لاحظ المحللون السياسيون ازدياد خطر الفاشية واليمين المتطرف على شعوب العالم ومستقبل السلم الأهلي والعالمي، والفاشية كما نعلم هي الوجه المتوحش والعنيف للرأسمالية عندما تواجه أزمة اقتصادية عميقة، وهذا ما حدث في ثلاثينيات القرن الماضي، وبعد الأزمة الاقتصادية الرأسمالية عام 1929، التي أدت إلى نشوء الفاشية والنازية، وكان من نتائجها ضحايا يقدرون بعشرات الملايين من الشعوب، وتدمير بلدان بأكملها والهدف هو إعادة تقسيم النفوذ في العالم. فالفاشية والعنصرية واليمين المتطرف، تكشف عن وجهها في أوكرانيا بدعم من الولايات المتحدة وأوروبا، وأيضاً في الأحزاب العنصرية المضادة للمهاجرين في أوروبا، التي توسع تأثيرها ونفوذها بين الأوروبيين، بل بدأت الفاشية بالانتشار حتى في أميركا اللاتينية، وترافق ذلك مع حملة شرسة ضد اليسار والأحزاب الشيوعية، فقرارات الاتحاد الأوروبي لمعالجة الهجرة، هي غطاء لتعزيز القمع وتقوية القوى الفاشية من خلال دعوات العنف والكراهية. لكن في المقابل هناك نهوض يساري في العالم، بعد أن عانت الشعوب من السياسات الاقتصادية النيوليبرالية، وسياسات التقشف وتفشي البطالة، وهذا دفع الأحزاب اليسارية والشيوعية إلى تحليل مبدع للنظرية والأيديولوجية، وتطوير عملها على أرض الواقع والعمل مع الجماهير والدفاع عن مصالحها، ضد التوجهات الامبريالية وانتشار دعوات العنصرية والفاشية. وأخيراً عقدت ندوة موسعة في أوروبا تحت عنوان «التهديدات الفاشية واليمينية في عصر الامبريالية والحروب»، شارك فيها عدد كبير من احزاب اليسار في العالم، وتبادلوا وجهات النظر وتجارب بلدانهم والتحديات التي تواجه اليسار فيها، وكيفية مقاومة الفاشية والامبريالية التي تغرق العالم بالسلاح، وتفتعل حروباً ومناطق ساخنة وبالتحديد في الشرق الأوسط. كما برزت دعوات في تلك الندوة، لتعاون يساري واسع وتحالفات حتى مع جماعات البيئة والخضر واليسار الأوروبي، لايقاف التوسع الامبريالي، واستنهاض حركة تحرر عالمية للشعوب، وتقريب وجهات النظر من أجل مواجهة الخطر الآني، فرغم اعتراض العديد من الأحزاب الشيوعية على حزب سيريزا في اليونان، والذي وصل إلى الحكم، إلا أن هناك من يرى أن فوز سيريزا يعكس أهمية تأجيل الخلافات الأيديولوجية والفكرية بين أحزاب اليسار عامة لمواجهة الأخطار، والهجمة السياسية والاجتماعية والاقتصادية على مكتسبات الشعوب، التي تعاني منها دول مثل اليونان وقبرص، حيث تسعى الثانية إلى استعادة وجودها في الحكم، ومناقشة أسباب تراجعها. ويعاني الشرق الأوسط من الفاشية الدينية، المدعومة من الولايات المتحدة ودول أوروبا، واستخدامها كأداة لشرذمة وتفتيت الدول العربية، على أسس طائفية وإثنية لتمكين التفوق العسكري الإسرائيلي، وتسهيل نهب ثروات بلداننا، وتحقيق المخطط الأميركي المسمى الشرق الأوسط الجديد. وليد الرجيب osbohatw@gmail.com
مشاركة :