تستمر صناعة النفط والغاز الصخري في الولايات المتحدة في إظهار علامات التباطؤ، مع انخفاض الإنتاج في جميع الأحواض الرئيسة خارج حوض العصر البرمي Permian. لقد عانى قطاع النفط والغاز الصخري منذ بعض الوقت الضغوط المالية، لكن المستثمرين يواصلون إنقاذ أسهم شركات النفط والغاز. في هذا الجانب، أشارت "فاينانشيال تايمز" إلى أن قطاع الطاقة يتخلف الآن عن أداء مؤشر ستاندرد آند بورز 500، S&P 500 "بأكبر هامش منذ الهجوم الياباني على بيرل هاربور في كانون الثاني (ديسمبر) 1941". بمعنى آخر، لقد مر ما يقرب من 80 عاما منذ كان أداء أسهم النفط والغاز في الولايات المتحدة سيئا للغاية مقارنة بباقي الأسواق. هذه الضغوط بدأ يظهر تأثيرها في عمليات الحفر والإنتاج. حيث يظهر أحدث تقرير عن إنتاجية الحفر الصادر عن إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أن الإنتاج في جميع أحواض النفط والغاز الصخري الرئيسة خارج أحواض العصر البرمي بدأ في الانخفاض، حتى النمو المتوقع في هذا الحوض (البرمي) لشهر آذار (مارس) هو جزء بسيط من معدلات النمو التي شوهدت خلال فترة الانتعاش لعام 2018. ومحتمل أن تأثيرات فيروس كورونا لم يتم أخذها في الحسبان حتى الآن في بيانات الإنتاج. غالبا ما تستغرق التحولات في نشاط الحفر وعدد الحفارات العاملة عدة أشهر بعد حدوث تغيير كبير في الأسعار، لذلك قد يكون هناك تراجع آخر في الأشهر المقبلة. مع تراجع خام غرب تكساس الوسيط إلى دون 50 دولارا للبرميل، فإن عديدا من شركات النفط الصخري قد تصبح غير مربحة. شركات النفط الصخري معرضة بدرجة كبيرة لتقلبات الأسعار. في هذا الجانب، خفضت شركة JBC Energy في تقرير صدر لها منتصف الشهر الماضي توقعات نمو إنتاج النفط الصخري إلى 760 ألف برميل يوميا عام 2020، بانخفاض 120 ألف برميل يوميا. وقالت الشركة إن بيئة الأسعار المنخفظة حاليا التي من غير المتوقع أن تتغير في أي وقت قريب، تجعل من الصعب على شركات قطاع النفط الصخري تحقيق معدلات إكمال الآبار المتوقعة سابقا. من جانب آخر، لا يزال التحدي الدائم الذي يواجه "أوبك" وشركاءها، المتمثل في محاولة تحقيق التوازن في أسواق النفط قائما، لكن بعد أعوام من المواجهة مع النفط الصخري في الولايات المتحدة، لم تعد المشكلة تدور حول إنتاج النفط من تشكيلات العصر البرمي أو من حوض باكن فقط. في هذا الجانب، قال بنك الاستثمار "ستاندرد تشارترد" في تقرير له "على مدى الأعوام الخمسة الماضية، كان نمو إنتاج النفط في الولايات المتحدة هو التحدي الرئيس في تحقيق التوازن الذي تنشده (أوبك) وشركاؤها". لكن ليس هذا هو الحال في عام 2020؛ حيث إن الطلب على النفط هو الآن المحرك الرئيس للاختلالات بين العرض والطلب، في حين أن نمو الإنتاج في الولايات المتحدة يتباطأ. وقدر "ستاندرد تشارترد" نمو إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة هذا العام عند 0.6 مليون برميل يوميا، و0.55 مليون برميل في اليوم في عام 2021، كلاهما أقل من نصف معدل نمو الإنتاج في عام 2019، الذي قدره 1.237 مليون برميل في اليوم. ومضى البنك الاستثماري قائلا: "من المتوقع حدوث أكبر تباطؤ في إنتاج ولاية تكساس، حيث يتوقع نمو الإنتاج بمقدار 309 آلاف برميل في اليوم في عام 2020، بانخفاض عن 664 ألف برميل في اليوم في عام 2019. وأضاف البنك أن التباطؤ الحاد لم يعد وجهة نظر الأقلية بين المحللين والمستثمرين، لكن الآن هو رأي الإجماع، والمؤشرات تشير إلى مزيد من خيبات الأمل في النمو. تجدر الإشارة إلى أن أرقام النمو هذه هي أرقام سنوية، وبالتالي فإن متوسط الإنتاج عام 2020 يجب أن يزداد مقارنة بمتوسط عام 2019 حتى لو توقف نمو الإنتاج تماما الآن. الأرقام السنوية تحجب تباطؤا كبيرا بدأ منذ شهور وما زال يتكشف. من جانب آخر، أشار "مورجان ستانلي" إلى أن بعضا من أكبر شركات التنقيب عن النفط الصخري رفع معدلات توزيع الأرباح، وعده البنك الاستثماري علامة على أن إنتاج النفط سيتباطأ. على أمل وقف النزيف مع إحجام المستثمرين عن الاستثمار في قطاع الطاقة، زادت شركات النفط الصخري الكبيرة مثل Devon Energy وPioneer Natural Resources من توزيع الأرباح. وأضاف البنك الاستثماري: إننا نعد التحول نحو توزيعات أرباح أعلى وعوائد نقدية خطوة بناءة ليس فقط للقطاع، لكن أيضا للسوق، لأنه يجب أن يحد الاتجاه الصعودي لنمو الإنتاج الأمريكي إذا ارتفعت أسعار النفط. وفي الوقت نفسه، عانى منتجو الغاز الطبيعي بالفعل بعض تداعيات الأسعار. أسعار الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة أقل من دولارين لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، فقط عدد قليل من شركات الغاز يمكنها أن تحقق أرباحا عند هذا المستوى. في هذا الصدد قال أحد المديرين التنفيذيين لإحدى الشركات المنتجة للغاز معلقا على أرباح الشركة للربع الرابع من عام 2019، أجد صعوبة في تفسير سبب نمو صناعة الغاز في السوق اليوم، وأعتقد أن ترشيد المصروفات يجب أن يسود في هذه السوق غير المستدامة، حيث إن ميزانيات الشركات غير قابلة للاستمرار على هذا النحو من النفقات. وأضاف أن شركته تخطط لوقف العمل في إحدى منصاتها في شهر آذار (مارس) الجاري، وإن إنتاجها سينخفض بنسبة 3 في المائة في الربع الأول ككل، مقارنة بالربع الرابع من العام الماضي. تتوقع إدارة معلومات الطاقة أن يستمر إنتاج الغاز الصخري من حوض الآبالاشين في الانخفاض، حيث من المتوقع أن ينخفض بمقدار 200 مليون قدم مكعبة يوميا في هذا الشهر.
مشاركة :