ما زال خطر الإفلاس شبحا يطارد اليونان ويهدد بتفسخ منطقة اليورو وبفشل مشروع العملة الأوروبية الموحدة، وينذر بارتدادات كارثية على الاقتصاد العالمي بسبب احتمال تفشيه في اقتصادات أوروبية أخرى. وتصر الحكومة اليونانية الجديدة على ترشيد سياسات التقشف كما وعدت ناخبيها، فيما ترتعد الأسواق كلما جاء موعد سداد اليونان قسطا جديدا من أقساط المساعدات الأوروبية بسبب الخوف من عدم وفاء أثينا بتلك الشروط، والتخلف عن سداد جزء من ديونها المتراكمة التي يعود معظمها للمصارف الأوروبية، خاصة الألمانية والفرنسية. وأعرب زيجمار جابريل وزير الاقتصاد الألماني عن اعتقاده أن طاقة أوروبا على احتمال الأزمة اليونانية وصلت إلى حدها الأقصى. ووفقاً لـ "الألمانية"، فقد قال زعيم الحزب الاشتراكي الديمقراطي الشريك في الائتلاف الحاكم في ألمانيا في تصريحات لصحيفة "شتوتجارتر ناخريشتن" الألمانية الصادرة أمس، إن مسألة التوصل إلى اتفاق سريع في موضوع الأزمة اليونانية في أيدي اليونانيين وحدهم. وأضاف نائب المستشارة أنجيلا ميركل، أن من الأمور الشائكة هو أن رئيس الوزراء اليوناني أليكسيس تسيبراس ليس مستعدا للتصدي للأمور التي يتعين عليه حلها في البلاد. ورأى جابريل أن تسيبراس يريد أن يحمل مشكلات بلاده على أكتاف دافعي الضرائب الأوروبيين لكن هذا لن يتحقق. في الوقت نفسه، وصف جابريل الأجواء في ألمانيا التي تنادي بتحمل خروج اليونان من منطقة اليورو تحت شعار "النهاية المخيفة أفضل من الخوف بلا نهاية" بأنها تتسم بالمخاطرة. وأوضح جابريل أن هذه الخطوة ستكون مكلفة للغاية لأن اليونان ستبقى عضوا في الاتحاد الأوروبي وستكون مضطرة للحصول على مزيد من المساعدات. وأشار إلى أن هذه الخطوة ستعطي دفعة للقوميين في كثير من الدول وإذا خرجت أول دولة فإن هذا سيغير الحالة المادية لأوروبا. من جانبه، قال رئيس الوزراء اليوناني أليكسيس تسيبراس أمام جلسة طارئة للبرلمان اليوناني إن الاتفاق بين اليونان والدائنين الدوليين أصبح أقرب من أي وقت مضى، وذلك بعد يوم واحد من إبلاغ صندوق النقد الدولي قرار السلطات اليونانية تأجيل سداد قسط مستحق عليها الجمعة إلى نهاية الشهر الحالي. وأضاف أن المقترحات التي قدمتها الحكومة للدائنين أظهرت "رغبة أثينا الصادقة" في إنهاء الأزمة، داعيا كل الأحزاب اليونانية إلى دعم جهود حكومته لإنهاء الأزمة. ووصف رئيس الوزراء اليوناني المقترحات التي قدمها الدائنون الدوليون لحكومته في وقت سابق من الأسبوع الماضي خلال لقائه مع جان كلود يونيكر رئيس المفوضية الأوروبية بأنها "محبطة". وأشار تسيبراس إلى أنه متفائل بسحب الدائنين الدوليين لمقترحاتهم بعد خمس سنوات نحتاج إلى حل ينهي بشكل دائم الجدل حول خروج اليونان من منطقة اليورو. يأتي ذلك في حين واصلت الأسهم اليونانية تراجعها بعد تواتر تقارير بشأن قيام حكومة أثينا بإبلاغ صندوق النقد اعتزامها ترحيل أقساط الديون المستحقة عليها الشهر الجاري إلى قسط واحد تقوم بتسديده يوم 30 حزيران (يونيو). من ناحيته، اعتبر مارجارتيس شيناس المتحدث باسم المفوضية الأوروبية أن قرار اليونان تأجيل سداد قسط مستحق لصندوق النقد على أن يتم سداده مع أقساط أخرى مستحقة بنهاية الشهر الحالي لا يسبب انزعاجا للمفوضية الأوروبية. وقال شيناس إن قرار السلطات اليونانية يأتي متفقا مع قواعد صندوق النقد، مضيفاً أن هذه الخطوة لا تثير أي شكوك حول قدرة دولة عضو في الصندوق على الوفاء بالتزاماتها المالية. في المقابل، ذكر يورين ديسلبلويم وزير مالية هولندا ورئيس مجموعة اليورو أن قرار اليونان ترحيل أقساط ديون صندوق النقد المستحقة لنهاية الشهر الحالي لن يقلل حجم المشكلة، مضيفا أنه لم تظهر في الأفق بوادر اتفاق بشأن برنامج الإنقاذ المالي لأثينا. وكان صندوق النقد قد أعلن أمس الأول أن السلطات اليونانية أبلغته باعتزامها ضم أقساط الديون الأربعة المستحقة في شهر حزيران (يونيو) الجاري في قسط واحد يتم سداده في نهايته. وكان من المقرر أن تسدد أثينا أمس الأول قسطا من ديونها المستحقة لصندوق النقد بقيمة 300 مليون يورو وسداد أقساط أخرى بإجمالي نحو 1.3 مليار يورو خلال الشهر الحالي، وهناك مخاوف من عدم قدرة أثينا على الوفاء بهذه الالتزامات إذا لم تحصل على قروض جديدة من الدائنين الدوليين.
مشاركة :