة سراقب. وقال المسؤول لرويترز ”تدور اشتباكات عنيفة“. وحققت القوات الحكومية بدعم من مقاتلين إيرانيين مكاسب في شمال غرب سوريا منذ ديسمبر كانون الأول. وذكر المرصد السوري أن قوات الحكومة سيطرت على حوالي 60 بلدة وقرية في ريف إدلب الجنوبي وفي محافظة حماة المجاورة في الأيام الثلاثة الماضية. وقالت المعارضة إن قتالا عنيفا لا يزال يدور في منطقة سيطر عليها الجيش المدعوم بمقاتلين إيرانيين في تقدم جديد قال المرصد إنه أتاح للقوات الموالية للحكومة السيطرة على جنوب إدلب بأكمله. * تعثر المحادثات التركية الروسية يجيء تقدم المعارضة في سراقب قبيل انتهاء مهلة في آخر فبراير شباط كان قد حددها أردوغان لانسحاب قوات الأسد من أراض تقول تركيا إنها جزء من منطقة عازلة تم الاتفاق عليها مع روسيا. وقال أردوغان إن تركيا ستجبر القوات الحكومية على الخروج من المنطقة إذا لم تنسحب، وقال عمر جيليك المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه أردوغان يوم الخميس إن الإعداد لهذا اكتمل. وأضاف ”عندما يحل الموعد المحدد لانسحاب قوات النظام ستنهض القوات المسلحة التركية بواجباتها استنادا للأوامر التي تتلقاها، ويجب ألا يشك أحد في عزمنا على هذا“. وقال أردوغان يوم الأربعاء إن من المرجح أن يجتمع مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في اسطنبول يوم الخامس من مارس آذار لبحث الوضع في إدلب. لكن الكرملين قال يوم الخميس إن بوتين ليس لديه أي خطط في الوقت الراهن لإجراء مثل هذه المحادثات في ذلك الموعد. وقال جيليك إن العمل جار من أجل تحديد موعد للاجتماع. ويجري مسؤولون أتراك وروس محادثات لليوم الثاني في أنقرة يوم الخميس. ولم تحقق جولتان سابقتان في أنقرة وموسكو تقدما ملموسا. وبالإضافة إلى دفع آلاف الجنود والعتاد العسكري إلى المنطقة عبر الحدود، أقامت تركيا مواقع جديدة استعدادا لعملية تركية على حد قول المعارضة. وقال مسؤول معارض بارز على اتصال بالجيش التركي إن الحملة المدعومة من تركيا ستستمر حتى يتم طرد الجيش السوري من المنطقة العازلة ولن تبدأ مفاوضات جادة بشأن التوصل لتسوية قبل تحقيق ذلك. وتقول تركيا، التي استقبلت بالفعل 3.6 مليون لاجئ سوري، إنها لا يمكنها التعامل مع موجة جديدة من المهاجرين وأغلقت حدودها. وأقام بعض النازحين أماكن إيواء لهم على امتداد الجدار الحدودي الذي أسندوا إليه بعض الخيام. وقال إبراهيم الإدلبي، وهو شخصية من المعارضة على اتصال مع الفصائل المقاتلة، إن السيطرة على البلدة يخفف الضغط على المقاتلين الذين فقدوا في الأيام الأخيرة سلسلة من الأراضي المهمة في ريف إدلب الجنوبي وجبل الزاوية. وأضاف ”أكملت فصائل الثوار هذا الصباح سيطرتها على سراقب بعد تقدمها على عدة محاور. هذا يخفف من وطأة تقدم قوات النظام“. وتقع سراقب عند التقاء طريقين رئيسيين أحدهما يربط العاصمة دمشق وحلب، ثاني أكبر المدن السورية، والثاني طريق سريع غربي البحر المتوسط. وكانت استعادة الطريق السريع (إم5) الذي يمتد جنوبا إلى دمشق بمثابة مكسب كبير لقوات الحكومة إذ استردت بهذا السيطرة على الطريق الواصل بين أكبر مدينتين بسوريا لأول مرة منذ سنوات. وقالت مستشارة الأمم المتحدة إن الضربات الجوية والقصف تؤثر على عشرات التجمعات السكانية والقرى في إدلب وحماة مشيرة إلى أن 11 منشأة طبية و15 مدرسة تلقت ضربات هذا الشهر. وأضافت نجاة رشدي ”هناك تقارير عن تجمد أطفال من البرد حتى الموت. احتياجات المدنيين في الشمال الغربي تتخطى قدرة الاستجابة الإنسانية“.
مشاركة :