قال مختصون نفطيون "إن قرار دول "أوبك" الإبقاء على سقف إنتاجها دون تغيير، سيشجع دولاً من خارج "أوبك" على زيادة إنتاجها، وبالتالي السيطرة على حصص جديدة في السوق من خلال كسب عملاء مستهلكين جدد". وأوضح المختصون لـ "الاقتصادية"، أن "أوبك" لم تكن سببا في هبوط أسعار النفط أو زيادة المعروض في السوق، لذا فإن إبقاءها على سقف إنتاجها كما هو، من شأنه خلق تنافس محموم بين الدول المنتجة سواء من داخل "أوبك" أو خارجها على الحصص، خاصة إذا رفعت العقوبات الاقتصادية عن إيران. وقال لـ "الاقتصادية" كامل الحرمي، المختص النفطي الكويتي، "إن الإبقاء على سقف إنتاج "أوبك" أو تغييره لم يعد عاملا مهما يؤثر في وضع السوق النفطية"، مشيرا إلى أن السعودية وعلى لسان المهندس علي النعيمي وزير البترول والثروة المعدنية، أكدت أن زيادة الإنتاج لكل دولة يعتبر حقا سياديا، بمعنى أن كل دولة من الآن من حقها أن تنتج ما تخطط له. وتابع، "إن دور المنتج الذي كان عامل ترجيح لوضع السوق قد انتهى"، مشيرا إلى أن كافة الدول المنتجة للنفط تحاول زيادة حصتها في السوق عن طريق كسب عملاء مستهلكين جدد، أو المحافظة على هذه الحصص قدر الإمكان مهما اختلفت آليات تحقيق ذلك. ولفت الحرمي، إلى أنه بعد قرار "أوبك" ستبدأ مرحلة تنافس على حصص السوق خاصة إذا ما تم رفع العقوبات الاقتصادية عن إيران في حال توصلت إلى اتفاق نووي مع الغرب بنهاية الشهر الحالي، مؤكدا أن إيران ستحرص في اليوم التالي من رفع العقوبات على ضخ مليون برميل من النفط الخام في السوق، كما أن إيران لديها ما يقارب 30 مليون برميل من النفط على ناقلاتها الآن وهي في انتظار رفع العقوبات عنها حتى تجد هذه الكمية طريقها إلى السوق. ولفت إلى أنه بعد هذه الفترة أي رفع العقوبات، فإن لدى إيران طاقة إنتاجية 400 إلى 500 برميل من النفط الخام، كما أن العراق لديها قدرة على إنتاج 3.2 مليون برميل، لذا فإن كافة الدول المنتجة للنفط ستحرص على تدفق إنتاجها على السوق للتنافس والمحافظة على الحصص في السوق، وذلك عن طريق زيادة إنتاجها سواء من النفط الصخري أو التقليدي، أو النفط من المياه العميقة. وأفاد الحرمي أن قرار "أوبك" في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي كان قرارا تاريخيا حيث كانت الأسواق النفطية حينئذ تعيش حالة من انهيار الأسعار، لمستويات مقلقة للغاية، ولكن قرار حزيران (يونيو) الحالي وإن كان مماثلا للقرار السابق، إلا أنه لم يكن بذات القوة بالنسبة لـ "أوبك". وقال الحرمي "إن الجميع في حيرة من أمرهم بعد أن وصل سعر البرميل إلى 45 دولارا وأن يقفز إلى 60 دولارا، خلال هذه الفترة الوجيزة، فما دام وصل السعر إلى 60 دولارا، وجميع الدول تنتج حسب قدرتها الإنتاجية، فلتترك السوق لعاملي العرض والطلب، ولتجتهد كل دولة في المحافظة على حصتها من السوق قبل تدفق النفط الإيراني". وأوضح الحرمي، أن وضع السوق لن يستقر ما لم تكن هناك طفرة في الطلب على النفط الخام، وما لم يتحقق ذلك فستكون الأسعار عند المعدلات الحالية 60 دولارا للبرميل. من جانبه، قال حجاج بوخضور، المختص النفطي الكويتي، "إن قرار الإبقاء على سقف الإنتاج دون تغيير من شأنه أن يدفع الدول المنتجة للنفط إلى التسابق من أجل المحافظة على حصصها السوقية، خاصة مع دخول فصل الصيف الذي يشهد عادة زيادة في الطلب على النفط". وأوضح أن الدول المنتجة للنفط من داخل "أوبك" ستحرص على المحافظة على حصتها في السوق دون أن تتناقص خاصة مع دخول موسم الصيف حيث يرتفع الطلب، في ظل سعي دول أخرى من خارج "أوبك" إلى الاستفادة من هذه الزيادة في الطلب لضخ مزيد من إنتاجها في السوق. من جانبه، أكد الدكتور عبدالله السلطان، رئيس هندسة البترول في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، أن قرار "أوبك" الإبقاء على حصتها دون تغيير كان متوقعا، لأن كثيرا من المنتجين الصغار الذين دخلوا السوق خلال فترة السنوات القليلة الماضية ما زالوا موجودين على الرغم من انخفاض عمليات الحفر والإنتاج لديهم بحكم الأسعار خلال فترة الأشهر التسعة الماضية. وأشار إلى أن المنافسة من خارج "أوبك" ظلت دائماً موجودة، والجميع يحاول إيجاد حصة في السوق، والمنافسة تحتدم عندما ترتفع الأسعار وتقل بسبب المخاطرة عند انخفاض الأسعار. وأضاف السلطان أن تركيبة السوق الحقيقية لن تتضح قبل الربع الأخير من هذا العام، وبالطبع فإن المستثمرين في النفط غير التقليدي وصغار المنتجين لن يقفوا مكتوفي الأيدي خلال فترة انخفاض الأسعار وسيجدون لهم حصة محددة في السوق تكفل لهم حفظ رأس المال المستثمر، مشيراً إلى أن هدف "أوبك" هو أن يحترم الجميع حصته السوقية وتبقى المنافسة مبنية على العرض والطلب. ورأى السلطان أن المدى البعيد هو الأهم في عملية تشكيل السوق النفطية ومدى تنافسية المنتجين خارج "أوبك" بما في ذلك النفط غير التقليدي.
مشاركة :