لنضع صور المطلوبين الذين أعلنت وزارة الداخلية أسماءهم قبل أيام أمامنا، ونتأمل عبر قراءة لملامحهم وما تشي به وجوههم من طفولة عمرية لنجد أنهم صغار في السن وبالكاد يصل عمر الكثير منهم إلى ثمانية عشر عاماً، وهو عمر زمني لايمكن أن يتشكل فيه وعي الإنسان وقناعاته وإيماناته وتعمقه في كثير من القضايا الحياتية فضلاً عن القضايا الفكرية وبالذات ما يدخل في باب الفقه والاستنتاج والتفسير والتأويل والاجتهاد وأمور الدين، ومهما اشتغل الإنسان على نفسه لتثقيفها وزيادة مخزونها من المعرفة وتأسيس مسار فكري له مدعوماً بقناعات حاول أن يستمدها من تجارب وأفكار المفكرين والمصلحين الذين سبر غور وعيهم ومنتج فكرهم، فانه لن يتسنى له أن يكون ملماً وواعياً بالاختلافات والتفسيرات والقراءات المختلفة للمدارس الفقهية والمرجعيات الدينية لأن عمره الزمني وتحصيله التعليمي وقدرته على الاستيعاب والفهم والقدرة على القبول أو الرفض أو تفكيك النص الفقهي، وتحليل الرأي الديني كلها لا تسمح له بذلك، ولا يمكن أن تجعل منه إنساناً عاقلاً مميزاً لما يقرأ ويفهمه كما يجب؛ لأن ثقافته وذخيرته المعلوماتية ضعيفة أو هي محاكاة بليدة لشيوخ السطحية والجهل والفراغ الذهني والعقلي. لقد ابتلينا بشباب انساقوا عن جهل بالانخراط في مستنقع ما سمي بالصحوة حيث بدأ مصطلح الصحوة في الظهور في حقبة الثمانينيات الميلادية على يد عدد من الاشخاص في ذلك الوقت من أمثال سلمان العودة في بريدة، وعائض القرني في أبها، وسفر الحوالي في جدة، وناصر العمر وسعد البريك في العاصمة الرياض، وضلل شبابنا بأفكار التطرف والإقصاء والتكفير وشحنهم نفسياً وفكرياً على كل من يتعاطى التنوير ويسعى إلى توطين الحداثة في المجتمع بل ورفض كل من يتعامل مع الحياة والمجتمع بمفاهيم وسلوكيات العصر وثقافة الحاضر، ومتغيرات الزمن. وهذا أنتج مجموعة من الصحويين (صحويون من ماذا؟!) مشحونة بالكراهية والحقد، بدأوا بإحراق محلات الفيديو والتسلط على الناس في تفاصيل حياتهم حتى وصلنا إلى التفجيرات والاعتداء على المصلين الخاشعين الركع السجود في بيوت الله. والسؤال : شباب في أعمار المراهقة لم يصل الشخص منهم إلى نيل شهادة الكفاءة المتوسطة، يخطئ في الإملاء واللغة والفهم لمعاني المفردات، تحولوا إلى قتلة مكفرين رافضين لنظامهم السياسي والاجتماعي، ويسعون إلى اغتيال وطنهم وذبحه ليكون المواطن بلا انتماء وهوية وإرث حضاري وثقافي وفكري. السؤال من صاغهم بهذا التوحش؟ أحسب أننا مسؤولون كآباء وأسر عن بعض هذا ونشارك شيوخ الصحوة في هذا الجرم بإهمالنا، وعدم متابعتنا بل ورقابتنا لسلوك أبنائنا واحتضانهم وتوعيتهم بقيم وأخلاقيات الصحراء، والمحافظة على الجغرافيا والتاريخ كهوية شامخة. لمراسلة الكاتب: RashedFAlRashed@alriyadh.net
مشاركة :