نهيان بن مبارك: «هاي أبوظبي» رسالة سلام ومنصة للتعددية الفكرية

  • 3/1/2020
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

أبوظبي: نجاة الفارس أكد الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان عضو مجلس الوزراء وزير التسامح أن تكريم الشاعر والمفكر العربي القدير أدونيس والاحتفاء بعيد ميلاده التسعين في ختام فعاليات مهرجان «هاي أبوظبي» الذي نظمته وزارة التسامح بالتعاون مع هاي للفنون والآداب بالمملكة المتحدة في منارة السعديات، يعد احتفاءً بالكلمة الشاعرة وبتاريخ طويل من الإبداع والعمل المتواصل، كما أنه اعتراف بقيمة وقامة الشاعر على المستويين العربي والعالمي، معبراً عن فخره بأدونيس كشاعر صاحب مشروع أدبي متميز، تتلمذ على يديه العديد من الأسماء البارزة في سماء الشعر والأدب. جاء ذلك عقب حفل التكريم الذي نظمه مهرجان هاي أبوظبي في ختام فعالياته بحضور الشيخ نهيان بن مبارك وسعيد غباش رئيس جامعة الإمارات والسفير الفرنسي لدى الإمارات وعفراء الصابري المدير العام بمكتب وزير التسامح وعدد كبير من مبدعي العالم، الذين قدموا بانورما شعرية باللغات الألمانية والإنجليزية والفرنسية والصينية والعربية مهداة إلى أدونيس في ميلاده، قدم لها الناقد الدكتور علي بن تميم رئيس هيئة أبوظبي للغة العربية، وشارك فيها الشعراء: زليخة أبو ريشة، وفولكر براون، وقاسم حداد، وبيير جوريس، ويانج ليان، وسيرجي باي، وأندريه فيلتر، وقبل أن يلقي الشاعر العربي الكبير كلمته، شكر الشيخ نهيان بن مبارك والشعراء والحضور، ثم قدم للجمهور قصائد من أهم أعماله. وعبر الشيخ نهيان بن مبارك عن سعادته بنجاح أبوظبي في تنظيم هذا المهرجان العالمي، وقال: «وفر المهرجان منصة واسعة لعدد كبير من الأدباء والشعراء وعلماء العالم ليشاركوا الجميع إبداعاتهم في حوارات راقية تتسم بالعمق واحترام الاختلاف وقبول الآخر، ليخرج الجميع من المهرجان فائزين» مضيفاً: إن هذا المهرجان كان رسالة سلام ومحبة وتسامح إلى العالم أجمع، وهذه هي رسالة وزارة التسامح التي تسعى لتحقيقها دائماً، لأن التسامح والأخوّة الإنسانية بالنسبة لنا، هي أسلوب حياة، نستحقها جميعاً ويستحقها العالم معنا، ولذا، فإن مهرجان هاي أبوظبي كان منصة رائعة لاستعراض تجربة الإمارات الفريدة في تعزيز التسامح والأخوّة الإنسانية كتجربة يمكن القياس عليها وإهدائها إلى العالم أجمع. وأضاف الشيخ نهيان بن مبارك: شكل مهرجان هاي أبوظبي منصة حقيقية للتعددية وحرية الفكر، فلم يصادر أحد على فكر أحد، ولم يستبعد أحد نتيجة لاختلافنا مع رأيه أو مواقفه، وكان للجميع أن يتحاوروا وفق قواعد الأخوّة الإنسانية واحترام الآخر بصرف النظر عن رأيه أو معتقده أو لونه أو جنسيته. وتمنى أن تكون الدورة الثانية من المهرجان أكثر ثراء وعمقاً وتأصيلاً لقيمة أبوظبي، كعاصمة للفكر والإبداع إلى جانب كونها عاصمة للنهضة والتقدم. وثمن الشيخ نهيان الدعم الكبير الذي قدمته القيادة الرشيدة في الإمارات للمهرجان كمنصة للثقافة والتسامح معاً، رافعاً أسمى آيات الشكر والتقدير إلى صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة - حفظه الله، وأخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي رعاه الله، وأخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة. الاحتفاء بأدونيس: ,وشكر أدونيس الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، ومهرجان هاي والحضور على هذه الحفاوة، بينما أكد الدكتور علي بن تميم في تقديمه للأمسية، مكانة الشاعر الكبير، وما قدمه من إرث شعري متعدد ومتفرد في شق دروب جديدة في الشعر العربي ما زلنا إلى يومنا هذا نسلكها ونقتفي أثرها، وأضاف: «اليوم هنا في أبوظبي مع جمهور أدونيس وهذه المجموعة الاستثنائية من الشعراء، نحتفل بتلك السنبلة المتفردة التي اتسعت حقولاً وتكاثرت قمحاً وخبزاً في قلب كل محبي الشعر». وقرأ أدونيس قصيدة بحضوره المهيب وإلقائه القوي جاء فيها: صرت أهوى الجلوس إلى صخرة المستحيل /‏‏‏ مثل طفل يحب الرحيل في الفضاء /‏‏‏ على صهوة من قصب /‏‏‏ وأقول بلا دهشة عجبي أنني لم أشيخ /‏‏‏ عجبي أن هذا الحطام لم يزدني إلا بهاء /‏‏‏ وأنا الآن طفل كأن القمر جرس في خطاي /‏‏‏ بلا دهشة أقول لي هواي ولي صخرة لا تزول. وفي نهاية الاحتفالية قام الشيخ نهيان بن مبارك بقطع قالب الكيك مع أدونيس وباقي الشعراء وأسرة «هاي أبوظبي». ونظمت السفارة الفرنسية لدى الإمارات قبل الاحتفالية، حفل استقبال على شرف الشاعر أدونيس، وأعرب خلاله السفير الفرنسي لودوفيك بو، عن سعادته بالاحتفال بالشاعر الكبير الذي يمثل مصدر إلهام بما يقدمه من إبداع. وقال «يمثل تجمع شعراء من مختلف دول العالم في أبوظبي، وإلقاء قصائدهم بلغات عديدة أجمل رسالة تسامح وحرية وسلام وانفتاح وحوار مع الآخر للعالم، شكراً لوزارة التسامح على رعايتها للمهرجان، ولجهودها لتعزيز الحوار بين الثقافات، وجهودها في مجال التعاون بين فرنسا والإمارات العربية المتحدة». من جانبه، أشار أدونيس إلى اعتزازه بهذا التكريم، قائلاً: «يزيدني هذا اللقاء الثقافي ثقة بأن الآخر المختلف لم يعد مجرد عنصر في التفاعل، وإنما أصبح بعداً مهماً من الأبعاد التي تكون الذات نفسها في تفاعلها مع الآخر، وهذا ما كان استشرفه المتصوفون العرب بقولهم «أنا هي الآخر». وأضاف: «هذا الأمر يشير إلى أمور عديدة أحرص على ذكر اثنين منها، الأول هو أن الهوية الثقافية لم تعد إرثاً بقدر ما أصبحت إبداعاً، والثاني أن للإنسان بوصفه كينونة خلاقة لا يقول نعم في مجابهة العالم إلا بما يحرر الإنسان لا من الخارج فقط، ولكن من الداخل، والفن بمختلف تجلياته هو الذي يفصح عن طاقات الشعوب ويستكشف آفاقها ويتيح لحضورها على هذه الأرض الإشعاع المتميز الفريد». قراءات شعرية وكان مهرجان «هاي أبوظبي» قد اختتم أعمال يومه الأخير بأكثر من 25 فعالية مختلفة شارك فيها أكثر من 32 شاعراً وكاتباً من مختلف أنحاء العالم، ومن ضمن الفعاليات أمسية شعرية بمشاركة البحريني قاسم حداد والأردنية زليخة أبو ريشة بحضور أدونيس وعدد من المثقفين، في مسرح منارة السعديات، حيث قدمت أبو ريشة لمحة عامة عن مسيرة حياتها ومواجهاتها اليومية لطغيان المد الإخواني في الأردن، قائلة «كانوا يتربصون بكل ما أكتب ويكفّرونني في شعري الذي أكتبه». وقرأت