أطل وجه الفاشية الرأسمالية - مقالات

  • 11/12/2016
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

كنت مستنداً بسذاجة إلى منطق العلاقات الخارجية الأميركية، عندما توقعت فوز كلينتون وخسارة ترامب بالرئاسة، الذي يمكن أن يربك مخططات أميركا وعلاقاتها الدولية، لكن عندما فاز ترامب وباكتساح كبير، بدأت أستعيد منطق التاريخ وقوانين الرأسمالية أو اقتصادها. فالأزمات الدورية والعامة للنظام الرأسمالي العالمي، تشكل هزات متوقعة لسلوك النظام الرأسمالي، والحروب العالمية جاءت بعد أزمات عامة شديدة الوطأة على هذا النظام العالمي، والمثال الأوضح هو الأزمة الاقتصادية العالمية عام 1929 التي سميت بالكساد الكبير، هذه الأزمة دفعت وشجعت الاتجاهات النازية والفاشية، في كل من ألمانيا وإيطاليا وإسبانيا واليابان، والفاشية هي الرأسمالية في أكثر صورها توحشاً، فلم تقم هذه الحروب إلا لإعادة اقتسام النفوذ في العالم. الآن يمر النظام الرأسمالي بأعمق أزمة اقتصادية بنيوية حدثت منذ العام 2008، بحيث لم تعد السياسات الاقتصادية النيوليبرالية كافية، لسيادة الاستقرار الاقتصادي الرأسمالي، رغم العولمة الاقتصادية، التي هيمنت على جميع الأسواق في العالم، وكرست تبعية الدول والشعوب اقتصادياً وسياسياً وثقافياً لها. ولم يعد أمام الكارتيلات والمجمعات الصناعية الرأسمالية، سوى الاتجاه نحو الفاشية وهو السلاح ذو الحدين، وحتى محاولات الإمبريالية لتطبيق سياسة الشرق الأوسط الجديد بالطرق السابقة، لم تكن كافية سواء من خلال افتعال مناطق مشتعلة في العالم، أو خلق المجموعات الدينية المتطرفة لتفتيت الشعوب والهيمنة على ثرواتها، واستمرار سيطرة القطب الواحد. فخطاب دونالد ترامب أثناء الحملة الانتخابية الشعبوي والعنصري، جاء نسخة طبق الأصل من خطابات هتلر وموسليني، التي دغدغت مشاعر ملايين العاطلين والفقراء، الذين أسقطوا معاناتهم على المهاجرين أصحاب الديانات والأعراق المختلفة، الذين استولوا على وظائفهم، وأنعش نعرتهم القومية الشوفينية ضد الأعراق الأخرى. وأما مَنْ راهن على فوز كلينتون حتى من العرب، لم يدرك أنها وترامب وجهان لعملة واحدة، إذ تذكر هيلاري في مذكراتها، أن الأميركان هم من صنعوا «طالبان» و«القاعدة» و«داعش»، وبعد انتفاضات الشعوب العربية في وجه أنظمتها عام 2011، قالت إنهم خططوا وعملوا على خلق دولة إسلامية بقيادة الأخوان المسلمين حلفائهم كما قالت، ثم تقسيم سيناء بين حماس وإسرائيل، ولكن الأميركان كما ذكرت أيضاً فوجئوا بثورة 30 يونيو في مصر وخاب أملهم، لكنهم استطاعوا السيطرة على الثورات في ليبيا وسورية واليمن على حد قولها، فهم صانعو الفاشية الدينية، وقد سُئل فيدل كاسترو الرئيس الكوبي عام 1960، عن أيهما يفضل أن يفوز بمنصب الرئاسة كيندي أم نيكسون، رد كاسترو «لا يمكن المفاضلة بين فردتي حذاء». لا نعرف ماذا يخبئ لنا المستقبل، فالفاشية مقامرة حتى في تدمير العالم، من أجل أرباح الشركات الرأسمالية، والتدمير اليوم يحمل مخاطر القضاء على البشرية، بوجود أسلحة دمار هائل، وقد كانت الإشارات واضحة، عندما أطلت النازية الجديدة برأسها في أوكرانيا وفرنسا وبريطانية وألمانيا والبرازيل، ووصلت شعبية الأحزاب اليمينية المتطرفة إلى القمة، ووهم هذه الشعوب بأن هذا هو الطريق لحل أزماتها ومعاناتها، لكن بالـتأكيد ستدفع ثمن ذلك غالياً. osbohatw@gmail.com

مشاركة :