في وقت متأخر من ليلة الأحد - الإثنين، زف الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة العراقية، محمد توفيق علاوي، عبر التلفزيون الرسمي، لرئيس الجمهورية، برهم صالح، نبأ اعتذاره عن تشكيل الحكومة، معزيا ذلك إلى "قوى سياسية متاجرة بالطائفية لا تأبه لمصلحة البلاد". وعلى الرغم من المخرجات الدستورية التي أعلنها برهم صالح عقب الاعتذار، تظل دفة تسيير وحكم البلاد مفتوحة على جميع الاحتمالات الصعبة. وعليه، ستعود جميع الكتل السياسية في البلاد، المرفوضة من قبل المتظاهرين، إلى تغيير تكتيكاتها وإعادة ترتيب أوراقها بعد أن أعادها اعتذار علاوي إلى المربع الأول. هذا، ولا يُعرف إلى اليوم حول ما إذا كان زعيم "التيار الصدري" مقتدى الصدر، سيخرج إلى التظاهر احتجاجا على "عدم تمرير كابينة علاوي"، كما سبق وهدد في وقت سابق. لكن أمام مختلف الاحتمالات والمفاجآت، يظل التساؤل حول ماذا تخبئ الأيام المقبلة للساحة السياسية العراقية بعد اعتذار علاوي؟ وهل فشله يعد انتصارا للمتظاهرين الذين أكدوا منذ البداية انهم رافضون له ولمخرجات مباحثاته؟ 4 رسائل مبطنة وفي ذلك، يرى مراقبون ان "اعتذار" علاوي على تشكيل الحكومة، هو "فشل" لمقتدى الصدر الممثل في تيار "سائرون" وهادي العامري الممثل في تحالف "الفتح"، في دفع علاوي رئيسا للوزراء، وهما التكتلين الأكبر في البرلمان العراقي، وأبرز وجوه النفوذ الإيراني. باسل الكاظمي، كاتب ومحلل سياسي عراقي، يرى في حديث مع موقع "الحرة"، إن اعتذار علاوي، يحمل 4 رسائل قوية: أولها كون الاعتذار هو "بمثابة إعلان لفشله، لكونه جاء من داخل رحم تسوية سياسية وحاول تشكيل حكومة محاصصة طائفية بخلاف ما قال". ثاني الرسائل، تتعلق بـ"انتصار المتظاهرين" الذين طالبوا منذ أول يوم بشخصية مستقلة ذات كفاءة ونزاهة، لقيادة البلاد وإقرار قانون انتخابات جديد. ثالثها، بحسب المحلل، تكمن في "فشل مهدي العامري ومقتدى الصدر في تمرير حكومته وتمكينه من رئاسة الوزراء، لإيمانهم بانه الشخص الأنسب لحفظ مصالحهم ونفوذهم". رابع الرسائل التي حملها "اعتذار" علاوي في طياته، بحسب المحلل، موجهة للسلطة السياسية كلها، وتكمن في "استيعاب السلطة بأن تكليف علاوي لم يكن ذو جدوى لتهدئة المتظاهرين، الذين أصروا على الاحتجاج حتى آخر لحظة". ضربة قاضية للصدر وفي جانب آخر، يرى الناشط السياسي في حراك بغداد، أحمد أحمادي، في حديث لموقع "الحرة"، ان انسحاب علاوي من التكليف بتشكيل الحكومة، يعبر عن "عمق الأزمة التي يعيشها النظام، لكون الأحزاب المكونة للنظام السياسي رغم كل الذي حدث ويحدث من جرائم ضد من المتظاهرين، إلا انها تعيش في عالم آخر". وأفاد الناشط، ان محمد توفيق علاوي "لم يكن خيار المتظاهرين، بل هو خيار الصدر وهادي العامري، وانسحابه خطوة مهمة في تعميق أزمة النظام المتهالك". والمتظاهرين، يورد الناشط، "يؤمنون بأن الحل ليس باختيار رئيس وزراء، بل بإزالة الفئة السياسية الحاكمة منذ 2003 لأنها قائمة على أساس المحاصصة الطائفية". وعن تضرر التيار الصدري من الخطوة، قال إن "انسحاب علاوي ضربة أخرى لمقتدى الصدر الذي حاول تمرير مرشحه عبر السكاكين والترهيب الذي مارسته مليشياته في ساحات التظاهر من أجل الضغط لقبول مرشحهم". وخلص إلى ان الطبقة السياسية المشكلة للمشهد في البلاد "غير قادرة على إدراك ان ما قبل الانتفاضة ليس كما بعدها، وأن المعطيات تغيرت بالفعل ووضع ايران هو الآخر قد تغير، حيث لا وجود لسليماني". فشل علاوي وانتصار المتظاهرين وجهة نظر أخرى، للناشط في الحراك، حسن رجب، يقول فيها لموقع "الحرة"، إن اعتذار علاوي "لا يعني فشله لنيل هذا المنصب الحساس فحسب، بل تأكيد على كون رأي المتظاهرين هو الأصح". وأفاد ان الاعتذار يؤكد ان المشكلة تظهر بشكل جلي مدى تفاقم الروح الطائفية والزبائنية للنخب السياسية، المرفوضة من قبل المتظاهرين. وأرد قائلا :"انسحاب علاوي من التكليف، ما هو إلا أحد الانتصارات التي سجلتها انتفاضتنا، التي هزت أركان العملية السياسية، كما اعترف عادل عبد المهدي رئيس الوزراء السابق، الذي اطاحت به تحركاتنا".
مشاركة :