انفصل الشكل عن المضمون، لو جاز القول، في مسرحية «صبح ومسا»، من تأليف وإخراج حافظ أمان، والتي قدمتها فرقة مسرح دبي الأهلي، بمشاركة الممثلين إبراهيم سالم، وبدرية أحمد، ومحمد إسحاق، أو على الأقل بدا كما لو أن بينهما تناقضاً، فالحكاية التي يعرضها العمل غارقة في الرمزية، يصعب على المتلقي أن يعرف أين تجري وقائع العمل، أو في أي زمن، ولا أسماء للشخصيات، والحوار الذي جاء باللغة العربية الفصحى، بدا محتشداً بتعبيرات وإشارات غامضة. بمقابل ذلك، أو ضده، صاغ المخرج منظر مسرحيته على نحو واقعي، بل أقرب إلى «المذهب الطبيعي»، فلقد وضع في منطقة اللعب كتلة ضخمة من سيارتين حقيقيتين، ورسم المشهد الخلفي، بحيث يحيل إلى جزء من مدينة حديثة. وظل هذا البعد المرئي من العرض كما هو، منذ البداية إلى النهاية. وما برز أكثر من سواه، على صعيد المضمون، يتعلق بحادثة سير بسيطة بين السيارتين، واحدة لسيدة بدا أنها من فتيات الليل، والأخرى لرجل سيظهر مع تطور العرض أنه مجرد سائق لمسؤول كان جالساً داخل السيارة، ولم يخرج إلا في وقت متأخر. ويبدأ بين السائق والسيدة حوار سرعان ما ينتقل من الحادثة إلى تبادل الانتقادات؛ فالسائق يستغرب وجودها في ساعة حظر التجوال، والسيدة تحتج على فكرة منع الحركة قبل العاشرة صباحاً. وفيما هما على هذا الجدل، تتسرب إشارات يُفهم منها أن قرار حظر السير هو جزء من حالة فساد إداري عامة في المدينة، التي تتخذ فيها القرارات في غرف مغلقة. وفي اللوحة الأخيرة، يخرج من السيارة المسؤول الذي سنكتشف سريعاً أنه يعرف السيدة، بل ندرك أنها كانت في طريقها إليه! هذا الاكتشاف الذي يمد الصلة بين المسؤول والسيدة، رغم أنه بدا منقطع الصلة بالسياق العام الذي أسسه العرض منذ لوحته الأولى، إلا أنه سيكون نهاية المسرحية، وعبره ستزول نبرة الاحتجاج التي ظهرت في صوت السيدة سابقاً تجاه الأوضاع الإدارية المختلة في المدينة، في إشارة ـ ربما- إلى عودة الأمور دوماً إلى ما كانت عليه، ولا شيء لا يتغير!
مشاركة :