كشفت دراسة مهمة عن فكرة يمكنها إحداث رواج سياحي، وذلك بتكاتف الأثريين والسياحيين والمجتمع المدني حول مقترح إنشاء المتاحف المفتوحة في مناطق الجبانات الصغري، ما سيكون له بالغ الأثر في تطوير فكرة المتاحف في مصر كافة.الدراسة التي اتسمت بالتميز العلمي، أجراها الباحث محمد مصطفي فوزي الباحث الأثري، وعنوانها "الجبانات الصغرى بالجيزة دراسة أثرية سياحية"، وحصل بها على درجة الماجستير من كلية جامعة المنصورة، بدرجة امتياز مع مرتبة الشرف.وأثبتت الدراسة أهمية الجبانات الصغري بما تحويه من إمكانيات ومميزات للسياحة الأثرية (Archaeotourism) حيث تتيح لها طبيعتها الخاصة المختلفة عن المواقع الأثرية التقليدية إمكانية التطوير بما يتناسب مع الاتجاه الحديث في السياحة الأثرية المتخصصة وشبه المتخصصة. والفكرة التي اقترحها الباحث في دراسته، جاءت ضمن نتائج عديدة توصل إليها، حيث أظهرت الدراسة التطور السريع الذى طرأ فى بداية الدولة القديمة والتفاوت الاجتماعى والثقافى الذى نتج عنه، ففى الوقت الذى ظهرت فيه العمارة الضخمة الخاصة بعلية القوم والنبلاء خاصة فى المنشآت الجنازية التى إرتبطت فى خصائصها بوظائف أصحابها، ظهر نوع خاص أيضا من الثقافة الخاصة بالفقراء أو الطبقة الدنيا فى عمارتهم الجنازية التى ارتبطت بدورها بخصائص وظائفهم والأعمال التى يقومون بها وتمثلت في الجبانات الصغرى. كما أظهرت الدراسة حرص المصرى القديم حتى وإن كان من الطبقة الدنيا على أن يجد لنفسه موطئ قدم فى العالم الآخر مثله فى ذلك مثل طبقة الأغنياء، وقد كانت المفاهيم القديمة تشير إلى غموض الحياة الأخروية للفقراء والطبقة الدنيا لدى المصرى القديم.وأثبتت الدراسة حرص الطبقة الاجتماعية المدفونة فى الجبانات الصغرى على القرب من مقابر الصفوة، لعل هذا القرب يتيح بعض المشاركة فى المزايا الأُخروية التى يتمتع بها الأغنياء وعلية القوم،وحرص ومقدرة من قاموا بدفن أهل الطبقة الدنيا على تشييد المقابر لهم وإمداهم بأهم وسائل ضمان الحياة الأُخروية المستقرة، فجهزت المقبرة بالعناصر المعمارية الطقسية الأكثر أهمية مثل الأبواب الوهمية وموائد وأحواض القرابين والكوات والتصميم ذى الدلالة والأوانى المناسبة لحياة الآخرة وكان حسبما أُتيح لهم من إمكانيات.و ألقت الدراسة الضوء على عادات وأضاع الدفن فى هذه الجبانات والطقوس والشعائر الجنزية التى وفر لها أهم أساسيات التصميم المعمارى والعناصر الأخرى من توابيت وموائد وآثاث جنزى حتى وإن كانت بسيطة.وأثبتت أن طبقة من دفنوا فى الجبانات الصغرى هى الطبقة التى كانت تخدم وتساعد طبقة الإدارة العليا، وكانت هى فى حد ذاتها ذات مستويات متفاوتة، فشملت الكتاب والكهنة والقائمين على مراكب المعبودات والحرفيين ورؤساء العمال وغيرهم من أصحاب المهن والحرف التى تقدم الخدمات للمستوطنة والجبانة وربما القرى والأحياء المجاورة، أى أنها الطبقة التى كانت تحافظ على دوران عجلة الإدارة فى مفهومها العام بالخدمات التى يقدمونها.وأظهرت الدراسة أن معظم هذه المواقع لم يتم اكتمال العمل بها مثل جبانة العمال وجبانة الوادي والجبانة الصغري بالجبانة الغربية ما يدعو الي الحاجة الملحة الي استكمال الحفائر في تلك المواقع للوصول الي المزيد من المعلومات التي ستكمل الصورة عن تفاصيل أكثر عن الجبانات الصغرى وأهميتها في تاريخ الدولة القديمة عامة وتاريخ الجيزة على وجه الخصوص.
مشاركة :