اكتسحت ظاهرة التسول الإلكتروني وسائل التواصل الاجتماعي، وأصبحت تزداد وتنتشر مؤخراً، من دون معرفة الشخص أو الجهة التي تحاول الحصول على المال، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، إذ يستطيع المتسول أن يصل إلى العديد من الأشخاص بشكل متخفٍّ؛ حيث لم تعد العبارات النمطية التي يطلقها المتسولون ” لله يا محسنين ” لاستدرار العطف أمام الأسواق والمولات التجارية وبجوار المساجد، وسيلة وحيدة للتسول وإنما اتخذ التسول سيناريو مغايرا مستعينا بالتقنية ووسائل التواصل الاجتماعي، ليتحول التسول إلى واجهة في “تويتر ” وـ “فيسبوك “، مرورا بـ واتساب، وذلك في رسائل مجهولة المصدر، وإن حملت أرقاما هاتفية، سواء محلية أو من الخارج.والغريب أن الرسائل التي تصر على استجداء الآخرين تعول كثيرا على الثقة التي يفترض أن تنالها رسائلهم، والمتضمنة مساعدات مالية وتبرعات لمرضى ومحتاجين، والمذيلة بتقارير طبية لا تعرف صحة مصدرها أو مضامينها، إذ يبادر بعض المتسولين بوضع حساباتهم البنكية لتحويل التبرعات عليها، في إشارة واضحة إلى أن تجاوب المتبرعين «قاب قوسين أو أدنى». وتعدى التسول الإلكتروني مسألة المرض، إلى تبرعات الديات، التي تجد صداها في تغريدات على حسابات المشاهير بوجه خاص، مستغلين الكم الكبير للمتابعين. وهنا يبدر التساؤل: ألا يعد هذا انتهاكا لنظام الجرائم المعلوماتية، وتعديا على حقوق أصحاب الحسابات الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي؟ فإذا كان من حق المتسولين السؤال في الشوارع دون اقتحام خصوصية أحد، أفلا يعد اقتحامهم حسابات شخصيات بعينها؛ «تويتر وفيسبوك وواتس آب»، تعديا على الخصوصيات؟الأسباب ومراحل الظاهرة وأوضحت المحامية نجود عبدالله قاسم المحكمة، والمدربة المعتمدة بقولها: تفشت في الآونة الأخيرة ظاهرة التسول الالكتروني عبر مواقع التواصل الاجتماعي لطلب المساعدات المالية؛ بحجة العوز والحاجة الماسة وللأسف يتم جمع أموال طائلة من أعداد كبيرة من الناس بهذه الطريقة. ورغم التحذيرات المستمرة من عدم التجاوب مع مدعي الحاجة عبر وسائل الاتصال الالكتروني والتوجيه للتعامل مع الجمعيات الأهلية والحكومية الخيرية المعتمدة من قبل الدولة إلا أنه وللأسف نجد الكثير ممن يتجاوب ويتفاعل معهم ويدفع المبالغ الطائلة رغم حاجة البعض الفعلية لمثل هذه الأموال؛ سواء كانت صدقات أو زكاة أو وقفاً أو معاونة. أسباب التسول وحددت المحامية قاسم ، أسباب التسول بشكل عام تقليدي أو الكتروني، في عدة نقاط، أبرزها ضعف الوازع الديني، البعد عن المسألة الأمنية والقانونية وعدم تجريمه، وسيلة مريحة للكسب السريع، عدم التعرف على شخصية أو هوية من يقوم بالتسول الإلكتروني، غياب الرقابة على اختلافها في الفضاء الإلكتروني، وربما أيضا كنوع من جريمة النصب والاحتيال والاستيلاء على أموال الناس. واستذكرت مراحل التسول التي تطورت منذ عام 2002، بظهوره إلكترونيا، من خلال موقع إلكتروني أطلقته أمريكية تدعى كارين بوسناك، كتبت فيه مناشدتها لـ20.000 شخص بالتبرع لها بدولار واحد، لإجراء عملية جراحية لوالدتها المريضة، لتنتشر الظاهرة بذات الكيفية وتتنوع بمرور الوقت. وتعتقد أن التمدد بسبب لمسات العطف تجاه الآخرين، وما يحثنا عليه ديننا من مساعدة وعون، لذا البعض الآخر يستغل هذا الأمر ليتمدد في المطالب ونوافذه. وحذرت قاسم من خطورة التسول الممنهج الذي يتم عبر منظمات ربحية تدعي إنشاء مشاريع خيرية وهمية، وتنشئ مواقع مجانية لهذا الغرض، ليقع المرء في دائرة أخطر.
مشاركة :