قالت إكرام الأشقر، الأكاديمية وأستاذة النقد المسرحي بالجامعة اللبنانية، إن المسرح العربي يعيش حالة من التراجع رغم الطاقات المسرحية العربية الكبيرة، مع توفر نصوص مسرحية عربية قادرة على إعادة المسرح العربي للواجهة الفنية لتعود الحركة المسرحية العربية لتألقها مجددا. لكن ليس هناك من يوظف هذه الطاقات المسرحية العربية وتلك النصوص المتفردة في خدمة العالم العربي وقضاياه. وأضافت الأشقر، التي تشارك في معرض يقام حاليا بكلية الفنون في مدينة الأقصر، أن المسرح هو مرآة المجتمع، وهو القادر على صياغة صورة حضارية لمجتمعاتنا، وأن على الحكومات العربية دورا كبيرا في استعادة الدور الغائب لفن المسرح العربي. كما رأت أن المسرح العربي بوجه عام شهد في ستينات القرن الماضي نهضة مسرحية كبيرة لا تزال آثارها باقية حتى اليوم، وأن المسرح اللبناني شهد في تلك الفترة المهمة من تاريخ المسرح العربي انفتاح المسرحيين على أوروبا والعالم العربي، وأنجزوا دراسات في كل ما يتعلق بالمسرح من إخراج ونصوص وغير ذلك. وأن الباحث في تاريخ المسرح العربي يجد زخما وحضورا قويين للمسرح العربي بين بقية الفنون، وأما المتابع للمشهد المسرحي العربي الراهن فلن يجد شيئا لافتا. حول تأثير الحروب والثورات على فن المسرح، قالت إكرام الأشقر إنه بالرغم من الحروب والأزمات التي مرّ بها وطنها لبنان، فإنه شهد ظهور حركات مسرحية رفيعة نجحت في معالجة الواقع اللبناني برغم كل آلامه، وتمكنت من تجسيد الواقع على خشبة المسرح بكل قوة، وأن من بين الذين كانت لهم بصمات قوية على مسيرة المسرح اللبناني نجد جلال خورى ونبيه أبوالحسن وزياد الرحبانى وروجيه عساف ونضال الأشقر، وغيرهم كثير. وأشارت إلى أن هناك وجوها مسرحية عربية ولبنانية قدّمت الكثير لمسيرة المسرح العربي، لكنها لم تحظ بما تستحق من ظهور ومن تسليط للضوء على أعمالها ومسيرتها المسرحية مثل مسرح سعيد تقي الدين الذي تميز بالثراء الفكري والثقافي، مشيرة إلى قيامها بإعادة تقديمه وتقديم مسرحياته في كتاب خاص حمل عنوان “مسرح سعيد تقي الدين بين التنظير والتطبيق”، والذي جاء في 626 صفحة. كما رأت أن الحرب الأهلية التي جرت على أرض لبنان قبيل عقود كانت لها تأثيرات متباينة على الحركة المسرحية بالبلاد، فقد أسفرت تلك الحرب بعد نهايتها عن ظهور حركة مسرحية نشطة، لكنها أسهمت أيضا في ظهور ما يُعرف بالمسرح الطائفي أو الجهوي أو المناطقي، فصار لكل منطقة ولكل جماعة مسرحها الخاص. لكن وخلال العقد الأخير، تضيف الأكاديمية اللبنانية، “بدأ المسرح اللبناني يستعيد مكانته ودوره الوطني ويحاكى هموم الناس ويجذب جمهورا كبيرا من كل أطياف الشعب، وليس من النخب والطبقات المثقفة فقط”. وأكدت على وجود أياد خارجية تعمل على إلغاء الفن بصفة عامة والفعل المسرحي بصفة خاصة في العالم العربي، بهدف إلغاء الهوية العربية، في إشارة إلى أن الفن هو أحد أسلحة الحفاظ على الهوية الوطنية للشعوب. وحول تأثير الثورة التي شهدها لبنان مؤخرا على المسرح ببلادها أكدت على أن تلك الثورة التي شاركت فيها كل الفنون اللبنانية ستخلق حركة مسرحية قوية، وستظهر تجلياتها على كل الفنون بلبنان، لكن تلك الحركة تحتاج إلى بعض الوقت للنضوج، مضيفة أن الجيل الجديد في لبنان أصبح أكثر قدرة على تحمل مسؤولياته الفنية والوطنية. ورأت أن المسرح في لبنان له مستقبل جيد، خاصة مع الإقبال الكبير على دراسة فنون المسرح بالجامعات اللبنانية، وهو أمر لم يكن موجودا في السابق، وهذا الإقبال على دراسة المسرح سيسهم في خلق حالة من التنافس الفني، متمنية أن يغترف ذلك الجيل الجديد من المسرحيين في لبنان من التراث ومن ينابيع ومفردات حضارة العرب والشرق برؤية فنية معاصرة تجمع الأصالة والمعاصرة. وأشادت الأكاديمية اللبنانية بتجربة “مسرح إسطنبولي” و”جمعية تيرو للفنون” بمدينة صور ورأت أنها تجربة فنية خاصة ومتميزة وحقّقت نجاحا لافتا، رغم كل المعوقات والصعوبات التي تواجهها. وأشادت أيضا بمهرجان “أيام صور الثقافية” الذي انتظمت نسخته الأولى في شهر يناير الماضي على المسرح الوطني اللبناني بمدينة صور، بهدف إحياء التراث الثقافي والفني والحضاري للمدينة من خلال العروض الفنية وإقامة معارض للحرفيات والأشغال اليدوية والرسومات والصور الفوتوغرافية وعروض الأفلام السينمائية والمسرحية والموسيقية. يذكر أن إكرام الأشقر أكاديمية وباحثة لبنانية تقوم بتدريس مادة النقد المسرحي بكلية الفنون الجميلة في الجامعة اللبنانية، وحاصلة على درجة الدكتوراه في المسرح من الجامعة اليسوعية بلبنان، وتمارس فن الرسم إلى جانب تدريس المسرح وإنجاز الدراسات المسرحية،. ولها كتاب “الرقص لغة الجسد” وكتاب “مسرح سعيد تقي الدين بين التنظير والتطبيق”، وسبقت لها المشاركة في الكثير من المؤتمرات المعنية بقضايا المسرح، والمعارض والملتقيات التشكيلية في كل من لبنان ومصر والإمارات والعراق وسوريا وكندا والولايات المتحدة وفي بلدان عديدة أخرى.
مشاركة :