تقول فيها: أنا عزلاء كتنهيدة /‏‏‏ كضحكة ابنة أخي جود في الممرات/‏‏‏ كفرح مباغت /‏‏‏ أنا عزلاء بإرادتي /‏‏‏ ولا تشبه نظراتي سهاماً تدمي القلوب /‏‏‏ ولا أحمل مسدساً في الأفراح /‏‏‏ عزلاء كشجرة على طريق /‏‏‏ كخطوة إلى حب /‏‏‏ ككنيسة جبل نيبو في مواجهة الأفاعي /‏‏‏ ومع ذلك أدير المعارك ضد الخوف /‏‏‏ والقتلة /‏‏‏ وضد كمامات الكلام /‏‏‏ وضد مرض الأشقاء /‏‏‏ أنا عزلاء /‏‏‏ وليس لديّ سوى أصابعي /‏‏‏ أعزف بها على هواء حريتي. الكتابة وشرط الحرية وقال قاسم حداد «دخلت الشعر سنة 1970 بكتابي الأول البشارة، ومعظم جيلي دخل الأدب من باب السياسة، كنا نعتقد أن الشعر شكل من أشكال النضال الوطني، أو السياسي، وبعد الديوان الأول بدأت أتعرف على التجارب بشكل أفضل، عملت في المكتبة العامة وكنت منهمكاً بالقراءة وتعرفت على ملامح مختلفة لمفهوم الشعر وتعلمت دروساً كثيرة لشعراء من عصور ثم بدأت أفهم شرط الحرية في الكتابة، واقتنعت أن الحرية هي الأهم، وهذا ساعدني أن أتعرف على تجارب شعرية وفلسفية بشكل حر». وأضاف: في هذه المناسبة أؤكد أني تعلمت الدرس الأهم في حياتي في الكتابة من أدونيس، حريتي في الكتابة وعلاقتي باللغة، وأدركت أهمية امتلاك لغتي الشعرية واكتشفت الجماليات التي تتجاوز البلاغة التي نتلقاها في المدرسة. وقرأ حداد بإلقائه العذب الهادئ مجموعة قصائد بينها واحدة بعنوان «الأب» قال فيها: ما الذي جاء بي /‏‏‏ يا أبي /‏‏‏ والقطارات مشحونة بالشجر/‏‏‏ القطارات ذات الحديد الحزين /‏‏‏ ستخطفني بغتة /‏‏‏ في غموض المطر/‏‏‏ ما الذي يا أبي /‏‏‏ حطني في الطريق إلى الماء/‏‏‏ للناي يقتلني بالصدى /‏‏‏ كلما مرّ بي/‏‏‏ يا أبي /‏‏‏ ما الذي جعل العانسات البعيدات يشغفن روحي /‏‏‏ ويغزلن مثل الأغاني النحلة/‏‏‏ قمصان قلبي /‏‏‏ ويمسحن مثل الهدايا جروحي /‏‏‏ ويصقلن بي غربة المتعب/‏‏‏ يا أبي ما الذي جاء بي /‏‏‏ نحو هذا النبيذ الغريب/‏‏‏ كأن الجسور /‏‏‏ وغيم البحيرات والشجر الحر /‏‏‏ أرجوحة الغائب/‏‏‏ ها أنا بعد بحرين، تنتابني /‏‏‏ يا أبي مثل برق بحارك /‏‏‏ فارأف بطفلك/‏‏‏ واكتب له نجمة في السديم /‏‏‏ كأنك خلق له /‏‏‏ خارج الكوكب. «زرايب العبيد» حظيت ندوة الروائية الليبية نجوى بن شتوان بحضور واهتمام كبيرين وخاصة من جانب المرأة العربية، وتطرقت في حديثها مع الإعلامية بروين حبيب إلى محطات في حياتها وأهم أعمالها وتوقفت الندوة كثيراً عند رواية «زرايب العبيد» التي جاءت صادمة للواقع لأنها فتحت تجارة النخاسة في ليبيا بعمل روائي لا يختلف كثيراً عن وقائع حدثت بالفعل. وقالت نجوى بن شتوان: «إن تجربتها في الكتابة ركزت من اللحظة الأولى على أن تكون نابعة من البيئة الليبية بعمقها التاريخي ومكانها في المنطقة والعالم، وواقعها المعيش» مؤكدة أن العمل الثقافي والإبداعي خلال فترة ما قبل 2011 كان صعباً للغاية، ولذا فإنها فضلت الهجرة ليتسنى لها الانطلاق إلى عالم الكتابة، وهي وإن ركزت على قضايا تخص المرأة، إلا أنها حريصة على أن تكون روايتها محط اهتمام الجميع، مشيرة إلى أن كلمة السر في نجاح أي عمل إبداعي هو الصدق، ووضوح الرؤية وعمق الفكرة.

مشاركة :