يوميات عائلة صينية تونسية ....عطلة بطعم الكورونا

  • 2/28/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

لطالما كانت عطلة عيد الربيع في الصين فرصة لزيارة الأهل والاصدقاء أو السّفر والتّجوال بعيدا عن تعب العمل وروتينه. وباعتبارها من أطول العطل الصّينية أياما ومن أكثرها اهمية بالنسبة للعائلة الصينية، لم يكن برنامج قضائها استثنائيا بالنّسبة لعائلتي، فالاحتفال بعيد الرّبيع لن يكون إلاّ في بيت والدي زوجي كما جرت العادة كلّ سنة. ارتدينا ألوان الفرحة والبهجة مستقبلين سنة الفأر الجديدة بكلّ تفاؤل. لكن ما عكّر صفو هذه الاجواء هو خبر انتشارعدوى فيروس جديد لا يعرف مأتاه و لا تعرف ماهيته. خبر أصبح محلّ انتباه ومتابعة، فقد أثار الحيرة و القلق في نفوس الجميع. بدأت مشاعر الخوف تنتابني عندما سرد لنا حماي ما وقع سنة 2003 عند انتشار السارس و كيف كانت تجربة القضاء مهمّة غير سهلة، وشرح لنا صعوبة التصدي للوباء. مضيفا أنّ سنة الفأر جلبت الكثير من المصاعب و الأزمات عبر عقود و لطالما تخوّف منها الصينيّون. بدأت احصائيّات اعدد المصابين و الوفيات تكشف عن سرعة العدوى لهذا الفيروس، وأخذت الاوضاع تتأزّم شيئا فشيئ في مدينة ووخان وأعلن على الفور عن اغلاق المدينة. ومع غلقها تملكني شعور بالحزن و الأسى، لأنّها المدينة التي احتضنتني ثلاث سنوات خلال دراستي للماجستير. ازداد قلقي أيضا على مصير أصدقائي هناك، والذين لم يعودوا الى أوطانهم، فكنت على تواصل مستمرّ معهم إلى أن تمّ إجلاء أغلبهم و العودة بهم لديارهم. كان زوجي قد اعدّ لي مفاجأة العيد، وهي رحلة إلى جنوب البلاد، ولكن مع انتشار الفيروس واتّخاذ اجراءات حظر التنقّل بين المدن و قطع الطرقات، ألغيت المفاجأة، و عدت مع زوجي و أبنائي إلى بيتي. و من ذاك اليوم لم تجتز ساقي عتبة المنزل. فقد شدّدت السّلطات الصّينية اجراءات الوقاية من الفيروس و منع الخروج من البيت إلاّ في الحالات القصوى. كنت أقضّي معظم وقتي في رعاية أبنائي و القيام بشؤون البيت، شاردة الذّهن بالمواكبات و الأخبار اليوميّة لما يحدث في ووخان و المناطق الأخرى، و لم تنقطع مراسلاتي لعائلتي و أصدقائي في تونس لطمأنتهم على سلامتي. فيما كان زوجي متطوّعا مع مجموعة المتطوعين في المجمّع السكني المجانب لنا. مع أنّي لم أوافقه على هذه الفكرة في البداية نظرا لمخاطر العدوى، إلاّ أنّ إصراره و مواظبته على المشاركة رغّبني في المشاركة أيضا. ولولا صغر سن أبنائي لتطوّعت أنا أيضا. في ظلّ ازدياد عدد المصابين و عدد الوفيّات، ازداد قلقي، فمتى ينتهي كابوس الفيروس؟ لم أر الخوف في عيني زوجي مطلقا، بل على العكس تماما، كانت الثّقة تملأ صوته وهو يطمئنني في كلّ مرّة. مؤكّدا على أنّ الفيروس وضع وقتي وسيمضي، و ما علينا إلاّ تطبيق ما أقرّته الحكومة من اجراءات و التزام الحذرفي كلّ حين. هكذا مرّ شهر على هذا الحال، شهر تواصلت فيه جهود جميع الأطراف لمكافحة الوباء دون انقطاع، كفاح وراءه عزيمة وثقة بالتّغلّب على الفيروس مهما كلّف الأمر. رغم أنّ الوضع تحسّن بشكل ملحوظ، إلاّ أنّ الوقاية تبقى واجبة على كلّ فرد، فالفيروس لا يفرق بين الاعمار و الأجناس و الاعراق. وبالتّزامن مع تراجع عدد المصابين داخل الصين، يزداد عددهم في بلدان أخرى، فكيف ستتصدّى هذه الدول لهذا الفيروس الغامض؟ نأمل السلامة للجميع!

مشاركة :